كتاب
الأفَّاك الأثيم..!! (2-2)
تاريخ النشر: 28 أبريل 2023 09:55 KSA
يأتي الوعي -والوعي وحده- (مصدًّا) لكل الشكاوى الكيديّة، وما يتبعها من الدّسائس والمؤامرات، خاصّة في ظلّ تعدّد أنواعها، وأشكالها، ومنافذها، وإسقاطاتها.
فمن السَّخف -حدّ البلاهةِ- أن يكتب أحدهم 'عريضة' يصبّ فيها جامّ كذبه وإفكه؛ فضلًا عمَّا يختلج في سويداء قلبه من حقد وحسد على بعض الناجحين، والنابهين، والمخلصين؛ لينال منهم بطريقة بليدة، تتراءى فيها أمارات الخسّة والجبن، فيقول إفكًا، ويكتب إثمًا، ثم يغلّف ما يقول ويكتب من الإفك والإثم، ليرسله -كما يتوّهم أو يُوهم- تحت غطاء 'المراسيل' والظروف المغلّفة؛ ظنًّا أنّ أمارات التزوير، والبهتان فيما ادّعى أو زعم قد تنطلي على أصحاب الوعي من ذوي الفطنة والكياسة.
لقد قلت مرارًا وتكرارًا إنّ أعداء النجاح هم بالكثرة؛ ولكنّهم لا يغيبون عن ذوي النباهة، وأنّ دسائس الحاقدين ومكايدهم ومؤامراتهم ليس لها حدّ في عرف العقلاء وأولي الألباب.
فالرجل الناجح لا يكترث -قليلًا أو كثيرًا- بما يصدر من أقوال أو أفعال من أصحاب الضغائن والإحن، إلاّ بالقدر الذي يدفعه إلى مزيد من الإخلاص والمثابرة، وكسر ما يندّ منهم من إفك، ومن بهتان.
وللمرة الثانية نعود إلى ما بثّه (ديل كارنيجي) إذ يقول: 'قابلت ذات يوم (جنرال سيمدلي بتلر) الملقب بشيطان الجحيم، والمعروف بأنه من أحزم القواد الذين تعاقبوا على البحرية في الولايات المتحدة، فأخبرني أنه كان صبيًا طموحًا إلى الشهرة الواسعة، والجاه العريض، وقوة الشخصية؛ لهذا كان يضيق بأقل ما يُوجّه إليه من نقد، ويهيج لأتفه ما يمسّ الكرامة والكبرياء.
غير أنّ الأعوام الثلاثين التي قضاها في البحرية غيّرت طباعه، وجعلته أمنع من أن ينال منه النقد، قال لي: لطالما ذقت صنوفًا من الإهانة والإذلال، ولطالما رُميت بأنّي كلب عقور، وحيّة رقطاء، وثعلب مراوغ.. ولطالما لعنني خبراء في فن الشتم، فلم يَدَعوا مقذعًا من ألوان السّباب إلاّ رموني به!!.
فهل تراني ألقيت بالاً إلى ذلك كله؟ كلا.!
ولو أنّني سمعت اليوم واحدًا يسبّني لما حوّلت نظري إليه لأعرف مَن عساه يكون.
وحقّ علينا في ختام هذه المقالة أن نكرر -ونحن صادقون- ما يقول به (لنكولن): 'لو أنّني حاولت أن أقرأ فقط لأردّ على ما وُجّه إليّ من نقد؛ لشغل هذا وقتي كله، ولعطّلني عن أعمالي!! ولكنّني أبذل جهدي في أداء واجبي، فإذا أثمرت جهودي فلا شيء من النقد الذي وُجّه إليّ يهمني بعد ذلك: إنّه سيختفي من تلقاء نفسه.
أمّا إذا خاب مسعاي، فلو أقسمت الملائكة على حُسن نيّتي ما أجداني هذا فتيلًا، حسبي فيما يتصل بآراء الناس أنّي أدّيت واجبي، وأرضيت ضميري.
فمن الأعداء -كما يقول العقاد- من تودّ لو تشتريه بمالك وسعيك، إذا أنت افتقدته فلم تجده من حولك، ومن حقك أن تشتري العدوّ الذي لا يعاديك إلا حسدًا على نعمة، فليس أسوأ حالًا من إنسان على حالة لا يُحسد عليها، وليس من الخير اتّقاء حسده بخسارة نعمتك.
وقد قال أبو تمام:
قَدْ يُنعمُ اللهُ بالبَلوَى وإنْ عَظُمتْ
وَيبتلِي اللهُ بعضَ القومِ بالنّعمِ
فاصلة:
هناك مسؤولون آية في الوعي الإداري، وآية في السموّ الأخلاقي؛ فبقدر ما يستحقون الاحترام والتقدير، بقدر ما يستحقون نياشين الإجلال، وأوسمة التوقير.
