كتاب
(كذَّابين الزفة)!
تاريخ النشر: 04 أبريل 2023 23:40 KSA
في المحكية المصرية الجميلة، ثمة تعبير شعبي شديد البلاغة والدقة؛ هو «كدَّابين الزفة»، ويعني أولئك الذين يجتمعون حول موائد الأعراس ليبالغوا في مدح العريس أو العروسة، ووصفهما كذبًا بأوصاف خارقة لا تتفق مع حقيقتهم، إما كنوع من المجاملة بداعي الصداقة أو القربى، أو من أجل النفاق المدفوع، فيجعلون من العريس الغلبان (الفارس المغوار) الذي (لا يشق له غبار)، حتى وإن كان (لا يقوى على ركوب الحمار)!.
العجيب أن هذه (الزّفة) بمنافقيها وزيفها وكل أكاذيبها؛ موجودة في الإدارة العربية، بل إنها إحدى سماتها الأصيلة، أو قل إن شئت إحدى أكبر كوارثها، فـ «جوقة» الكذَّابين تظهر في العادة مع ظهور أي مدير جديد، تتراقص من حوله، وتنسج أساطير البطولة والعبقرية باعتباره (سندباد الإدارة)؛ الذي خاض كل بحورها، وأستاذها الذي لا يستعصي على علمه شيء، حتى وإن كانوا يعلمون أنه (ما يدري وين الله حاطّه).. إلى آخر قصائد النفخ الكاذب التي يصنعون من خلالها بالون (المدير اللعبة)، الذي لا يعبأ بواقع المنظمة قدر اهتمامه بمصالح (شلة الكذابين)، متخذاً من القرارات ما يطربهم ويزيد من طاقة أكاذيبهم، فيكون كمن يعيش في جزيرة منعزلة لا يرى فيها غير نفسه، وشلة المقربين منه!.
هذه الجوقة صانعة الأكاذيب؛ تتحمَّل من مسؤولية الفساد ما يفوق الفاسد نفسه، فهو صنيعتهم، وما كان له خوض طريق الفساد الصعب والخطير؛ لولا مساندتهم وتشجيعهم.. يُضلّلون أصحاب القرار عن كوارثه حينًا، ويزينون له سوءاته و(يسلّكون) شطحاته حينًا، ويذرّون الملح في عيون الناس في كل الأحيان، لأن بقاءه يعني ضمان حصولهم على المكاسب والمناصب، واستمرارهم كجزء من النظام الفاسد، حتى ظهور زفة جديدة لمسؤول جديد.
تتفاقم المشكلة عندما يحيط هؤلاء المرتزقة أنفسهم بهالة من الفوقية والخشونة في التعامل مع بقية الموظفين، اعتماداً على قربهم من سعادة المدير (المعمعم) الذي يصعب الوصول إليه إلا من خلالهم، والنتيجة أن تجد أصحاب الحقوق من الموظفين مضطرين للتقرب والتودد لهذه العصابة، وأحياناً التملّق إليهم، لا من أجل محاصصتهم الغنائم، بل لكي يستطيعوا فقط تسيير أمورهم البسيطة، والحصول على حقوقهم الطبيعية.. أليس هذا من أشد الكوارث؟!.
رغم النجاحات المتتالية والمبهجة التي تحققها هيئة مكافحة الفساد، إلّا أن هذا الفكر لا يزال مترسخاً - للأسف- في وجدان وعقول الكثيرين، بل إنه أصبح جزءًا من التراث الإداري المتوارث، ربما لوجود ثقافة قديمة روّجت طويلاً أن التبعية والتطبيل هما الطريق الأسهل والأضمن لتحقيق الأهداف الوظيفية.. وربما لظروف التربية والتنشئة الاجتماعية التقليدية التي تنظر لهذه الأفعال على أنها نوع من (الشطارة) و(الفهلوة).. لكن الأكيد في كل الأحوال أننا بحاجة للمزيد من التوعية بخطورة هذه الظاهرة، والحث على ضرورة التعاون مع الجهات المختصة في سبيل تخليص كل بيئات العمل من فِرق (كذَّابين الزفة)، ومن أغنياتهم وألاعيبهم وجميع طقوسهم، حفظًا لموارد الوطن وحفاظًا على مقدراته.
