كتاب
دور المرأة في مراحل تأسيس الدولة السعودية (2)
تاريخ النشر: 23 فبراير 2023 23:03 KSA
في الجزء الأول من هذا المقال، تحدثتُ عن دور المرأة في تأسيس الدولة السعودية الأولى، مع التوقف عند تجاهل المؤرخيْن «ابن بشر وابن غنّام» لهذا الدور بصورةٍ عامة.
أمّا عن دور المرأة في الدولة السعودية الثانية، فمن النساء اللواتي كان لهن دور بارز: الجوهرة بنت فيصل بن تركي آل سعود، جدّها من جهة أمها؛ الشيخ عبدالعزيز بن حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر أبرز علماء نجد في القرن الثالث عشر الهجري، وأمها سارة، تزوج بها الإمام فيصل بن تركي بعد عودته من مصر عام 1259هـ خلال تواجده في سدوس قبل دخوله إلى الرياض، وقد اختلفت الروايات في تحديد ميلاد الجوهرة ما بين عام (1267 إلى 1270هـ)، وقد حظيت بعناية والدها مما أثَّر على شخصيتها؛ فألّمت بالتاريخ والسير وحفظ القرآن الكريم ومعرفة الاستنباطات الفقهية والسنة النبوية، والحرص على جمع الكتب ووقفها في سبيل العلم.
وتزوجت من طلال بن عبدالله بن رشيد أمير حائل خلال الفترة من 1262هـ/1847م إلى 1283هـ/1866م، ولم تنجب له أبناء، وبعد وفاته تزوجت مرة أخرى من سعود بن جلوي بن تركي، وقد شهدت الصراع بين إخوتها بعد وفاة والدها عام 1282هـ؛ فعملت على غرس العزيمة في النفوس؛ فكانت تُرسِّخ في نفس الملك عبدالعزيز ركائز الحكم، حيث كانت تُردِّد على مسامعه: «لا تكون عظمة بيت ابن سعود غاية مساعيك، إن عليك أن تجاهد لعظمة الإسلام، إنّ قومك لفي أمس الحاجة إلى قائد يرشدهم إلى طريق النبي الكريم، وإنك أنت ستكون ذلك القائد».
وكان لها دور بعد معركة المليداء عام 1380هـ/1891م؛ إذ آثرت الجوهرة البقاء في الرياض على مغادرتها إلى الكويت، وخلال تلك الفترة كانت تقيم معها ابنة أخيها سارة بنت الإمام عبدالله بن فيصل؛ فتولت رعايتها، وقد تزوجها الملك عبدالعزيز أثناء قدومه إلى الرياض عام 1318هـ/1901م.
كان منزلها مفتوحًا لأفراد أسرة والدتها؛ فعندما أصيب عبدالرحمن بن معمر في هجوم عبدالعزيز بن متعب بن رشيد على الرياض عام 1321هـ/1903م قصد منزلها بحكم أنّه من أخوالها آل معمر، وقد أوكل إليها الملك عبدالعزيز مهمة تثقيف النساء في قصره، وتعليمهن التنشئة الإسلامية الصحيحة، وكان يستشيرها الملك عبدالعزيز في تدبير شؤون البلاد، وقد توفيت عام 1354هـ/1935م.
وهكذا نجد المرأة في الجزيرة العربية، استطاعت بفطرتها السليمة وبصيرتها النافذة أن تسهم في بناء الكيان السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمجتمعها وتوحيده تحت راية واحدة، كما كان لها دور كبير في البادية؛ إذ نجد أنّ معظم الصناعات اليدوية في البادية كانت تقوم بها النساء، إضافةً لرعي الأغنام وورود الآبار لإحضار الماء، وصناعة السمن البلدي والزبدة من حليب الغنم.. أمّا وضع المرأة في المناطق الزراعية، فلم يكن أقل شأناً، فكانت تعمل مع الرجل في الحقل وغيرها.
وعلى الساحل الشرقي للخليج العربي في المنطقة الشرقية كانت مهنة الغوص لصيد اللؤلؤ من أهم مهن الخليج العربي قبل اكتشاف النفط، فكانت زوجة الغواص تسهم بدور إيجابي في حياة أسرتها ومجتمعها الصغير، فكانت بسبب ندرة مصادر الدخل تساعد زوجها في العمل، وتقوم بخياطة الملابس لنساء الحي، أو المتاجرة بسلع بسيطة، بالإضافة إلى رعاية شؤون العائلة.
