اقتصادنا.. والاستقلالية

عند الحديث عن الاستقلالية؛ قد يذهب الفِكر نحو النفط والاقتصاد الريعي، أو إلى المواد الخام، واستمرار تحويلها إلى نقد..

ولكن ما نقصده هنا هو استقلال الاقتصاد السعودي عن الغرب من خلال تنمية الصناعة والخدمات، ورفع الاعتمادية فيها على الاقتصاد السعودي..

ومع مرور عدة عقود على تنمية وتطوير الصناعة والزراعة وغيرها من الأنشطة الإنتاجية والخدمية، أصبح الطريق واضحاً لدينا..

كما أن استثمار السيولة المتوفرة لدينا ومن خلال صندوق الاستثمار العام اختلفت عن الماضي، حيث تركَّزت سابقاً في السندات الحكومية وفي الدولار حصراً، وفي العقد الحالي نجد الخروج من هذا البعد الاستثماري والدخول في أبعادٍ أخرى أكثر فعالية، ونهجت السعودية نحو مراجعة مصلحتها وتنمية استثماراتها محلياً..

ولأول مرة وخلال الحقبة الحالية، نجد انطلاقة في تحرير السيولة، وتوجيهها نحو تحقيق نمو فيها، وفي أوجه ذات مردود أفضل، وتسخيرها لدعم القطاع الأهلي في إحداث التنمية الاقتصادية المطلوبة..

ولاشك أن هذا التوجُّه لا يعتبر خاص بالسعودية فقط، ولكن نجده في عدد كبير من الدول، سواء كانت أوروبية أو شرق آسيوية..

وقد يحاول البعض ربطه بأحداث أوكرانيا، ولكنه في الواقع بدأ قبل بداية العقد الحالي، وأمام تغيُّر مؤسسات التقييم، مثل ستاندرد آند لور وغيرها؛ حول الاقتصاد الأمريكي، ونمو دينه القومي إلى مستويات كبيرة، واستمرار طباعة الدولار دون وجود ما يغطي سوى السندات، ومنذ عهد الرئيس أوباما، نجد موجات التحفيز الكمي لمعالجة الخلل، وانهيار المؤسسات المالية، والذي نراه بدأ يصعد مرة أخرى في العقد الحالي، الذي أدى إلى أن تراعي الدول مصالحها، وتحمي ثرواتها من التلاشي والانهيار من خلال تنويع أدواتها الاستثمارية، وإدارة الثروات بما يعود عليها وعلى اقتصادها بالنفع..

والملاحظ أن الاقتصاد العالمي مر بهزَّات مالية ثلاث خلال أقل من عشرين سنة، وشهدنا كمية ضخ من قبل أمريكا، وحملات تيسير مالي ضخمة، ومحاربة التضخم ودعم اقتصادها على حساب العالم..

ولابد للعالم أن يدرك أهمية حماية اقتصاده وتنميته؛ في ظل الأوضاع الحالية السائدة، والانهيارات الحاصلة..

والسعودية أمامها مشوار تنموي لدعمها في العقد الحالي وتحقيق خططها، وهي ليست ملزمة تجاه أي جهة عدا اقتصادها المحلي، وضمان أمن مواطنيها.