العجيب أن هذه (الزّفة) بمنافقيها وزيفها وكل أكاذيبها؛ موجودة في الإدارة العربية، بل إنها إحدى سماتها الأصيلة، أو قل إن شئت إحدى أكبر كوارثها، فـ «جوقة» الكذَّابين تظهر في العادة مع ظهور أي مدير جديد، تتراقص من حوله، وتنسج أساطير البطولة والعبقرية باعتباره (سندباد الإدارة)؛ الذي خاض كل بحورها، وأستاذها الذي لا يستعصي على علمه شيء، حتى وإن كانوا يعلمون أنه (ما يدري وين الله حاطّه).. إلى آخر قصائد النفخ الكاذب التي يصنعون من خلالها بالون (المدير اللعبة)، الذي لا يعبأ بواقع المنظمة قدر اهتمامه بمصالح (شلة الكذابين)، متخذاً من القرارات ما يطربهم ويزيد من طاقة أكاذيبهم، فيكون كمن يعيش في جزيرة منعزلة لا يرى فيها غير نفسه، وشلة المقربين منه!.
هذه الجوقة صانعة الأكاذيب؛ تتحمَّل من مسؤولية الفساد ما يفوق الفاسد نفسه، فهو صنيعتهم، وما كان له خوض طريق الفساد الصعب والخطير؛ لولا مساندتهم وتشجيعهم.. يُضلّلون أصحاب القرار عن كوارثه حينًا، ويزينون له سوءاته و(يسلّكون) شطحاته حينًا، ويذرّون الملح في عيون الناس في كل الأحيان، لأن بقاءه يعني ضمان حصولهم على المكاسب والمناصب، واستمرارهم كجزء من النظام الفاسد، حتى ظهور زفة جديدة لمسؤول جديد.
تتفاقم المشكلة عندما يحيط هؤلاء المرتزقة أنفسهم بهالة من الفوقية والخشونة في التعامل مع بقية الموظفين، اعتماداً على قربهم من سعادة المدير (المعمعم) الذي يصعب الوصول إليه إلا من خلالهم، والنتيجة أن تجد أصحاب الحقوق من الموظفين مضطرين للتقرب والتودد لهذه العصابة، وأحياناً التملّق إليهم، لا من أجل محاصصتهم الغنائم، بل لكي يستطيعوا فقط تسيير أمورهم البسيطة، والحصول على حقوقهم الطبيعية.. أليس هذا من أشد الكوارث؟!.
رغم النجاحات المتتالية والمبهجة التي تحققها هيئة مكافحة الفساد، إلّا أن هذا الفكر لا يزال مترسخاً - للأسف- في وجدان وعقول الكثيرين، بل إنه أصبح جزءًا من التراث الإداري المتوارث، ربما لوجود ثقافة قديمة روّجت طويلاً أن التبعية والتطبيل هما الطريق الأسهل والأضمن لتحقيق الأهداف الوظيفية.. وربما لظروف التربية والتنشئة الاجتماعية التقليدية التي تنظر لهذه الأفعال على أنها نوع من (الشطارة) و(الفهلوة).. لكن الأكيد في كل الأحوال أننا بحاجة للمزيد من التوعية بخطورة هذه الظاهرة، والحث على ضرورة التعاون مع الجهات المختصة في سبيل تخليص كل بيئات العمل من فِرق (كذَّابين الزفة)، ومن أغنياتهم وألاعيبهم وجميع طقوسهم، حفظًا لموارد الوطن وحفاظًا على مقدراته.