كتاب

رغبة الاختبارات

يقال إن هذه القصة الطريفة، حدثت أثناء فترة الامتحانات عام 1956 لأحد معلمي اللغة العربية، واسمه (أسامة) فبعد انتهاء مادة البلاغة، قام الأستاذ أسامة بتصحيح أوراق الإجابة، وفي بعض الأحيان يلحظ أن بعض الطلاب يترك سؤالاً أو سؤالين بدون إجابة، وهو أمر معتاد إلا أن ما أثار استغرابه ودهشته ورقة إجابة أحد الطلاب تركها خالية!؟

نعم لم يجب الطالب على أي سؤال بورقة الإجابة، ووضع بدلاً عنها القصيدة التالية، التي نظمها خلال فترة الاختبار، والتي قال فيها:


أسامة قل لي ما العمل.. واليأس قد غلب الأمل

قيل امتحان بلاغة.. فحسبته حان الأجل


وفزعت من صوت المراقب.. إن تنحنح أو سعل

وأخذ يجول بين صفوفنا.. ويصول صولات البطل

أسامة مهلاً يا أخي.. ما كل مسألة تحل

فمن البلاغة نافع.. ومن البلاغة ما قتل

قد كنت أبلد طالب.. وأنا وربي لم أزل

فإذا أتتك إجابتي.. فيها السؤال بدون حل

دعها وصحح غيرها.. والصفر ضعه على عجل

يقال: فما كان من الأستاذ (أسامة) سوى إعطائه درجة النجاح في مادة البلاغة، لأن الهدف الذي يسعى لتحقيقه من خلال تدريسه لمادة البلاغة متوفر في هذا الطالب الذي استطاع نظم هذه القصيدة البديعة والمعبرة.

لقد اخترت هذه القصة الطريفة، لتكون مطلع مقالتي اليوم، أملاً في تخفيف (رهبة الاختبارات) التي يؤديها أبناؤنا وبناتنا هذه الأيام، وكلنا أمل أن لا نجد متعنتاً ومتزمتاً كالأستاذ (أسامة) وإن وجد بأن يهديه الله ويلين قلبه ساعة تصحيحه للإجابات ووضعه للدرجات، فاحتواء الطلبة وتلمس ظروفهم مع نيلهم بعض العلوم أفضل من ترويعهم وتعطيل مستقبلهم جرياً وراء حصد كل العلوم.

لقد كانت ولا تزال لدي قناعة أكيدة، بأن مسؤولية الأسرة والطلبة تنحصر في التربية والسلوك والمواظبة، فيما تتمحور مسؤولية المدرسة والأساتذة في إيجاد افضل طريقة لإيصال وترسيخ المعلومة، وكل منهما ليس معنياً بمسؤوليات الآخر، فأنا مهمتي كأب أو كأم أن أرسل ولدي للفصل جاهزاً ذهنياً وبدنياً، وعليك كأستاذ اتباع الوسائل التعليمية المناسبة لكل طالب ليفهم ما يمكنه فهمه في حدود ملكته وقدراته الذهنية، وأن لا تظلمه بقياسه أو بوضعه في منافسة غير عادلة مع العباقرة الذين وهبهم الله ملكة الحفظ والفهم حتى لو لم يذاكر أو يفتح الواحد منهم كتابه.

لقد ازدانت المدارس وقاعات الأفراح الأسبوع الفائت بحفلات التخرج لطلبة الصفوف العلوية بالمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وقد زفت لهم تباشير النجاح قبل خوضهم الاختبارات النهائية، وهو ما يؤيد نظريتنا، ويفعل مبدأ التقييم لا على العلامة التحصيلية، وإنما على مدى انعكاس مهاراتهم السلوكية والمعرفية -بشتى مناحي الحياة- على تعاملاتهم اليومية.

لقد بات حرياً بالطلبة بعد تنفيذهم محكومية الدراسة ثلاث فصول (مع المواد الشاقة)، أن يضمنوا (النجاح) غير المشروط قبل نهاية المدة، لقاء حسن السيرة وحفظ ما تيسر من المناهج التعليمية، وأن تتحول (رهبة الاختبارات) المتوارثة لرغبة تحفها تباشير نيل الدرجات العالية والصفوف العلوية.

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!