كتاب

قصتي مع الضِرْس الموسيقار..!!

هو ضِرْسي بالطبع، وأنا لا أكتب أصلاً عن أضراس الآخرين، إذ ربّما يعتبرونها من الأسرار الحربية والخصوصيات الدقيقة التي لا يجوز إفشاؤها ولو من باب الفائدة العامّة للآخرين.

وضِرْسي هذا ليس ضِرْس العقل الذي إذا مسّه الضُرُّ مَرِضَ معه العقلُ جرّاء الألم الذي يصاحبه، ولا الضِرْس الذي يجاوره، بل الضِرْس الذي يليهما، وهو الذي يقع في منتصف فكّي السفلي الأيسر لأسناني الحبيبة يحفظها الله.


وكلّ سِنّ مثل كلّ أعضاء الجسم وأجهزته، بل مثل كلّ خليّة متناهية الصغر من خلايا الجسم، نعمة عظيمة من نعم الله التي لا تُعدُّ ولا تُحصى، ولا يعرف الإنسان قيمة النعمة إلّا إذا فقدها، فاسألوا الله دوام النعم عليكم دائماً وأبداً.

وقد خلعْتُ هذا الضِرْس حسب قرار الطبيب بعد انكشاف عصبه وبداية مسلسل الآلام، وكنت أظنّ أنّ المعاناة تنتهي بخلعه، لكنّ ذلك لم يحصل، فهو وبحُكْم موقعه يُعتبر ضابط الإيقاع لعملية مضغ الطعام التي يجب أنّ تتمّ في الجانبيْن الأيمن والأيسر بنفس المقدار، أو مثل موسيقار فرقتيْ المضغ، وبخلعه ارتبك كلّ الفكّ الأيسر، وأصبحت أسنان هذا الفكّ تتحمّل نيابةً عنه ومُكرهاً أخاك لا بطل نصيبه من عملية المضغ، ومكانه الفارغ أصبح مثل تُرْس الماكينة الذي فقد رُمّانه البِلّلي فيظلّ (يُنتّع) ولا يدور، وانقلب لحُفرة تسقط فيها قطع الطعام فيتعب لساني في إخراجها ووضعها على أسطح الأسنان الأخرى كي تكتمل عملية المضغ، ولا أخفيكم سرّاً أنّني شعرتُ كأنّي طفل صغير يتدرّب على المضغ بعد ظهور بضعة أسنان لبنية في فمه، وأنّني أحتاج لتأهيل احترافي لأمضغ مثل السابق، والمشكلة هي أنّ الحلّ الوحيد تقريباً هو زراعة ضِرْس بدلاً منه، لكنّ تكلفة الزراعة الفلكية وطريقة زراعته بتوصيله بعظم الفكّ بالمسامير ممّا تشبه طريقة توصيل قواعد المبنى الخرسانية بأعمدته وسقفه باستخدام حديد التسليح مع ما يصاحبها من آلام شديدة خلال الزراعة وبعدها جعلتني أُحجِمُ عن الزراعة البتّة، وهذه البتّة ليس فيها مبالغة، وهي (تسعطعشر) بتّة، فمرحباً بالمضغ بدون الضِرْس الموسيقار، والبركة في باقي الأسنان عساها تُجيد أعذب المضغ وعزف الألحان.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض