كتاب
ما موقع العرب في نظام عالمي جديد ؟!
تاريخ النشر: 24 أكتوبر 2022 22:03 KSA
لاشك أن العرب يشاهدون انهيار النظام العالمي الليبرالي القائم، ويتساءلون عن موقعهم في أي نظام جديد سيقوم، أو بالأصح يجري بناؤه في الوقت الحاضر، وهو أمر تتم دراسته على الأرجح، في مواقع صنع القرار بشكل أكثر عمقاً مما نعرضه هنا. والعرب ليسوا كياناً سياسياً واحداً، وإنما مجموعة كيانات تربطها الجغرافيا والتاريخ. لذا سيكون هناك مستقبل خاص بكل منها، وسيعتمد ذلك على عاملين رئيسيين، أولهما داخلي، وثانيهما خارجي. في الداخل سيُحدِّد موقع كل كيان مدى نجاح خطة التنمية الخاصة به، وتماسك المجتمع، والإدارة الناجحة أو غير الناجحة في إدارة الوضع الداخلي داخله. والعامل الآخر خارجي، يعتمد على مدى قدرة كل كيان عربي على مواجهة (الاهتمام) الذي تُظهره القوى الخارجية تجاهه. ومن الواضح أن دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تسير في الطريق الصحيح، لتصبح كياناً هاماً في النظام العالمي الجديد، وبالفعل أصبحت السعودية قطباً هاماً تجذب الاهتمام العالمي، حيث تتسارع قوى إقليمية، وقبلها دولية، لكسب الود السعودي طمعاً في بناء علاقات جيدة معها، نظراً لمكانتها الاقتصادية، وتمتعها بقيادة قوية وحكيمة وناجحة، تُنفِّذ خطط نمو طموحة، وتماسك الشعب مع قيادته. بالإضافة إلى أنها قائدة العالم الإسلامي، ووجود الأراضي المقدسة في مكة والمدينة. ويبدو أن الإمارات العربية المتحدة ناجحة أيضاً في تنمية اقتصادها وثبات قيادتها. ويأتي بعد ذلك دور الدول الخليجية الأخرى، التي تسعى إلى النجاح بمشاريعها الداخلية، والتي يتوقع أن نشاهد نتائج جيدة لها في القريب. وفي الجانب الآخر من البحر الأحمر، نرى مصر تنطلق في مشاريع تنموية طموحة، وتحقق نمواً متصاعداً لاقتصادها. ولكن من الصعب الحديث عن تحقيق هذا النجاح في كيانات عربية أخرى، عدا كيانات قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة.
أما (الاهتمام) الذي تظهره القوى الخارجية لكيانات عربية متعددة، فإنه خطر آخر على استقرار هذه الكيانات. حيث دخلت ليبيا في سلسلة من (اهتمام) الدول الكبرى، بداية من تدخل عسكري لدول الناتو بقيادة أمريكية من الحلف، حسبما عبرت عنه وزيرة خارجية أمريكا حينها، هيلاري كلينتون، تلاها (اهتمام) بأشكال مختلفة قسمت البلاد بين فصائل مسلحة، شاركت فيه دول عربية وتركيا، التي اكتشفت أن لها حدوداً بحرية مع ليبيا، تحقق لها مصالح بترولية، وكذلك الأمر بالنسبة لإيطاليا وألمانيا وفرنسا وإيران وغيرها من القوى الأجنبية، بما في ذلك روسيا والصين، طمعاً في تقاسم الكعكة الليبية التي يبدو أن أمريكا القوة الأعظم، في الوقت الحاضر، لم تنته من طبخها. وتضم قائمة الكيانات العربية التي كان من سوء حظها (اهتمام) النظام العالمي الليبرالي بها، كل من الصومال والسودان، وسوريا وتونس، واليمن وليبيا والعراق. ومن هم خارج هذه القائمة من الكيانات العربية، نجدها تناضل لدفع عجلة التنمية في بلادها، بينما يقف النظام العالمي الليبرالي متحفزاً (للاهتمام) بها.