كما كان لها دور في بناء النهضة التعليمية في المملكة، فقد مر تعليم الفتاة في المدارس بطورين، الأول: التعليم الأهلي ومراحله، والثاني: التعليم الحكومي ومراحله. فبعد دخول الملك عبدالعزيز مكة المكرمة اجتمع بعلمائها لبحث مسألة التعليم، وكان من نتاج ذلك نشأة مديرية المعارف عام 1344هـ، وبذلك وضع الملك عبدالعزيز الأسس الرئيسية لأول مؤسسة تعليمية حديثة في البلاد، وبدأت مدارس البنين في الانتشار في عدد من مدن المملكة، ثم بدأت المرحلة الانتقالية أيضًا لتعليم المرأة تأخذ طريقها نحو الأمام، حيث بدأت تتأسس مدارس أهلية منذ عام 1348هـ وتحول عدد من الكتاتيب إلى مدارس تتبع منهج مديرية المعارف، وقد بلغ عدد تلك المدارس قبل نشأة الرئاسة العامة أكثر من 46 مدرسة أهلية موزعة على مدن المملكة.. وقد خصصت بعض المدارس قسمًا للبنات منذ 1358هـ/1940م، ونظرًا لقلة الإقبال على تعليم الفتيات أُغلق هذا القسم عام 1370هـ/1951م.. ويعود تعليم المرأة الرسمي إلى عام 1379هـ/ 1959م حين أقرت الدولة حق التعليم للفتاة وذلك بعد عشرين عامًا من إتاحته للبنين.. وقد أسهمت المرأة السعودية في النهضتين التعليمية والعلمية، من خلال إنشاء كتاتيب البنات، ثم المدارس الأهلية بجدة، والرياض، والمدينة المنورة.. وبالرغم أنّ التعليم الرسمي للبنات بدأ في مملكتنا عام 1379/ 1959م، إلّا أنّنا نجد من الفتيات السعوديات من تخرّجن من الجامعات قبل هذا التاريخ، وهذا يعني أنّ منهن من جاهد وتعب في سبيل التحصيل العلمي خارج المملكة، وأهاليهن لم يبخلوا عليهن رغم ضخامة التكاليف، وكنّ هؤلاء اللبنة الأولى في بناء دور الدولة التعليمي للفتاة، ووضع أسسه الراسخة.
أمّا عن دور المرأة في الدولة السعودية الثانية، فمن النساء اللواتي كان لهن دور بارز: الجوهرة بنت فيصل بن تركي آل سعود، جدّها من جهة أمها؛ الشيخ عبدالعزيز بن حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر أبرز علماء نجد في القرن الثالث عشر الهجري، وأمها سارة، تزوج بها الإمام فيصل بن تركي بعد عودته من مصر عام 1259هـ خلال تواجده في سدوس قبل دخوله إلى الرياض، وقد اختلفت الروايات في تحديد ميلاد الجوهرة ما بين عام (1267 إلى 1270هـ)، وقد حظيت بعناية والدها مما أثَّر على شخصيتها؛ فألّمت بالتاريخ والسير وحفظ القرآن الكريم ومعرفة الاستنباطات الفقهية والسنة النبوية، والحرص على جمع الكتب ووقفها في سبيل العلم.
وتزوجت من طلال بن عبدالله بن رشيد أمير حائل خلال الفترة من 1262هـ/1847م إلى 1283هـ/1866م، ولم تنجب له أبناء، وبعد وفاته تزوجت مرة أخرى من سعود بن جلوي بن تركي، وقد شهدت الصراع بين إخوتها بعد وفاة والدها عام 1282هـ؛ فعملت على غرس العزيمة في النفوس؛ فكانت تُرسِّخ في نفس الملك عبدالعزيز ركائز الحكم، حيث كانت تُردِّد على مسامعه: «لا تكون عظمة بيت ابن سعود غاية مساعيك، إن عليك أن تجاهد لعظمة الإسلام، إنّ قومك لفي أمس الحاجة إلى قائد يرشدهم إلى طريق النبي الكريم، وإنك أنت ستكون ذلك القائد».