فمن السَّخف -حدّ البلاهةِ- أن يكتب أحدهم 'عريضة' يصبّ فيها جامّ كذبه وإفكه؛ فضلًا عمَّا يختلج في سويداء قلبه من حقد وحسد على بعض الناجحين، والنابهين، والمخلصين؛ لينال منهم بطريقة بليدة، تتراءى فيها أمارات الخسّة والجبن، فيقول إفكًا، ويكتب إثمًا، ثم يغلّف ما يقول ويكتب من الإفك والإثم، ليرسله -كما يتوّهم أو يُوهم- تحت غطاء 'المراسيل' والظروف المغلّفة؛ ظنًّا أنّ أمارات التزوير، والبهتان فيما ادّعى أو زعم قد تنطلي على أصحاب الوعي من ذوي الفطنة والكياسة.
لقد قلت مرارًا وتكرارًا إنّ أعداء النجاح هم بالكثرة؛ ولكنّهم لا يغيبون عن ذوي النباهة، وأنّ دسائس الحاقدين ومكايدهم ومؤامراتهم ليس لها حدّ في عرف العقلاء وأولي الألباب.
فالرجل الناجح لا يكترث -قليلًا أو كثيرًا- بما يصدر من أقوال أو أفعال من أصحاب الضغائن والإحن، إلاّ بالقدر الذي يدفعه إلى مزيد من الإخلاص والمثابرة، وكسر ما يندّ منهم من إفك، ومن بهتان.
وللمرة الثانية نعود إلى ما بثّه (ديل كارنيجي) إذ يقول: 'قابلت ذات يوم (جنرال سيمدلي بتلر) الملقب بشيطان الجحيم، والمعروف بأنه من أحزم القواد الذين تعاقبوا على البحرية في الولايات المتحدة، فأخبرني أنه كان صبيًا طموحًا إلى الشهرة الواسعة، والجاه العريض، وقوة الشخصية؛ لهذا كان يضيق بأقل ما يُوجّه إليه من نقد، ويهيج لأتفه ما يمسّ الكرامة والكبرياء.
غير أنّ الأعوام الثلاثين التي قضاها في البحرية غيّرت طباعه، وجعلته أمنع من أن ينال منه النقد، قال لي: لطالما ذقت صنوفًا من الإهانة والإذلال، ولطالما رُميت بأنّي كلب عقور، وحيّة رقطاء، وثعلب مراوغ.. ولطالما لعنني خبراء في فن الشتم، فلم يَدَعوا مقذعًا من ألوان السّباب إلاّ رموني به!!.
فهل تراني ألقيت بالاً إلى ذلك كله؟ كلا.!
ولو أنّني سمعت اليوم واحدًا يسبّني لما حوّلت نظري إليه لأعرف مَن عساه يكون.
وحقّ علينا في ختام هذه المقالة أن نكرر -ونحن صادقون- ما يقول به (لنكولن): 'لو أنّني حاولت أن أقرأ فقط لأردّ على ما وُجّه إليّ من نقد؛ لشغل هذا وقتي كله، ولعطّلني عن أعمالي!! ولكنّني أبذل جهدي في أداء واجبي، فإذا أثمرت جهودي فلا شيء من النقد الذي وُجّه إليّ يهمني بعد ذلك: إنّه سيختفي من تلقاء نفسه.
أمّا إذا خاب مسعاي، فلو أقسمت الملائكة على حُسن نيّتي ما أجداني هذا فتيلًا، حسبي فيما يتصل بآراء الناس أنّي أدّيت واجبي، وأرضيت ضميري.
فمن الأعداء -كما يقول العقاد- من تودّ لو تشتريه بمالك وسعيك، إذا أنت افتقدته فلم تجده من حولك، ومن حقك أن تشتري العدوّ الذي لا يعاديك إلا حسدًا على نعمة، فليس أسوأ حالًا من إنسان على حالة لا يُحسد عليها، وليس من الخير اتّقاء حسده بخسارة نعمتك.
وقد قال أبو تمام:
قَدْ يُنعمُ اللهُ بالبَلوَى وإنْ عَظُمتْ
وَيبتلِي اللهُ بعضَ القومِ بالنّعمِ
فاصلة:
هناك مسؤولون آية في الوعي الإداري، وآية في السموّ الأخلاقي؛ فبقدر ما يستحقون الاحترام والتقدير، بقدر ما يستحقون نياشين الإجلال، وأوسمة التوقير.