حتى الآن يبدو أن السعودية ودول خليجية ومصر قادرة على أن تكون جزءا من نظام عالمي جديد، يحل محل النظام العالمي الليبرالي، ويشمل الهند وروسيا، والصين وجنوب إفريقيا، وعدد من دول أمريكا اللاتينية والآسيوية والإفريقية. وليس من المتوقع أن تكون ولادة الكيان الدولي الجديد يسيرة. حيث يسعى الكيان القديم (الليبرالي العالمي) إلى إفشال هذا الأمر، ولكن إصرار النظام الليبرالي العالمي على إلغاء كل الأنظمة القائمة في العالم، وطلبه من الدول التي تعيش أنظمة مختلفة عنه التعاون لإسقاط أنظمتها، ونشر الفوضى في بلدانها، ليس بالأمر الذي يشجع على توقع النجاح لنظام فشل، حتى الآن، في إحداث تغيير حقيقي في عقول وقلوب الشعوب التي لا تعيش ضمن نظامه.
ملاحظة مهمة: دراسة عميقة في مستقبل الكيانات العربية مرتبط بدراسة مستقبل الشعب الفلسطيني، وكيفية معالجة فساد كثير من قادة الفصائل الفلسطينية الذين تحولوا إلى باعة متجولين يروّجون لأشخاصهم. ولن تكتمل دراسة مستقبل العرب بدون حل الموضوع الفلسطيني، حتى وإن كان بعض الرأي العام العربي فقد الأمل في صحوة فلسطينية لقياداته، تُغلِّب مصلحة الفلسطيني وليس القائد.
أما (الاهتمام) الذي تظهره القوى الخارجية لكيانات عربية متعددة، فإنه خطر آخر على استقرار هذه الكيانات. حيث دخلت ليبيا في سلسلة من (اهتمام) الدول الكبرى، بداية من تدخل عسكري لدول الناتو بقيادة أمريكية من الحلف، حسبما عبرت عنه وزيرة خارجية أمريكا حينها، هيلاري كلينتون، تلاها (اهتمام) بأشكال مختلفة قسمت البلاد بين فصائل مسلحة، شاركت فيه دول عربية وتركيا، التي اكتشفت أن لها حدوداً بحرية مع ليبيا، تحقق لها مصالح بترولية، وكذلك الأمر بالنسبة لإيطاليا وألمانيا وفرنسا وإيران وغيرها من القوى الأجنبية، بما في ذلك روسيا والصين، طمعاً في تقاسم الكعكة الليبية التي يبدو أن أمريكا القوة الأعظم، في الوقت الحاضر، لم تنته من طبخها. وتضم قائمة الكيانات العربية التي كان من سوء حظها (اهتمام) النظام العالمي الليبرالي بها، كل من الصومال والسودان، وسوريا وتونس، واليمن وليبيا والعراق. ومن هم خارج هذه القائمة من الكيانات العربية، نجدها تناضل لدفع عجلة التنمية في بلادها، بينما يقف النظام العالمي الليبرالي متحفزاً (للاهتمام) بها.
حتى الآن يبدو أن السعودية ودول خليجية ومصر قادرة على أن تكون جزءا من نظام عالمي جديد، يحل محل النظام العالمي الليبرالي، ويشمل الهند وروسيا، والصين وجنوب إفريقيا، وعدد من دول أمريكا اللاتينية والآسيوية والإفريقية. وليس من المتوقع أن تكون ولادة الكيان الدولي الجديد يسيرة. حيث يسعى الكيان القديم (الليبرالي العالمي) إلى إفشال هذا الأمر، ولكن إصرار النظام الليبرالي العالمي على إلغاء كل الأنظمة القائمة في العالم، وطلبه من الدول التي تعيش أنظمة مختلفة عنه التعاون لإسقاط أنظمتها، ونشر الفوضى في بلدانها، ليس بالأمر الذي يشجع على توقع النجاح لنظام فشل، حتى الآن، في إحداث تغيير حقيقي في عقول وقلوب الشعوب التي لا تعيش ضمن نظامه.
ملاحظة مهمة: دراسة عميقة في مستقبل الكيانات العربية مرتبط بدراسة مستقبل الشعب الفلسطيني، وكيفية معالجة فساد كثير من قادة الفصائل الفلسطينية الذين تحولوا إلى باعة متجولين يروّجون لأشخاصهم. ولن تكتمل دراسة مستقبل العرب بدون حل الموضوع الفلسطيني، حتى وإن كان بعض الرأي العام العربي فقد الأمل في صحوة فلسطينية لقياداته، تُغلِّب مصلحة الفلسطيني وليس القائد.