وكان لها دور بعد معركة المليداء عام 1380هـ/1891م؛ إذ آثرت الجوهرة البقاء في الرياض على مغادرتها إلى الكويت، وخلال تلك الفترة كانت تقيم معها ابنة أخيها سارة بنت الإمام عبدالله بن فيصل؛ فتولت رعايتها، وقد تزوجها الملك عبدالعزيز أثناء قدومه إلى الرياض عام 1318هـ/1901م.
كان منزلها مفتوحًا لأفراد أسرة والدتها؛ فعندما أصيب عبدالرحمن بن معمر في هجوم عبدالعزيز بن متعب بن رشيد على الرياض عام 1321هـ/1903م قصد منزلها بحكم أنّه من أخوالها آل معمر، وقد أوكل إليها الملك عبدالعزيز مهمة تثقيف النساء في قصره، وتعليمهن التنشئة الإسلامية الصحيحة، وكان يستشيرها الملك عبدالعزيز في تدبير شؤون البلاد، وقد توفيت عام 1354هـ/1935م.
وهكذا نجد المرأة في الجزيرة العربية، استطاعت بفطرتها السليمة وبصيرتها النافذة أن تسهم في بناء الكيان السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمجتمعها وتوحيده تحت راية واحدة، كما كان لها دور كبير في البادية؛ إذ نجد أنّ معظم الصناعات اليدوية في البادية كانت تقوم بها النساء، إضافةً لرعي الأغنام وورود الآبار لإحضار الماء، وصناعة السمن البلدي والزبدة من حليب الغنم.. أمّا وضع المرأة في المناطق الزراعية، فلم يكن أقل شأناً، فكانت تعمل مع الرجل في الحقل وغيرها.
وعلى الساحل الشرقي للخليج العربي في المنطقة الشرقية كانت مهنة الغوص لصيد اللؤلؤ من أهم مهن الخليج العربي قبل اكتشاف النفط، فكانت زوجة الغواص تسهم بدور إيجابي في حياة أسرتها ومجتمعها الصغير، فكانت بسبب ندرة مصادر الدخل تساعد زوجها في العمل، وتقوم بخياطة الملابس لنساء الحي، أو المتاجرة بسلع بسيطة، بالإضافة إلى رعاية شؤون العائلة.
كما كان لها دور في بناء النهضة التعليمية في المملكة، فقد مر تعليم الفتاة في المدارس بطورين، الأول: التعليم الأهلي ومراحله، والثاني: التعليم الحكومي ومراحله. فبعد دخول الملك عبدالعزيز مكة المكرمة اجتمع بعلمائها لبحث مسألة التعليم، وكان من نتاج ذلك نشأة مديرية المعارف عام 1344هـ، وبذلك وضع الملك عبدالعزيز الأسس الرئيسية لأول مؤسسة تعليمية حديثة في البلاد، وبدأت مدارس البنين في الانتشار في عدد من مدن المملكة، ثم بدأت المرحلة الانتقالية أيضًا لتعليم المرأة تأخذ طريقها نحو الأمام، حيث بدأت تتأسس مدارس أهلية منذ عام 1348هـ وتحول عدد من الكتاتيب إلى مدارس تتبع منهج مديرية المعارف، وقد بلغ عدد تلك المدارس قبل نشأة الرئاسة العامة أكثر من 46 مدرسة أهلية موزعة على مدن المملكة.. وقد خصصت بعض المدارس قسمًا للبنات منذ 1358هـ/1940م، ونظرًا لقلة الإقبال على تعليم الفتيات أُغلق هذا القسم عام 1370هـ/1951م.. ويعود تعليم المرأة الرسمي إلى عام 1379هـ/ 1959م حين أقرت الدولة حق التعليم للفتاة وذلك بعد عشرين عامًا من إتاحته للبنين.. وقد أسهمت المرأة السعودية في النهضتين التعليمية والعلمية، من خلال إنشاء كتاتيب البنات، ثم المدارس الأهلية بجدة، والرياض، والمدينة المنورة.. وبالرغم أنّ التعليم الرسمي للبنات بدأ في مملكتنا عام 1379/ 1959م، إلّا أنّنا نجد من الفتيات السعوديات من تخرّجن من الجامعات قبل هذا التاريخ، وهذا يعني أنّ منهن من جاهد وتعب في سبيل التحصيل العلمي خارج المملكة، وأهاليهن لم يبخلوا عليهن رغم ضخامة التكاليف، وكنّ هؤلاء اللبنة الأولى في بناء دور الدولة التعليمي للفتاة، ووضع أسسه الراسخة.