كتاب
تطاول المستشرقين على القرآن الكريم.. والتشكيك فيه
تاريخ النشر: 22 ديسمبر 2022 20:42 KSA
بات مقلقًا على مستقبل المسلمين في أوروبا صعود بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى الحكم في بعض بلدانها، لأخذ تلك الأحزاب مواقف ضد المهاجرين، بل منها من أخذ موقفاً معاديًا للإسلام.. وعند تتبعنا لتاريخ الموقف الأوروبي العدائي للإسلام نجد أنه بدأ منذ هزيمة المسيحيين في حروبهم الصليبية ضد المسلمين، والتي كانت من أهم عوامل بداية الاستشراق الديني. فالجهود الاستشراقية أعقاب الحروب الصليبية في القرن الثالث عشر الميلادي لم تكن مجرد تخيلات حول الشرق الإسلامي؛ صاغها رحالة أوربيون، وإنّما هي مرحلة تاريخية هامة ذات أبعاد خطيرة سعى الاستشراق البدائي لتصويرها بشكل معاكس: انتصار الغرب المنهزم، وهزيمة الشرق المنتصر.
لقد جسد المشروع الصليبي عصبية الغرب تجاه الإسلام؛ إذ يعتبر توماس أرنولد في كتابه: «تراث الإسلام»؛ الحروب الصليبية بمثابة «حركة روحية أوضحت نفسها بنظام روحي»، و»أنَّها عبارة عن حرب مقدسة مباركة، يصح أن يعوّل الناس مصائرهم عليها».
بينما يرى المستشرق الروسي اليكسي فاسيلينتس جورافسكي في كتابه: «المسيحية والإسلام»، أنَّ «الدراسات الأوروبية المعاصرة حول الإسلام قد تشكلت بين المسيحية والإسلام على مدى أربعة عشر قرنًا تقريبًا من وجودهما المشترك، وأنَّ هذه العلاقات تطورت في أربعة مستويات: اقتصادية، عسكرية وسياسية، ثقافية، دينية، إلا أنَّ المجابهة العسكرية السياسية بين هاتين الحضارتين هي الطابع المسيطر على علاقتهما الأخرى»، مشيرًا إلى مؤلفات «يوحنا الدمشقي»، من آباء معلمي الكنيسة، التي ناقش فيها الإسلام كبدعة، وأنَّ المسلمين لا يعتقدون بألوهية المسيح وصلبه، وأنَّ يوحنا يرفض أنَّ سيدنا محمد؛ نبي الله، وأنه خاتم المرسلين، وأنَّ القرآن كلمة الله من السماء، إذ يرى أنَّ سلسلة الرسالات النبوية خُتِمَت بيوحنا المعمدان. ولم تكن الكوميديا الإلهية لدانتي الإيطالي، وقصائد لوجيت الإنجليزي، سوى أمثلة على تلك العصبية الغربية التي دعت إلى نفي الإسلام خارج عقل الغرب وروحه.
ونجد بعض المستشرقين خاضوا في ترتيب سور القرآن، فمنهم من رتبها حسب الموضوعات، وقد علق علماء الغرب على تقسيماتهم أخطر النتائج في عالم الدراسات القرآنية، واتخذوه أكبر مدخل للطعن في صحة القرآن وتضارب تعاليمه، وركز المستشرقون في بحوثهم على القرآن ليثبتوا أنَّه من تأليف سيدنا محمد، ومن القضايا التي أثاروها الترتيب المصحفي والسور والآيات المكية والمدنية، فلقد أثبت القرآن الكريم نفسه حقيقة وجود الترتيب المصحفي، حينما قال تعالى في سورة القيامة: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)، وجمعه يعني تنظيم الآيات والسور بشكلٍ لا يمكن صنعه إلاَّ وفق الترتيب الإلهي.
