كتاب
الجاهلية والجهل قبل الحُكم السعودي!
تاريخ النشر: 13 يونيو 2023 23:47 KSA
ربما يبدو العنوان أعلاه مُستفِزًّا؛ كونه يقرر وجود حالتَي (الجاهلية والجهل) في كثير من الجهات داخل بلادنا (المملكة العربية السعودية) قبل قيام الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بتوحيد أجزائها ولم شتاتها تحت راية التوحيد الخالدة. الجاهلية والجهل صفتان تنفر منهما النفوس ولا تقبل بهما؛ كونهما يشيان بحالة من الفقر المعرفي والأخلاقي والعلمي، ويؤسسان لحالة من التردِّي على المستويات كافة، يُضاف إلى ذلك أن هاتين الصفتين جاءتا في القرآن الكريم في معرض الذم والتنقُّص، ومن المكابرة أن يأتي من ينسف وجود هاتين الحالتين (بالكلية)، ويرى أنهما من نسج خيال المؤرِّخين أو من تأزُّم المحافظين والوطنيين، والحقيقية التي لا تقبل الجدال أن هاتين الحالتين كان لهما وجودهما مع تفاوت في النسبة والقوة من مكان لآخر، ومن مكوِّن بشري لآخر.
المؤكَّد أن هناك تفسيرات متباينة لمفهوم (الجاهلية)، وربما يكون هناك بعض التفاوت في تفسير مفهوم (الجهل)، لكنني سأرتكز في تعريف هذين المفهومين على بقعة جغرافية محددة من وطننا الكبير، لنرى كيف كانت الحال الأمنية والدينية فيها قبل قيام الدولة السعودية الحالية وبعد قيامها، والبقعة الجغرافية التي أعنيها هي محافظتِي، محافظة (العُرْضِيَّات)، أقصى جنوب منطقة مكة المكرمة بين منطقتَي الباحة وعسير، وهذه المحافظة تغدو مثالًا ينسحب على بقية محافظات المملكة، (مع تفاوت بينها).
لذلك كان -وما يزال- كبار السن من الآباء والأجداد يرددون مقولةً لا تنفك عن ألسنتهم فيقولون: (أيام الجاهلية حصل كذا وكذا، الله لا يعيد أيام الجاهلية...)، وغيرها من المقولات التي يعنون بها فترة ما قبل قيام المملكة العربية السعودية، ومما يصادق على قولهم -وهذا الأمر يتبدَّى بشكل ظاهر وجلي في مناطق الجنوب الجبلية- هو الكم الوافر من القلاع والحصون التي كانت غايتها (حربية)، وهذه القلاع والحصون تكثر خاصة على الحدود بين القبائل، وهو الأمر الذي يؤكِّد وجود حالة من الفوضى والاحتراب وعدم الأمن والقتل بين القبائل من جهة، وبين الأفراد من جهة أخرى.
من هذا نعلم أن مقولات الآباء والأجداد عن الجاهلية لم تكن عبثية، بل كانت عن واقع مرير عاشوه هم والسابقون لهم، ولذا فإن مقصودهم بالجاهلية في مقولاتهم الواردة آنفًا هو (انعدام الأمن، والفوضى والقتل...) حتى جاء الملك عبدالعزيز فأرسى دعائم الأمن ووطده في البلاد طولًا وعرضًا، ثم جاءت أجيال نعمت بالأمن والسكينة، فكانت مفردة الجاهلية نكرة بالنسبة لها.
أما حالة (الجهل) فهي الأخرى كان لها حضورها؛ ففي مثالنا (محافظة العرضيات)، وهذا ينسحب على غيرها (بتفاوت)، لم تكن أمور الدين وأحكامه ظاهرة بين الناس، وكانت بعض الأمور الشركية لها وجودها بينهم، زد على ذلك التقصير الكبير في أمور العبادات -لكن ليس بتلك الدرجة التي يرى البعض أن الجهل أطبقَ فيها إطباقًا كاملًا على جزيرة العرب- حتى قامت هذه البلاد فاشتغلت على نشر الدِّين الخالص عبر مؤسساتها التعليمية منها والدينية، وهو ما جعل الإنسان على بصيرة بأمور دينه، فكان الناس بين مستقلٍّ ومستكثر وجافٍ ومغالٍ. ويبقى الشاهد في المسألة هو حالة الوعي بالدين وأحكامه التي توسعت بين الناس، ولذلك تجد كبار السن يقولون: (كان الناس يفعلون كذا وكذا أيام الجِهْل) بكسر الجيم، ومقصودهم بذلك حالة الجَهل بأحكام الدين قبل قيام المملكة العربية السعودية.
