المعرفة قوة وتقدم وتنمية

إزاء التغيرات العلمية والتكنولوجية المتسارعة، ولمواكبة مجتمع المعرفة ينبغي إعادة النظر في منظومات التعليم والتعلم الجامعي، كي تسهم في إنتاج معرفة متميزة تعبر عن هويتها، خاصة بعد أن عجزت منظومات معظم الدول النامية عن الاستجابة لمتطلبات وآليات مجتمع المعرفة.

وقد شهد الربع الأخير من القرن العشرين العديد من أنماط التحولات في منظومات التعليم والتعلم الجامعي شمل العديد من الدول المتقدمة، ومن هذه التحولات ما يمكن تسميته منظومات التعليم والتعلم القائمة على المعرفة، لبناء مجتمع المعرفة والتي تتمثل فيما يلي:

- اتجاه تزايدي مطرد النزعة نحو تفضيل خريجي الأقسام العلمية وكليات العلوم والهندسة وهندسة الحاسب والاتصالات وعلم البرمجة واللغات والترجمة.

- اتجاه متزايد في نسب هذه التخصصات في الدول المتقدمة منذ بداية المرحلة الثانوية نزوعاً إلى الالتحاق بها في المرحلة الجامعية، مع أن هذا الاتجاه آخذ في التناقص والتحول إلى الأقسام الأدبية في الدول والمجتمعات النامية.

- اتجاه مطرد في تحول الصناعات والمؤسسات التكنولوجية على اختلاف مناشطها إلى ترسيخ وتكريس الإنتاج عالي الجودة، القادر على المنافسة العالمية، وما يتطلبه ذلك من الاعتماد على قوى بشرية مؤهلة ومدربة، وعلى درجة عالية من المعرفة والمهارة والخبرة وارتفاع مستوى الأداء.

- نزعة عامة ومطردة للاستجابة لمتطلبات ومستويات الأداء العالمية، وأسواق العمل، حيث لم يعد التعليم النظري الذي لا يكسب المتعلم الخبرات والمهارات العلمية ملائماً للمتطلبات المعاصرة التي تفرض مستويات عالية من الأداء والمنافسة.

إذاً بات تطوير التعليم العالي الجامعي وجودته أولاً، وتطوير التعليم الجامعي وجودته ثانياً، وتطوير التعليم الجامعي وجودته أخيراً يشكل أهم وأغنى محددات التطوير والجودة، ولكن كيف؟ يزخر العالم من حولنا بتجارب عالمية رائدة لنظم جامعية قادت مجتمعاتها في التحول لاقتصاد المعرفة، اعتماداً على منظومات فعالة للتعليم الجامعي المتطور من حيث الفلسفة والمنهج والآليات، وحققت بذلك لشعوبها تحولاً طفرياً مفتوح الآفاق، أدى إلى تغير كمي وكيفي في الكفاءات النوعية لقوى المجتمع، والارتقاء بالجودة النوعية لمستويات تأهيل وخبرات الخريجين، مؤسسة هذا التطوير على تبني شعار: «المعرفة قوة وتقدم وتنمية».