ولقد قال كل من «موير ونولدكه وبالمر وردويل وآربري» أنَّ السور قد رُتبت بصورة معاكسة لتلك التي نزلت بها حسب ظنونهم، واتهم «ردويل وتريتون» زيد بن ثابت بإهمال جُل جزئيات نظام السور، متغاضين عن حقيقة أنَّ مجموعة زيد كانت تتبع المنهج المصحفي القرآني الذي انتهجه الرسول الكريم بمنتهى الدقة، كما تخيل كل منهما أنَّ زيدًا وضع ما رآه معروفًا بالنسبة إليه أولًا. ثم تبعهما كريتزيك باتهامه لزيد بن ثابت بتلفيق نظامه الخاص لترتيب السور فقال: «تم هذا بدون أي اعتبار لتواصل الموضوع، وتناسق الأسلوب حسب تقديره»، ثم استطرد: «والمحصلة التي لدينا هي عمل من أصعب ما يكون من ناحية القراءة، وكذلك من ناحية تضارب الأفكار»، أمَّا ردويل فلقد زعم أنّ سيدنا محمد خلط بين الوحي القديم والجديد في القرآن، كما أنه لا يشك بأنَّ القرآن من إنتاج خيال سيدنا محمد.
لقد جاء آربري بافتراضات خاطئة حول السور المكية والمدنية، حيث لفَّق معيارًا للتمييز بين الوحيين المكي والمدني، والذي لم يقتصر على ردويل وآربري، ولكنه شمل المستشرق البلجيكي Lammens، إذ لفَّق هو الآخر معيارًا للآيات المدنية؛ مضمونه: أنَّ تلك الآيات قد ابتعدت تمامًا عن الترتيب الإلهي من يوم الحساب. وما ذهب إليه ينافي الحقيقة تمامًا. وزعم برنارد لويس أنَّ بعض ألفاظ القرآن مأخوذة من لغات أخرى، ككلمة: «أم القرى»، مأخوذة من الكلمة اليونانيةMetro polis ، وعبارة «الصراط المستقيم» مأخوذة من الكلمة اللاتينية «سترانا»، أي أنه ليس عربيا أصيلا.
وبعد هذا العرض لمواقف بعض مستشرقي المدرسة الإنجليزية من القرآن، نجد بعضهم أقرَّ بصحته، فقد أشار وليم موير إلى خلو القرآن من العيوب بقوله: «إنَّه لا يوجد كتاب في العالم -غير القرآن- بقي على صورته النقية طوال قرون عدة». وعلّق مرجليوث قائلًا: «بأنَّ نظرية «التلون بالوسط» -التي أعدها اللاهوتيون المسيحيون مبررين بها التناقضات التي حفلت بها كتبهم المقدسة- ليست معروفة مطلقًا في الإسلام».
وفي دراسة خاصة قام بها -مونتجمري وات؛ وريتشارد بل- عن القرآن، اعترفا بأنَّ الدراسات الحديثة لم تستطع أن تثير أية شكوك جدية حول مصداقية النص القرآني، ثم يقول المؤلفان بأنَّ بعض الآيات كانت مثار جدل وشك من قبل عدد من المستشرقين، ولكنها متناسبة مع السياق أسلوبيًا وتاريخيًا، ممَّا ينفي كل الشكوك حول مصداقيتها وموثوقيتها.
لقد جسد المشروع الصليبي عصبية الغرب تجاه الإسلام؛ إذ يعتبر توماس أرنولد في كتابه: «تراث الإسلام»؛ الحروب الصليبية بمثابة «حركة روحية أوضحت نفسها بنظام روحي»، و»أنَّها عبارة عن حرب مقدسة مباركة، يصح أن يعوّل الناس مصائرهم عليها».
بينما يرى المستشرق الروسي اليكسي فاسيلينتس جورافسكي في كتابه: «المسيحية والإسلام»، أنَّ «الدراسات الأوروبية المعاصرة حول الإسلام قد تشكلت بين المسيحية والإسلام على مدى أربعة عشر قرنًا تقريبًا من وجودهما المشترك، وأنَّ هذه العلاقات تطورت في أربعة مستويات: اقتصادية، عسكرية وسياسية، ثقافية، دينية، إلا أنَّ المجابهة العسكرية السياسية بين هاتين الحضارتين هي الطابع المسيطر على علاقتهما الأخرى»، مشيرًا إلى مؤلفات «يوحنا الدمشقي»، من آباء معلمي الكنيسة، التي ناقش فيها الإسلام كبدعة، وأنَّ المسلمين لا يعتقدون بألوهية المسيح وصلبه، وأنَّ يوحنا يرفض أنَّ سيدنا محمد؛ نبي الله، وأنه خاتم المرسلين، وأنَّ القرآن كلمة الله من السماء، إذ يرى أنَّ سلسلة الرسالات النبوية خُتِمَت بيوحنا المعمدان. ولم تكن الكوميديا الإلهية لدانتي الإيطالي، وقصائد لوجيت الإنجليزي، سوى أمثلة على تلك العصبية الغربية التي دعت إلى نفي الإسلام خارج عقل الغرب وروحه.
