مكتبة الملك فهد الوطنية..
تاريخ النشر: 27 أبريل 2011 04:08 KSA
جاء الإعلان عن مشروع مكتبة الملك فهد الوطنية في الاحتفال الذي أقامه أهالي مدينة الرياض في عام 1403هـ تعبيرًا عن مشاعر الحب والولاء لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله- بمناسبة توليه مقاليد الحكم؛ إذ رأوا أن يعبروا عن ذلك بإقامة معلم تذكاري فكان الإعلان عن مشروع المكتبة الذي حظي من بعد بدعم مادي من الدولة نفسها.
تقع المكتبة أرض مساحتها (58،000) متر مربع تقريبًا خصصت منها مساحة (30،000) متر مربع حديقة للمكتبة ولمبناها (28،000) متر مربع، وتبلغ مسطحات مبناها الرئيس (23،000) متر مربع، ويتكون المبنى من دور أرضي تعلوه ثلاثة أدوار تغطيها قبة سماوية غاية في الجمال، وقد صمم المبنى بطابع معماري حديث مزين بالزخارف العربية والنقوش الرخامية، ولعل من أهم ميزات هذا الصرح الثقافي الكبير وقوعه في منطقة حيوية مهمة فهو محاط بأربعة شوارع منها طريق الملك فهد من جهة الغرب وشارع العليا القادم من جهة الشرق، وهذا الموقع يعطي المكتبة إمكانية النجاح في أداء دورها بنسبة كبيرة نظرا لسهولة الوصول إليها ووضوح المكان وبروزه، فهو قلب الرياض الحديث كما يتوافر للمكتبة مواقف في فنائها حول أسوارها من الجهات الأربع تتسع لحوالي (300) سيارة، كما تتوافر داخل المكتبة نفسها أماكن للاستراحة والانتظار، وقد قام مكتب الرشيد للهندسة بإعداد التصماميم المعمارية والمواصفات الفنية لإنشاء هذه المكتبة والإشراف عليها تطوعًا بالتنسيق مع أمانة مدينة الرياض، وتمت ترسية عملية التنفيذ على ' مؤسسة سعد المعمارية' وهي إحدى الشركات الوطنية واستمرت مدة البناء (3) سنوات.
بدأ تنفيذ المشروع عام 1406هـ تحت إشراف أمانة مدينة الرياض، وفي عام 1408هـ تكونت إدارة مؤقتة تفرغت للتخطيط لعملية تنمية المجموعات وتنظيمها وإعدادها، ووضع نواة الجهاز الإداري والفني لها، وفي عام 1409هـ تم البناء والتأثيث والتجهيز، وقد بلغت تكلفة المكتبة أكثر من ثمانين مليون ريال.
إنجازات طموحة
لقد تمكنت مكتبة الملك فهد الوطنية خلال المدة الوجيزة منذ إنشائها من تحقيق العديد من الإنجازات الطموحة، التي انطلقت أساسًا من تكوين البنية الأساسية في التنظيم وتطوير الكوادر البشرية وتنمية مقتنيات المكتبة وتجهيزاتها اللازمة، لتنفيذ مهامها، وتحقيق أهدافها في مجالات التوثيق وحفظ الإنتاج الفكري السعودي، وتقديم الخدمات المعلوماتية، بما يتلاءم مع التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة العربية السعودية. ففي مجال القوى العاملة والتوظيف بلغ عدد العاملين في المكتبة أكثر من (400) موظف منهم 82% من السعوديين المتخصصين وغيرهم، والذين تم تدريبهم، وتنمية مهاراتهم للعمل في مستويات مختلفة من القطاعات المتخصصة والادارية، حيث تم ابتعاث عشرين موظفًا لدراسة علوم المكتبات والمعلومات، وتدريب مجموعة كبيرة من موظفيها في مجالات مختلفة داخل المملكة.
وفي مجال بناء مقتنيات المكتبة، فقد بلغ مجموع ما تقتنيه المكتبة (367000) من أوعية المعلومات المطبوعة، والمواد السمعية والبصرية، مثل الأقراص البصرية والمصغرات، والوثائق المحلية، والمسكوكات، والكتب النادرة، والمخطوطات، كما حصلت المكتبة على مخطوطات عربية نفيسة من جامعة برنستون الأمريكية، وهي عبارة عن (5000) ملفوفة مصورة من مجموع المخطوطات والكتب النادرة التي تلقتها المكتبة هدية من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز.
تسجيل وفهرسة
ومنذ تطبيق نظام الإيداع والترقيمات الدولية عام 1414هـ، تمكنت المكتبة من تسجيل وفهرسة (2000) عنوان سعودي منشور في سنة واحدة، علاوة على ثلاثمائة مجلة ونشرة دورية جارية، هذا دون الأوعية السمعية والبصرية، التي بدأت المكتبة في إعداد الترتيبات النهائية لتسجيلها وإيداعها حسب متطلبات نظام الإيداع الوطني. وبذا فإن المكتبة تقتني حاليًا ما يقارب من المئة ألف مادة ذات علاقة بالمملكة، وهي أكبر مجموعة يضمها مكان واحد، وتجدر الإشارة إلى أن عمليات التوثيق والتسجيل التي تقوم بها المكتبة قد غيرت نمط الإحصاءات التقديرية السائدة عن حجم الإنتاج الفكري السعودي، سواء في المصادر المحلية أو الأجنبية، ومنذ أن أصبحت المكتبة المركز الوطني للايداع والتسجيل أسهمت بدور إيجابي في تحسين شكل الكتاب السعودي، ونشره، والتعريف به، وذلك من خلال الفهرسة أثناء النشر وتخصيص الأرقام المعيارية الدولية. كما أن المكتبة تولي عناية للتجهيزات ونظم الحفظ والاسترجاع، وترميم وصيانة المخطوطات والكتب النادرة، كما قامت المكتبة بتكوين قواعد البيانات، وعمليات التوثيق الآلية، وكذلك الحصول على مصادر المعلومات على أقراص بصرية، وبناء شبكات المعلومات الداخلية التي تساعد على تنظيم المعلومات وتداولها.
وفي مجال خدمات المعلومات، قامت المكتبة خلال السنة الماضية بتقديم المعلومات والإجابة عن الاستفسارات المباشرة، وعبر وسائل الاتصالات المختلفة، حيث خدمت المكتبة أكثر من 300 مستفيد، وتوصيل المعلومات والمستخرجات التي تجاوز عددها (190000) مصورة ورقية.
ولعلّ من أهم ما حققته المكتبة صدور نظام الايداع بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/26) في 7/9/1412 هـ، ومنذ بداية تطبيقه عام 1414هـ، بدأت المكتبة في تسجيل كل ما ينشر داخل المملكة من أوعية المعلومات مع تثبيت رقم الإيداع عليها قبل نشرها. وتقوم المكتبة بتسجيل وايداع حوالي أربعة آلاف كتاب سعودي كل سنة مما غير التقديرات المتواضعة التي كانت سائدة في المصادر الإحصائية العربية الدولية عن حركة النشر في السعودية. وفي مجال الإيداع الراجع للكتب القديمة، تقوم المكتبة بمتابعة الحصول على الإصدارات النادرة والقديمة عن طريق التعاون مع المؤلفين وعن طريق الإهداء والشراء لأوائل المطبوعات السعودية التي ليست متوافرة في المكتبة ولا في المكتبات التجارية، وقد تمكنت المكتبة من جمع الكثير من المطبوعات السعودية القديمة والنافدة مما أثرى المكتبة وسهل عملية ضبط الإنتاج الفكري السعودي خلال فترة طويلة.
تسجيل وترقيم المنشورات السعودية
اتفقت المكتبة مع المركز الدولي لتسجيل المطبوعات وتخصيص الأرقام المعيارية للكتب والدوريات (ردمك، ردمد) لتكون المكتبة هي المركز الوطني المسؤول عن تسجيل المطبوعات، حيث تظهر الأرقام المميزة على المطبوعات السعودية، إلى جانب فهرسة المطبوع التي تعدها المكتبة أثناء النشر، مما أسهم في تحسين شكل المطبوعات السعودية، وسهل عملية ضبطها على المستوى العربي والدولي، وقد سبقت المكتبة غيرها من المكتبات العربية في هذا المجال من حيث تطبيق المواصفات الدولية كما شهدت بذلك المراكز الدولية، حيث تقوم المكتبة سنويًّا بتزويد المراكز الدولية في ألمانيا وفرنسا بحصر دقيق للمؤلفات السعودية، بما في ذلك أسماء الناشرين وعناوينهم. كما تمد المكتبة سنويًّا منظمة اليونسكو بمسارد إحصائية عن حركة التأليف والترجمة في السعودية، كما أصبحت المكتبة المركز الوطني لإيداع مطبوعات الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات بعد الاتفاق مع (افلا) وهي أكبر منظمة دولية للمكتبات العالمية.
صيانة المقتنيات
1- التعقيم
تبذل المكتبة العناية اللازمة للحفاظ على مقتنياتها من التلف بسبب العوامل الحيوية والجوية والاستخدامية، لذا يجري تعقيم المخطوطات والنوادر والوثائق لحمايتها من التأثيرات الفطرية والحشرية، وتتويجًا لما تبذله المكتبة من جهود للحفاظ على مقتنياتها فقد اقتنت المكتبة جهازا للتعقيم بأحدث الأساليب التقنية.
2- التجليد
تضم المكتبة ورشة للتجليد الفني يتم خلالها تجليد الكتب المطبوعة للحفاظ عليها، إضافة إلى تجليد مصورات الكتب، أما بالنسبة للكتب النادرة التي يتم تجليدها تجليدًا فاخرًا فيسبق عملية التجليد عملية الصيانة وتتم الكتابة المذهبة عليها.
3- التصوير المصغر
يتيح التصوير المصغر للمكتبة الحفاظ على رصيدها من الصحف والمجلات والكتب والمخطوطات والوثائق بصورة مستديمة أكثر مقارنة بأصولها الورقية التي تكون عرضة لتأثيرات التقادم والتلف، ولهذا تحرص المكتبة على تصوير الصحف والجرائد والكتب من المخطوطات والوثائق إضافة إلى مستندات الإدارة المالية.
4- الاستنساخ
تتيح المكتبة خدمة الاستنساخ للمستفيدين من الأفراد والمكتبات والهيئات الحكومية، لأن الإعارة الخارجية للافراد غير متاحة حفاظا من المكتبة على مجموعاتها الوطنية من الفقدان والتلف، ويجري الاستنساخ في ضوء توجيهات إدارة المكتبة بمراعاة حقوق النشر والتأليف، كما يجرى الاستنساخ للكتب والوثائق والأطروحات تلبية لحاجات المكتبة.
5- ترميم المخطوطات والوثائق
انطلاقًا من حرص المكتبة على مقتنياتها من الوثائق والمخطوطات النادرة أنشأت وحدة للترميم لحماية هذه المقتنيات القيمة.
النشر
أكد نظام 'مكتبة الملك فهد الوطنية' على دور المكتبة في الإسهام في إعداد البحوث والدراسات والأدلة الخاصة بأعمال المكتبات والمعلومات ونشرها، ومن هذا المنطلق قامت المكتبة بنشر العديد من الكتب والمراجع والأدوات الاستنادية والأدلة المطبوعة الدورية التي تلقى إقبالا واستخداما من لدن المتخصصين، وقد أصدرت المكتبة أكثر من 110كتاب كان جلها في مجال المكتبات والمعلومات إضافة إلى بعض الكتب المتفردة في موضوعاتها.
وانطلاقًا من المسؤولية التي تضطلع بها المكتبة في خدمة مجال المكتبات والمعلومات ومصادر تاريخ المملكة أصدرت 'مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية' وهي مجلة نصف سنوية محكمة، وخدمة للباحثين على اختلاف مشاربهم أصدرت “نشرة المستخلصات”.