كتاب
فيلسوف الطرب السعودي
تاريخ النشر: 30 يوليو 2023 22:48 KSA
استمعتُ إلى أغنية استحوذَت على انفعالاتي الحسَنة، وداعبَت ذائقتي الفنّية، أهداني إيّاها أحد أصدقائي النوادر من متذوّقي الطّرب الأصيل (أحمد الصّمداني)، لصوت الأرض (طلال مدّاح)، المُلقّب بقيثارةِ الشّرق، والذي أطلق عليه موسيقار الأجيال (محمّد عبدالوهاب) لقب «زرياب»، أثناء استماعه له وهو «يُدندن» موّال (صاحَ في العاشقين يا لَكِنانةٍ * رشأٌ في الجفونِ منهُ كنانة).
وأقصدُ أغنيته الملحميّة (مُزن هتّان)، التي صاغَ كلماتَها الشاعر السُّعودي (إبراهيم العواجي)، ولحّنها «الفيلسوف» طلال نفسه، بمقدّمة مُذهلة من «دندنة» الجيتار، وانتقالها بأسلوبٍ حالمٍ إلى الإيقاعِ الشرقي وأوتارِ العود ثمّ الكَمان، قبل أن يفتتحها «العملاق» بالبيتِ الأوّل: «غنّى الغَمام وهلّل المُزن هتّان * في ليلَنا يمطُر تغاريد والحان».
ومن فرْط نشوتي، وبحُكم اهتماماته وذائقتِه الفنّية، طلبتُ من صديقي (أحمد) كلماتٍ عن الفنّان السُّعودي الأكبر تأثيراً، فجادت قريحتُه بما يلي (بتصرّف): قبل أكثر من خمسةِ عقود، أعتق (طلال) الطّرب السعودي من عِقاله المحلّي، بالأغنية الخالدة «مقادير»، التي تغنّى بها لاحقاً بعض كبار المُطربين العرب، وقد كان له فضلُ السّبق في «كبْلَهة» الأغنيةِ السعودية، كتلحينه المتنوّع للكلماتِ المشهورة التي تبدأ بمقطع «وردك يا زارع الورد»، بوصفها نقطة تحوّل في نمَط الأغنية السُّعودية، وهو الفنّان الذي صدَح بأعظمِ تساؤلٍ طربيّ حزين: «ألا يا أهل الهوى كيف المحبّة تهون؟!».
وكانت أغنية (عطني المحبّة) على المنصّة التاريخية «مسرح التلفزيون»، بداية تعاونه مع مُهندس الكلمة (الأمير بدر بن عبدالمحسن)، توالت بعدَها أعماله مع البدر، ومحمد العبدالله الفيصل، والشاعر فالح وغيرهم، وقد شكّل ثنائيةً لا تتكرّر مع الموسيقار الكبير (سراج عمر)، الذي كان له نصيب الأسد من إبداعاتِ صوت «الفيلسوف» عبر ألحانه التي نسجَ منها أجملَ الروائع.
ولعلّ أبرز عملٍ غنائيٍ وطنيٍ سُعودي لطلال، تلك التي أبدع في تلحينها «وطني الحبيب»، كما كان للأعيادِ نصيبٌ من جماليّات شدوه في رائعة «كلّ عام وأنتم بخير». وقد خاضَ (طلال) في شبابه تجربةَ التمثيل مرّتين، بدأها بفيلم «شارع الضباب» ثم مسلسل «الأصيل»، حيث أدّى فيهما أعمالاً غنائيةً رائعةً من أبرزها (غربة وليل - أنت فينك - وادعيني - سهرانين).
شاخَ قلب (طلال) الطيّب سريعاً لأسباب صحيّة، وتوقّف في صيف عام (2000) وسْط جمهورِه الذي شاركَه أرفعَ المَشاعرِ وأنبلِها، مُردّداً (الله يردّ خطاك لدروب خلاّنك).. ورغمَ رحيله قبل أكثر من عقدين، إلاّ أنه مازال حديثَ السّاحة الغنائية، آسراً قلوب أحبابه دون مُنازع، تُعانق روحَه الدّعواتُ الصالحاتُ ليل نهار.. رحمهُ الله رحمةً واسعة.. آمين.
وأقصدُ أغنيته الملحميّة (مُزن هتّان)، التي صاغَ كلماتَها الشاعر السُّعودي (إبراهيم العواجي)، ولحّنها «الفيلسوف» طلال نفسه، بمقدّمة مُذهلة من «دندنة» الجيتار، وانتقالها بأسلوبٍ حالمٍ إلى الإيقاعِ الشرقي وأوتارِ العود ثمّ الكَمان، قبل أن يفتتحها «العملاق» بالبيتِ الأوّل: «غنّى الغَمام وهلّل المُزن هتّان * في ليلَنا يمطُر تغاريد والحان».
ومن فرْط نشوتي، وبحُكم اهتماماته وذائقتِه الفنّية، طلبتُ من صديقي (أحمد) كلماتٍ عن الفنّان السُّعودي الأكبر تأثيراً، فجادت قريحتُه بما يلي (بتصرّف): قبل أكثر من خمسةِ عقود، أعتق (طلال) الطّرب السعودي من عِقاله المحلّي، بالأغنية الخالدة «مقادير»، التي تغنّى بها لاحقاً بعض كبار المُطربين العرب، وقد كان له فضلُ السّبق في «كبْلَهة» الأغنيةِ السعودية، كتلحينه المتنوّع للكلماتِ المشهورة التي تبدأ بمقطع «وردك يا زارع الورد»، بوصفها نقطة تحوّل في نمَط الأغنية السُّعودية، وهو الفنّان الذي صدَح بأعظمِ تساؤلٍ طربيّ حزين: «ألا يا أهل الهوى كيف المحبّة تهون؟!».
وكانت أغنية (عطني المحبّة) على المنصّة التاريخية «مسرح التلفزيون»، بداية تعاونه مع مُهندس الكلمة (الأمير بدر بن عبدالمحسن)، توالت بعدَها أعماله مع البدر، ومحمد العبدالله الفيصل، والشاعر فالح وغيرهم، وقد شكّل ثنائيةً لا تتكرّر مع الموسيقار الكبير (سراج عمر)، الذي كان له نصيب الأسد من إبداعاتِ صوت «الفيلسوف» عبر ألحانه التي نسجَ منها أجملَ الروائع.
ولعلّ أبرز عملٍ غنائيٍ وطنيٍ سُعودي لطلال، تلك التي أبدع في تلحينها «وطني الحبيب»، كما كان للأعيادِ نصيبٌ من جماليّات شدوه في رائعة «كلّ عام وأنتم بخير». وقد خاضَ (طلال) في شبابه تجربةَ التمثيل مرّتين، بدأها بفيلم «شارع الضباب» ثم مسلسل «الأصيل»، حيث أدّى فيهما أعمالاً غنائيةً رائعةً من أبرزها (غربة وليل - أنت فينك - وادعيني - سهرانين).
شاخَ قلب (طلال) الطيّب سريعاً لأسباب صحيّة، وتوقّف في صيف عام (2000) وسْط جمهورِه الذي شاركَه أرفعَ المَشاعرِ وأنبلِها، مُردّداً (الله يردّ خطاك لدروب خلاّنك).. ورغمَ رحيله قبل أكثر من عقدين، إلاّ أنه مازال حديثَ السّاحة الغنائية، آسراً قلوب أحبابه دون مُنازع، تُعانق روحَه الدّعواتُ الصالحاتُ ليل نهار.. رحمهُ الله رحمةً واسعة.. آمين.