عليه، فمن الحكمة والعقل أن نعضَّ على هذا الأمن (الوارف) بالنواجذ، وأن نستمسك بهذا الدين (النقي)، وألا نكابر -بحجة العقلية المتنورة أو بدافع المناطقية أحياناً- فننفي (كلياً) وجود (الجاهلية والجهل) قبل الحكم السعودي.
المؤكَّد أن هناك تفسيرات متباينة لمفهوم (الجاهلية)، وربما يكون هناك بعض التفاوت في تفسير مفهوم (الجهل)، لكنني سأرتكز في تعريف هذين المفهومين على بقعة جغرافية محددة من وطننا الكبير، لنرى كيف كانت الحال الأمنية والدينية فيها قبل قيام الدولة السعودية الحالية وبعد قيامها، والبقعة الجغرافية التي أعنيها هي محافظتِي، محافظة (العُرْضِيَّات)، أقصى جنوب منطقة مكة المكرمة بين منطقتَي الباحة وعسير، وهذه المحافظة تغدو مثالًا ينسحب على بقية محافظات المملكة، (مع تفاوت بينها).
لذلك كان -وما يزال- كبار السن من الآباء والأجداد يرددون مقولةً لا تنفك عن ألسنتهم فيقولون: (أيام الجاهلية حصل كذا وكذا، الله لا يعيد أيام الجاهلية...)، وغيرها من المقولات التي يعنون بها فترة ما قبل قيام المملكة العربية السعودية، ومما يصادق على قولهم -وهذا الأمر يتبدَّى بشكل ظاهر وجلي في مناطق الجنوب الجبلية- هو الكم الوافر من القلاع والحصون التي كانت غايتها (حربية)، وهذه القلاع والحصون تكثر خاصة على الحدود بين القبائل، وهو الأمر الذي يؤكِّد وجود حالة من الفوضى والاحتراب وعدم الأمن والقتل بين القبائل من جهة، وبين الأفراد من جهة أخرى.
من هذا نعلم أن مقولات الآباء والأجداد عن الجاهلية لم تكن عبثية، بل كانت عن واقع مرير عاشوه هم والسابقون لهم، ولذا فإن مقصودهم بالجاهلية في مقولاتهم الواردة آنفًا هو (انعدام الأمن، والفوضى والقتل...) حتى جاء الملك عبدالعزيز فأرسى دعائم الأمن ووطده في البلاد طولًا وعرضًا، ثم جاءت أجيال نعمت بالأمن والسكينة، فكانت مفردة الجاهلية نكرة بالنسبة لها.
أما حالة (الجهل) فهي الأخرى كان لها حضورها؛ ففي مثالنا (محافظة العرضيات)، وهذا ينسحب على غيرها (بتفاوت)، لم تكن أمور الدين وأحكامه ظاهرة بين الناس، وكانت بعض الأمور الشركية لها وجودها بينهم، زد على ذلك التقصير الكبير في أمور العبادات -لكن ليس بتلك الدرجة التي يرى البعض أن الجهل أطبقَ فيها إطباقًا كاملًا على جزيرة العرب- حتى قامت هذه البلاد فاشتغلت على نشر الدِّين الخالص عبر مؤسساتها التعليمية منها والدينية، وهو ما جعل الإنسان على بصيرة بأمور دينه، فكان الناس بين مستقلٍّ ومستكثر وجافٍ ومغالٍ. ويبقى الشاهد في المسألة هو حالة الوعي بالدين وأحكامه التي توسعت بين الناس، ولذلك تجد كبار السن يقولون: (كان الناس يفعلون كذا وكذا أيام الجِهْل) بكسر الجيم، ومقصودهم بذلك حالة الجَهل بأحكام الدين قبل قيام المملكة العربية السعودية.
عليه، فمن الحكمة والعقل أن نعضَّ على هذا الأمن (الوارف) بالنواجذ، وأن نستمسك بهذا الدين (النقي)، وألا نكابر -بحجة العقلية المتنورة أو بدافع المناطقية أحياناً- فننفي (كلياً) وجود (الجاهلية والجهل) قبل الحكم السعودي.