ونجد بعض المستشرقين خاضوا في ترتيب سور القرآن، فمنهم من رتبها حسب الموضوعات، وقد علق علماء الغرب على تقسيماتهم أخطر النتائج في عالم الدراسات القرآنية، واتخذوه أكبر مدخل للطعن في صحة القرآن وتضارب تعاليمه، وركز المستشرقون في بحوثهم على القرآن ليثبتوا أنَّه من تأليف سيدنا محمد، ومن القضايا التي أثاروها الترتيب المصحفي والسور والآيات المكية والمدنية، فلقد أثبت القرآن الكريم نفسه حقيقة وجود الترتيب المصحفي، حينما قال تعالى في سورة القيامة: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)، وجمعه يعني تنظيم الآيات والسور بشكلٍ لا يمكن صنعه إلاَّ وفق الترتيب الإلهي.
ولقد قال كل من «موير ونولدكه وبالمر وردويل وآربري» أنَّ السور قد رُتبت بصورة معاكسة لتلك التي نزلت بها حسب ظنونهم، واتهم «ردويل وتريتون» زيد بن ثابت بإهمال جُل جزئيات نظام السور، متغاضين عن حقيقة أنَّ مجموعة زيد كانت تتبع المنهج المصحفي القرآني الذي انتهجه الرسول الكريم بمنتهى الدقة، كما تخيل كل منهما أنَّ زيدًا وضع ما رآه معروفًا بالنسبة إليه أولًا. ثم تبعهما كريتزيك باتهامه لزيد بن ثابت بتلفيق نظامه الخاص لترتيب السور فقال: «تم هذا بدون أي اعتبار لتواصل الموضوع، وتناسق الأسلوب حسب تقديره»، ثم استطرد: «والمحصلة التي لدينا هي عمل من أصعب ما يكون من ناحية القراءة، وكذلك من ناحية تضارب الأفكار»، أمَّا ردويل فلقد زعم أنّ سيدنا محمد خلط بين الوحي القديم والجديد في القرآن، كما أنه لا يشك بأنَّ القرآن من إنتاج خيال سيدنا محمد.
لقد جاء آربري بافتراضات خاطئة حول السور المكية والمدنية، حيث لفَّق معيارًا للتمييز بين الوحيين المكي والمدني، والذي لم يقتصر على ردويل وآربري، ولكنه شمل المستشرق البلجيكي Lammens، إذ لفَّق هو الآخر معيارًا للآيات المدنية؛ مضمونه: أنَّ تلك الآيات قد ابتعدت تمامًا عن الترتيب الإلهي من يوم الحساب. وما ذهب إليه ينافي الحقيقة تمامًا. وزعم برنارد لويس أنَّ بعض ألفاظ القرآن مأخوذة من لغات أخرى، ككلمة: «أم القرى»، مأخوذة من الكلمة اليونانيةMetro polis ، وعبارة «الصراط المستقيم» مأخوذة من الكلمة اللاتينية «سترانا»، أي أنه ليس عربيا أصيلا.
وبعد هذا العرض لمواقف بعض مستشرقي المدرسة الإنجليزية من القرآن، نجد بعضهم أقرَّ بصحته، فقد أشار وليم موير إلى خلو القرآن من العيوب بقوله: «إنَّه لا يوجد كتاب في العالم -غير القرآن- بقي على صورته النقية طوال قرون عدة». وعلّق مرجليوث قائلًا: «بأنَّ نظرية «التلون بالوسط» -التي أعدها اللاهوتيون المسيحيون مبررين بها التناقضات التي حفلت بها كتبهم المقدسة- ليست معروفة مطلقًا في الإسلام».
وفي دراسة خاصة قام بها -مونتجمري وات؛ وريتشارد بل- عن القرآن، اعترفا بأنَّ الدراسات الحديثة لم تستطع أن تثير أية شكوك جدية حول مصداقية النص القرآني، ثم يقول المؤلفان بأنَّ بعض الآيات كانت مثار جدل وشك من قبل عدد من المستشرقين، ولكنها متناسبة مع السياق أسلوبيًا وتاريخيًا، ممَّا ينفي كل الشكوك حول مصداقيتها وموثوقيتها.