كتاب

حفاظا على أولادكم.. تحاوروا معهم !!

الحوار بين الآباء والأبناء حق من حقوق الأولاد؛ لأنَّه ضرورة لغوية ودينية وتربوية ونفسية وأمنية، ويحميهم من الانزلاقات العقدية ومن السقوط في مستنقع المخدرات.

فالحوار ضرورة لغوية لأنَّه يعمل على تشغيل وتنشيط جهازي السمع والنطق لدى الوليد وهو في مهده، تحدثوا إلى أطفالكم بلغة سليمة، واهتموا بتحفيظهم القرآن الكريم مجوداً، لتدريب فكاكهم على نطق الحروف نطقًا سليمًا، فحفظ القرآن يُقوِّم اللسان والسلوك.. واحرصوا على عدم التلفظ بألفاظ نابية أمامهم، لئلا يلتقطونها فيُرددونها.. وأثناء الحوار مع طفلكما عليكما أن تهتما بتصحيح عيوب النطق والكلام، وإن تأخر في النطق، أو توجد لديه عيوب في الكلام لابد من علاجه في المراكز المتخصصة.


كما أنّ حوارنا مع أبنائنا ضرورة في بناء هويتهم، لأنَّه يقوم على ثلاثة أسس: (تحديد الهُوية «من أنا؟».. تحديد الانتماء «أُشبه مَن؟ لمَن أنتمي؟».. تحديد القدوة، أو المرجعية «من أتّبع؟»).. فنحن هويتنا «العروبة»، منا مسلمون، ومنا مسيحيون، ونحن كعرب على اختلاف أدياننا أصولنا وجذورنا واحدة، والمسلمون منا هويتهم الإسلام والعروبة.. وواقعنا يبيِّن لنا أنَّ هناك قصورًا منّا في تحديد الهوية ووضوحها، فلم نقدم لأولادنا العلم الصحيح، ولم نحسن تربيتهم ليكون بناء قلوبهم سليمًا، ولم نكن لهم القدوة الحسنة، ولم نوفر لهم البيئة التي تعين على بلورة ما يتلقونه منا، بل وفرَّنا لهم البيئة التي تسلخهم من هويتهم، فنحدثهم بلغة أجنبية، ندخلهم مدراس أجنبية، نذهب بهم إلى مطاعم أجنبية، نلبسهم لبسًا قد يكون مطبوعًا عليه أحرفًا أجنبية، جعلنا من التلفاز جليسهم يلقنهم ما يريد مبثو برامجه دون توجيه منَّا.

لم ننشئهم على محبة الله، فلم نجعل علاقتهم بخالقهم علاقة حب، فيعملون على إرضائه لأنًهم يحبونه، قبل أن يخافوا من عقابه، فالإنسان إن أحب إنسانًا يسعى لإرضائه، فما بالكم إن أحبَّ خالقه؟.


بالغلو والتطرف وتفسير الدين وفق أهواء وعادات وأعراف جاهلية، وإلباسها لباس الإسلام، أوجدنا هوة بين أولادنا ودينهم، فأصبحوا يعتبرون تطبيق الشريعة الإسلامية كارثة مأساوية، لأنًنا أسأنا تطبيقها، فنسبنا كل المحرمات وكل ما نريد أن نُحرِّمه إلى الإسلام، فمن شبابنا من كره الإسلام، وبالأخص بناتنا اللواتي يعتبرن الإسلام يحرمهن من كل ما يتمتعن به من حقوق، وأنَّ تطبيق الشريعة الإسلامية يعني الحكم على المرأة بالحبس والقهر.. فحفاظنا على هُوِيتنا العربية والإسلامية يكون بتمسكنا بديننا، بلغتنا العربية.. أمَّا فرض الثقافة التي نريد على أطفالنا دون مراعاة رغباتهم واحتياجاتهم، فهو الكارثة، حيث جاء في المادة الثالثة عشر ببنديها الأول والثاني في اتفاقية حقوق الطفل: أن يكون للطفل الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود سواء بالقول، أو الكتابة، أو الطباعة، أو الفن، أو بأية وسيلة أخرى يختارها الطفل.. ويجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لبعض القيود بشرط أن ينصَّ القانون عليها، وأن تكون لازمة لتأمين احترام حقوق الغير أو سمعتهم.. وحماية الأمن الوطني، أو النظام العام أو الصحة العامة، أو الآداب العامة.

ومن خلال تقرير نتائج ورشة عمل تحضيرية؛ شارك فيها أطفال من عدد من الأقطار العربية، نظمها المجلس العربي للطفولة ضمن برامج مؤتمر الطفل العربي في مهب التأثيرات الثقافية المختلفة الذي عقد في الإسكندرية عام 2005م، أكدت عدم تمتع الطفل العربي بحقوقه الثقافية، وأنَّ مصادر ثقافتهم الإعلام في المقام الأول، يليه اللعب، أما الكتاب فيحتل المرتبة الثالثة، واختفى دور الأسرة كمصدر ثقافي للطفل، كما نجد عدم ذكر للمدرسة كرافد ثقافي لأطفالنا.

ونلحظ من خلال قراءتنا للنتائج عدم رضا أطفالنا بما يقدم لهم التلفاز من برامج، وأيضًا نجدهم يطالبون بزيادة المواد المطبوعة كمًا وكيفًا، أي أنَّهم غير راضين على ما يقدم لهم من مواد مقروءة، ونجدهم غير راضين عن التعليم الذي يتلقونه طرقًا ومنهجًا.

عدم الرضا يؤكد لنا أنَّنا نسير في وجهة، وأولادنا يسيرون في وجهة أخرى، لم نقدم لهم ما يُشبع رغباتهم واحتياجاتهم، وما يتناسب مع عصرهم.. لابد أن نعلمهم كيف يتعاملون مع محيطهم، كيف يُرسلون ولا يكونوا المتلقين فقط، وماذا يقبلون وماذا يرفضون؟.

والسؤال: كيف يكون الحوار مع أطفالنا ضرورة تربوية؟.. بالحوار تقوم التربية الروحية والخُلقية والعقلية والوجدانية والاجتماعية.. وسأتوقف هنا عند التربية الروحية.. فهي تقومُ على ترسيخ حبِّ الله في قلوب الناشئة حبًا يجعلهُم يحرصون على إرضائِه وتجنب كل ما يغضبه، وبذلك يتبيَّن لنا أنَّ مفهوم التربية الروحية الصحيحة مستمدٌا من الإيمان والعمل، والعقيدة والأخلاقِ، والموازنة بين مطالبَ الدُّنيا والآخرة، فالتربية الرُّوحية السليمة هي التي ترسم جوانب الشخصية الإنسانية لأطفالنا، فهي مصدر هداية العقل، وصفاءِ النفس، وطهارةِ الأبدان باستعمال أعضائها وجوارحِها في حقِّها وصونِها من المعاصي وتسخيرها للعبادة وأعمال الخير.. وبذلك تكون التربية الروحية عماد التنشئة المتكاملة، وبدونها لا يستقيم بناء الشخصية الإنسانية التي تصبح معرَّضة للخللِ والاضطراب نتيجة لأهون الأزمات.

أخبار ذات صلة

شاهد على جريمة اغتيال!!
الأمن الغذائي ومطلب الاكتفاء
التطوع الذكي واستغلال المتطوعين!
إضافات بعض الوعاظ بين الحقائق والخرافات!
;
غدير البنات
السعودية الخضراء
حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
;
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
;
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات