كتاب

صينيــــــــات

شهد هذا الشهر أهم التحولات التاريخية في العلاقات السعودية الصينية، والتي نتجت عن زيارة القيادة الصينية للوطن، والقمة العربية الصينية على أرض الوطن، والمباحثات بين الأطراف المعنية لتنمية العلاقات.. وتم التوقيع على حوالى ثلاث وثلاثين مذكرة تعاون واتفاقية في مجالات مختلفة.. وفيما يلي مجموعة خواطر في خضم هذا التحول التاريخي: أولها أن هناك حاجة لإعادة النظر في الأسماء الصينية الصحيحة.. ونبدأ باسم العاصمة «بيكين»، وهذا الاسم له خلفية استعمارية، فيعود إلى مبادرات المبشِّرين الفرنسيين قبل حوالى أربعمئة سنة، حيث كان تغريباً للاسم الصيني «بيجنغ»، ومعناها «العاصمة الشمالية»، لتفرقها عن مفهوم العاصمة الجنوبية «نانجنغ» تاريخياً.. وأدعم موقفي لتغيير الاسم بأن أهل الصين أنفسهم يستخدمون اسم «بيجنغ»، كما أن العديد من البلدان راجعت التسمية والاسم الدارج اليوم هو «بيجنغ».. وأضيف هنا شعورنا عندما نسمع من يطلق على القدس الشريف اسم «جيروسالم» اللاتيني.. أو اسم «جيريكو» على أريحا في فلسطين الشقيقة.. أو «هبرون» على اسم مدينة الخليل.. فضلاً الملاحظة أنني لم أستخدم الأسماء العبرية التي يُطلقها الصهاينة على أسماء المدن الفلسطينية ضمن أنشطة التهويد، ولكنني أشرت إلى الأسماء اللاتينية التي تُستخدم دولياً، وللعلم فالأسماء العبرية لها معجمها الخاص، وتشمل اسم «يوروشالايم» على القدس الشريف، واسم «شيخيم» على مدينة «نابلس»... وهكذا.

وثاني الخواطر هو ضرورة الإلمام بجغرافية الصين التي تحتاج إلى المزيد من التمعُّن، وعلى سبيل المثال فقد وصفت بأنها حضارة متخفية في هيئة دولة، بل وإنها إمبراطورية.. وعندما نُفكِّر تقليدياً في جغرافية أي بلد، نُفكِّر عادةً في الأرض.. وفي الصين لا يكفي أن نعلم أن مساحتها تعادل تقريباً مساحة الولايات المتحدة الأمريكية، وأن توزيع سكانها يتركَّز معظمه في المدن، ولا يكفي أن نعود إلى تاريخها لاستيعاب امتداد أراضيها، والنزاعات التاريخية والحاضرة على آلاف الكيلومترات من الأراضي، فهناك المزيد.. أعتقد أن فهم الصين يحتاج إلى إضافة مفهوم «الأراضي الزرقاء».. وتحديداً البحار، فهناك مياه عليها نزاعات جادة، ومنها بحر الصين الجنوبي، وهو يمر عبر مضيق «ملاقا»، الذي يمكن أن يُوصف وكأنه «دهليز» الصين البحري.. من خلاله تمر ناقلات البترول التي تُغذِّي الاحتياجات الهائلة للطاقة.. والاهتمامات البحرية الصينية جعلتها تُركِّز على تنمية أسطولها المدني والعسكري، لدرجة أنها استثمرت استثمارات هائلة في أسطولها البحري.. وهنا لابد من الإشارة أيضاً إلى استراتيجية «درب الحرير» الصينية، التي تشمل الأرض، والبحر، والسماء.. وأشير إلى إستراتيجية الفضاء الطموحة جداً التي انفردت بالخطوات الجريئة بدون شراكات، مثل حال باقي دول العالم.. حتى بعدما عزفت عن تلك الجهود المشتركة، قامت الصين بأعمال فردية أوصلتها إلى القمر، والمريخ، وشيدت محطة فضائية ومنظومة أقمار صناعية للملاحة، والاستطلاع، والاتصالات، والتصوير، والاستشعار عن بعد.


وثالث الخواطر هو قراءة التاريخ الصيني وخلفيته التاريخية، وأهمها العلاقات التاريخية بينها وبين دول الاستعمار الأوروبي، وخصوصاً فيما يتعلق بحربي الأفيون في القرن التاسع عشر، وما خلَّفتا من آثار جيوسياسية إلى اليوم، وهناك ضرورة أيضاً لقراءة تاريخ النزاعات في القرن العشرين، وما نتج عنه من تغيُّرات داخل البلاد وخارجها.

* أمنيـــــــــة:


مبادرة فتح مجال تعليم اللغة الصينية التي أُعلنت في الوطن خطوة رائعة وضرورية، ونحتاج إلى المزيد، لذا أتمنى أن نشهد إنشاء مركز «دراسات حضارة الصين»، بهدف فتح المجال للأبحاث المتخصصة في تاريخها، وجغرافيتها، واقتصادها، وعمرانها، وإستراتيجياتها، لفهم هذه الدولة المهمة بتوفيق الله، وهو من وراء القصد.

أخبار ذات صلة

شهامة سعودية.. ووفاء يمني
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!
رؤية وطن يهزم المستحيل
ريادة الأعمال.. «مسك الواعدة»
;
هل يفي ترامب بوعوده؟
رياضة المدينة.. إلى أين؟!
جيل 2000.. والتمور
التراث الجيولوجي.. ثروة تنتظر الحفظ والتوثيق
;
قصَّة أوَّل قصيدة حُبٍّ..!
حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
;
الحُب والتربية النبوية
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح