كتاب
إدوارد سعيد.. الدور العمومي للكتاب والمثقفين
تاريخ النشر: 08 فبراير 2023 23:15 KSA
ظل إدوراد سعيد يؤمن بأن آراء وأنشطة المثقفين والكتاب المشاركة في الفضاء العام لا تزال تنبض بالحياة، ولا تزال تؤدي دورها في هذا الفضاء، وإن تغيرت طبيعة الدور مع تغير طبيعة التلقي. «تبدو أهمية الكتاب والمثقفين بارزة»، يؤكد سعيد، في مقالة بعنوان (الدور العمومي للكتاب والمثقفين) في كتابه «الأنسنية والنقد الديمقراطي»، ويضيف: وهي بالتأكيد حاضرة فيها على نحو كاسح. ويعود ذلك جزئياً إلى أن العديد من الناس لا يزالون يستشعرون الحاجة إلى اعتبار الكاتب/المثقف كائناً يجب الإنصات إليه بما هو مرشد في الحاضر المربك».
ويلخص إدوراد سعيد أبرز ملامح التغيير الطارئ على الخطاب الأدبي والثقافي، بعد دخول التقنية طرفاً مهماً ولاعباً رئيساً في المعادلة التاريخية، وذلك في معرض حديثه عن تهشم عدد من القيم الأساسية للأدب في العصر الحديث، كقضية القديم والحديث مثلاً، «حيث كان كتّاب مبجلون مثل هوميروس وهوراس يتمتعون بالأقدمية والديمومة، على حساب شخصيات حديثة مثل درايدن بفضل العمر وأصالة الرأي».
يؤكد سعيد أن هذه الاعتبارات في زمن وسائل الإعلام الإلكترونية «تفقد معظم ما لها من أهمية، ما دام كل من هو مزود بكمبيوتر وبمدخل لائق إلى الانترنت بات قادراً على الوصول إلى أعداد من الناس تفوق الذين وصل إليهم [جوناثان] سويفت».
يشير سعيد إلى الظرف التاريخي المتمثل في العامل التكنولوجي، وقدرته العجيبة في صنع التغيير، وزلزلة قيم أثيرة وتقاليد تاريخية، ترتبط بمختلف مراحل العملية الأدبية وأضلاعها. أولى تلك القيم ترتبط بالجمهور الأدبي وانتشار العمل، أو عدد القراء بعبارة أخرى، إذ تُختصر عملية النشر -التي تأخذ أسابيع عديدة- في دقائق، تتطلب توفر (آلة وقناة اتصال أو جهاز حاسب/ شبكة عنكبوتية)، ليحقق الكاتب انتشاراً قد لا يستطيعه كاتب الطرق التقليدية، ويصل إلى جمهور لا يحلم به كاتب شهير.. دخول الإعلام الجديد بكافة تطبيقاته وأنواعه أسهم في تكريس هذه الحالة كما نرى، وأصبح النشر ممكناً لكل من حمل جهازاً محمولاً من أي مكان، وفي أي شأن أراد.
مفهوم الجمهور التقليدي يسقط أيضاً أمام مفهوم الجمهور الافتراضي الذي تكرسه الوسائل الحديثة كبديل، وهو ما يفتح الطريق أمام «لا زمانية» و»لا مكانية» الكتابة.. فمقالة قد يكتبها مؤلف من مكتبه في الولايات المتحدة، لصالح جهة إعلامية إنجليزية، تظهر في الوقت نفسه على شاشات الانترنت حول العالم بقاراته السبع.. هذا الانتشار السريع والواسع لا يعني الثبات بأي حال من الأحوال، لأن السرعة قد تكون -أيضاً- صفةً لتلاشي هذا الجمهور، مثلما هي صفة القبض عليه.. «لذا -يضيف سعيد- علينا جميعاً أن نعمل الآن، تحدونا فكرةٌ تقول إننا على الأرجح واصلون إلى جماهير أوسع مما كنا نتصوره حتى منذ عقد من الزمن، مع أن حظوظنا في المحافظة على ذلك الجمهور قليلة جداً للسبب ذاته».
في جانب آخر، أدى تطور مفاهيم الحفظ والأرشفة -إثر دخولها النظام الإلكتروني- إلى اهتزاز مفاهيم أكثر عمقاً مثل مفهوم (الخطاب)، «إذ يجب تعديل أفكارنا عن الأرشيف والخطاب تعديلاً جذرياً، إذ لم يعد في الإمكان اعتماد تعريفهما الذي حاوله فوكو بجهد جهيد منذ ما لا يتجاوز عقدين من الزمن». الأرشفة الإلكترونية، وحفظ النصوص لفترات زمنية أطول، مع سهولة الاستدعاء جعلت مؤسسات الرقابة تحتار في كيفية التعامل مع الكتابة، وخطرها على أجندة الحكومات التي تمثلها. ينتهي سعيد إلى أن ذلك كله يمس جوهر الكتابة وطبيعتها أحياناً، حين يضغط هذا (المدى الجديد المتوسع) على الكاتب بطريقة أو بأخرى، ليعيد النظر في أسلوبه في الكتابة، ويبوح بأفكار غامضة ومغلقة، دون حاجة لتوضيحها أو شفافية مطلقة لا حاجة لذكرها.
ويلخص إدوراد سعيد أبرز ملامح التغيير الطارئ على الخطاب الأدبي والثقافي، بعد دخول التقنية طرفاً مهماً ولاعباً رئيساً في المعادلة التاريخية، وذلك في معرض حديثه عن تهشم عدد من القيم الأساسية للأدب في العصر الحديث، كقضية القديم والحديث مثلاً، «حيث كان كتّاب مبجلون مثل هوميروس وهوراس يتمتعون بالأقدمية والديمومة، على حساب شخصيات حديثة مثل درايدن بفضل العمر وأصالة الرأي».
يؤكد سعيد أن هذه الاعتبارات في زمن وسائل الإعلام الإلكترونية «تفقد معظم ما لها من أهمية، ما دام كل من هو مزود بكمبيوتر وبمدخل لائق إلى الانترنت بات قادراً على الوصول إلى أعداد من الناس تفوق الذين وصل إليهم [جوناثان] سويفت».
يشير سعيد إلى الظرف التاريخي المتمثل في العامل التكنولوجي، وقدرته العجيبة في صنع التغيير، وزلزلة قيم أثيرة وتقاليد تاريخية، ترتبط بمختلف مراحل العملية الأدبية وأضلاعها. أولى تلك القيم ترتبط بالجمهور الأدبي وانتشار العمل، أو عدد القراء بعبارة أخرى، إذ تُختصر عملية النشر -التي تأخذ أسابيع عديدة- في دقائق، تتطلب توفر (آلة وقناة اتصال أو جهاز حاسب/ شبكة عنكبوتية)، ليحقق الكاتب انتشاراً قد لا يستطيعه كاتب الطرق التقليدية، ويصل إلى جمهور لا يحلم به كاتب شهير.. دخول الإعلام الجديد بكافة تطبيقاته وأنواعه أسهم في تكريس هذه الحالة كما نرى، وأصبح النشر ممكناً لكل من حمل جهازاً محمولاً من أي مكان، وفي أي شأن أراد.
مفهوم الجمهور التقليدي يسقط أيضاً أمام مفهوم الجمهور الافتراضي الذي تكرسه الوسائل الحديثة كبديل، وهو ما يفتح الطريق أمام «لا زمانية» و»لا مكانية» الكتابة.. فمقالة قد يكتبها مؤلف من مكتبه في الولايات المتحدة، لصالح جهة إعلامية إنجليزية، تظهر في الوقت نفسه على شاشات الانترنت حول العالم بقاراته السبع.. هذا الانتشار السريع والواسع لا يعني الثبات بأي حال من الأحوال، لأن السرعة قد تكون -أيضاً- صفةً لتلاشي هذا الجمهور، مثلما هي صفة القبض عليه.. «لذا -يضيف سعيد- علينا جميعاً أن نعمل الآن، تحدونا فكرةٌ تقول إننا على الأرجح واصلون إلى جماهير أوسع مما كنا نتصوره حتى منذ عقد من الزمن، مع أن حظوظنا في المحافظة على ذلك الجمهور قليلة جداً للسبب ذاته».
في جانب آخر، أدى تطور مفاهيم الحفظ والأرشفة -إثر دخولها النظام الإلكتروني- إلى اهتزاز مفاهيم أكثر عمقاً مثل مفهوم (الخطاب)، «إذ يجب تعديل أفكارنا عن الأرشيف والخطاب تعديلاً جذرياً، إذ لم يعد في الإمكان اعتماد تعريفهما الذي حاوله فوكو بجهد جهيد منذ ما لا يتجاوز عقدين من الزمن». الأرشفة الإلكترونية، وحفظ النصوص لفترات زمنية أطول، مع سهولة الاستدعاء جعلت مؤسسات الرقابة تحتار في كيفية التعامل مع الكتابة، وخطرها على أجندة الحكومات التي تمثلها. ينتهي سعيد إلى أن ذلك كله يمس جوهر الكتابة وطبيعتها أحياناً، حين يضغط هذا (المدى الجديد المتوسع) على الكاتب بطريقة أو بأخرى، ليعيد النظر في أسلوبه في الكتابة، ويبوح بأفكار غامضة ومغلقة، دون حاجة لتوضيحها أو شفافية مطلقة لا حاجة لذكرها.