كتاب
ولو شاء لهداكم أجمعين
تاريخ النشر: 12 مارس 2023 22:56 KSA
لقد خلَق الله الخلق متفاوتينَ مظهراً ومَخْبراً، وجعلَهم طرائق قِدَداً، (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) [هود:118]، وتلكَ حكمته سبحانه ليدل بذلك على قدرته، ونفاذ إرادته، ولتجري أقداره بامتحان الناس، ولذلك لم يجعلهم جميعاً مؤمنين وهو القادر على ذلك لو شاء، قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا) [يونس:99]، وقال جلَّ جلاله: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [الأنعام:35]، وقال عز من قائل: (وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) [النحل:149].
يقول الطاهر بن عاشور: «إن المولى جل شأنه قد خلق الناس على جِبِلَّةٍ قاضيةٍ باختلاف الآراء والنزعاتِ، كان مُريداً لمقتضى تلك الجِبِلَّةِ وعالماً به، ولذلك فإن الاختلاف دائمٌ بينهم؛ لأنه من مقتضى ما جبلتْ عليه العقول».
ولئلا يتحوَّل هذا الاختلاف إلى احتراب يتفانى فيه البشر، فيفسدون في الأرض، ويهلكون الحرث والنسل، شرع الله سبحانه من أسباب التسامح، وطرق التعايش، وأدوات التقارب، ما هو بإذن الله كفيل باستقرار حياة الناس، وديمومة أمنهم، إلا من بادر بالعدوان فقد شرع الله ردَّ عدوانه بمثله: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) [البقرة:194].
ومن هذه الأساليب المشروعة في تحقيق الوفاق بين البشرِ: (الحوار)، و(الحوار) منهج قرآني أصيل، وقد ذكر في القرآن صراحة بلفظه وإشارة.
فأمَّا الذكرُ الصريح فقد جاء في ثلاثة مواضع: (فقال لصاحبه وهو يُحاورُهُ أنا أكثرُ منك مالاً وأعزُّ نفراً) [الكهف:34]، (قال له صاحبُهُ وهو يحاورُهُ أكفرتَ بالذي خلقك من ترابٍ) [الكهف:37]، (والله يسمعُ تحاوُرَكُما) [المجادلة:1].
وأمَّا ذِكْرُهُ إشارةً فقد جاء على وجهين: الأول: الجدال المحمود، كقوله تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسنُ) [النحل:125]، والثاني: ذِكْرُ ما وقع بين المتحاورين من قولٍ، وهذا كثير جداً، كالذي حكاه القرآن من الحوارِ بين إبراهيم عليه السلام والنمرود مثلاً: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [البقرة:258]
ولو استقرأنا سنةَ المصطفى صلى الله عليه وسلم لوجدنا الحوار حاضراً تنظيراً وتطبيقاً، ولرأينا له صوراً تصلح أصولاً لآداب الحوار، وطرائقه، ووسائل نجاحه.
يقول الطاهر بن عاشور: «إن المولى جل شأنه قد خلق الناس على جِبِلَّةٍ قاضيةٍ باختلاف الآراء والنزعاتِ، كان مُريداً لمقتضى تلك الجِبِلَّةِ وعالماً به، ولذلك فإن الاختلاف دائمٌ بينهم؛ لأنه من مقتضى ما جبلتْ عليه العقول».
ولئلا يتحوَّل هذا الاختلاف إلى احتراب يتفانى فيه البشر، فيفسدون في الأرض، ويهلكون الحرث والنسل، شرع الله سبحانه من أسباب التسامح، وطرق التعايش، وأدوات التقارب، ما هو بإذن الله كفيل باستقرار حياة الناس، وديمومة أمنهم، إلا من بادر بالعدوان فقد شرع الله ردَّ عدوانه بمثله: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) [البقرة:194].
ومن هذه الأساليب المشروعة في تحقيق الوفاق بين البشرِ: (الحوار)، و(الحوار) منهج قرآني أصيل، وقد ذكر في القرآن صراحة بلفظه وإشارة.
فأمَّا الذكرُ الصريح فقد جاء في ثلاثة مواضع: (فقال لصاحبه وهو يُحاورُهُ أنا أكثرُ منك مالاً وأعزُّ نفراً) [الكهف:34]، (قال له صاحبُهُ وهو يحاورُهُ أكفرتَ بالذي خلقك من ترابٍ) [الكهف:37]، (والله يسمعُ تحاوُرَكُما) [المجادلة:1].
وأمَّا ذِكْرُهُ إشارةً فقد جاء على وجهين: الأول: الجدال المحمود، كقوله تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسنُ) [النحل:125]، والثاني: ذِكْرُ ما وقع بين المتحاورين من قولٍ، وهذا كثير جداً، كالذي حكاه القرآن من الحوارِ بين إبراهيم عليه السلام والنمرود مثلاً: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [البقرة:258]
ولو استقرأنا سنةَ المصطفى صلى الله عليه وسلم لوجدنا الحوار حاضراً تنظيراً وتطبيقاً، ولرأينا له صوراً تصلح أصولاً لآداب الحوار، وطرائقه، ووسائل نجاحه.