كتاب
هل العمر مجرد رقم؟!
تاريخ النشر: 20 أغسطس 2023 22:06 KSA
لا أعلم أصلَ تداولِ الناس قول: «العُمر مجرّد رقم»!، على سبيلِ التحفيز وشدّ العزم، لكنني لا أظنُّ المعنى صحيحاً، إذ لِيُجرّب أحدهم أن يتقدّم به العمر، ويُصابَ باضطراباتٍ نفسيةٍ وأمراض عضوية مُزمنة وآلام مُزعجة، فيلجأ بانتظامٍ لتناولِ أدويةٍ علاجية، أو ينحسر لديه الشّغف، وتخبو لديه الرّغبة، وتطارده الذّكريات، وتلحق به لعنةُ الحنين، ثمّ ليخبرنا بعد ذلك كلّه، هل العُمر مُجرّد رقم؟!. يقول (دوستويفسكي): «إنّ العُمر شيءٌ والحياة شيءٌ آخر، لا نشتهي مزيدًا مِن العمر، وإنّما نشتهي مزيدًا مِن الحياة».
ومع رقّة عظمِه، واشتعالِ رأسه شيباً، تزدادُ معاناةُ أحدِهم من خيباتِ أمله في كلّ ما كان يعدُه بالخلاص في عالمٍ أفضل وحياةٍ أجمل.. إنّها الصّدمة النفسيّة القاسية التي تتسبّب في ضياعِ الأحلام وتدميرِ التوقّعات، والإصابةِ بالإحباطِ، والنُّفورِ من المشاركة في حياةٍ تضجّ بالفظاعةِ الأخلاقية. ومع مرورِ الوقت وتراكم التّجارب، لا تتأصّل القناعاتُ وتثبتُ الانطباعات بالضّرورة، بل إنّها في غالب الحال، تهتزّ وتضطرب، ويصابُ كثيرون بأزمةِ مُراجعة المُسلّمات، واهتزازِ الأفكار واختلالِ الحقائق، فضلاً عن نوبات النّدم وتأنيبِ الضمير، والغرقِ في التساؤلاتِ الوُجودية.
وحين يذبل كلّ شيءٍ آخر، تنمو في المُقابل القدرةُ على التخلّي والاستغناء، والرّغبةُ في الاختلاء.. إنّ التقدّم في العمر، أمرٌ مُرهقٌ حقّاً.
في اقتباسٍ طريفٍ يقولُ الكاتبُ الدكتور (أحمد خالد توفيق): «فجأةً وجدتُ أنني في الأربعين.. الخامسة والأربعين.. ثم سنّ الخمسين! هذه أرقامٌ لم أسمع عنها قط، ولم أتخيّل أنّها مُمكنة. بدأتُ أشعر بالذُّعر عندما لاحظتُ الباعةَ يقولون لي «يا حاج».. والمُراهقون يقولون «يا عمُّو». ثم ازداد الأمرُ سوءاً عندما صار الأولادُ المُهذّبون يقفون في المواصلات كي أجلسَ مكانهم!».
عموماً، أتمنّى لمن يرجو ليَ العُمرَ المديد، أن يعيشَ لسنواتٍ طويلةٍ جداً، حتى يعلمَ أنّ الحياةَ المَديدة ليست واقعاً جيّداً ولا مطلوباً، حيثُ يعتصرك ألمُ الحنين والفقدِ لأماكن وأشخاص لم يعد لهم وجودٌ ولا أثر، وتُصبح غريباً يقتلك الضّجر، في زمنٍ مُختلفٍ يرفضُ الاعترافَ بكينونتك، وتكتشف أنّ الذكريات السّعيدة، لها أيضاً نصيبُها من الحنينِ والألم، وحتى انتصاراتُك المَزعومة، تداعبك أحياناً بسُخريةٍ مَقيتة.
«يا الله: لا تجعل العُمر يضيع في ريِّ حديقةٍ لا تزهِر، وطَرق بابٍ لا يفتح، في المَتاهة، في قلوبٍ لا نَصل إليها ولا نعود».. هكذا قال (جبران خليل جبران).
ومع رقّة عظمِه، واشتعالِ رأسه شيباً، تزدادُ معاناةُ أحدِهم من خيباتِ أمله في كلّ ما كان يعدُه بالخلاص في عالمٍ أفضل وحياةٍ أجمل.. إنّها الصّدمة النفسيّة القاسية التي تتسبّب في ضياعِ الأحلام وتدميرِ التوقّعات، والإصابةِ بالإحباطِ، والنُّفورِ من المشاركة في حياةٍ تضجّ بالفظاعةِ الأخلاقية. ومع مرورِ الوقت وتراكم التّجارب، لا تتأصّل القناعاتُ وتثبتُ الانطباعات بالضّرورة، بل إنّها في غالب الحال، تهتزّ وتضطرب، ويصابُ كثيرون بأزمةِ مُراجعة المُسلّمات، واهتزازِ الأفكار واختلالِ الحقائق، فضلاً عن نوبات النّدم وتأنيبِ الضمير، والغرقِ في التساؤلاتِ الوُجودية.
وحين يذبل كلّ شيءٍ آخر، تنمو في المُقابل القدرةُ على التخلّي والاستغناء، والرّغبةُ في الاختلاء.. إنّ التقدّم في العمر، أمرٌ مُرهقٌ حقّاً.
في اقتباسٍ طريفٍ يقولُ الكاتبُ الدكتور (أحمد خالد توفيق): «فجأةً وجدتُ أنني في الأربعين.. الخامسة والأربعين.. ثم سنّ الخمسين! هذه أرقامٌ لم أسمع عنها قط، ولم أتخيّل أنّها مُمكنة. بدأتُ أشعر بالذُّعر عندما لاحظتُ الباعةَ يقولون لي «يا حاج».. والمُراهقون يقولون «يا عمُّو». ثم ازداد الأمرُ سوءاً عندما صار الأولادُ المُهذّبون يقفون في المواصلات كي أجلسَ مكانهم!».
عموماً، أتمنّى لمن يرجو ليَ العُمرَ المديد، أن يعيشَ لسنواتٍ طويلةٍ جداً، حتى يعلمَ أنّ الحياةَ المَديدة ليست واقعاً جيّداً ولا مطلوباً، حيثُ يعتصرك ألمُ الحنين والفقدِ لأماكن وأشخاص لم يعد لهم وجودٌ ولا أثر، وتُصبح غريباً يقتلك الضّجر، في زمنٍ مُختلفٍ يرفضُ الاعترافَ بكينونتك، وتكتشف أنّ الذكريات السّعيدة، لها أيضاً نصيبُها من الحنينِ والألم، وحتى انتصاراتُك المَزعومة، تداعبك أحياناً بسُخريةٍ مَقيتة.
«يا الله: لا تجعل العُمر يضيع في ريِّ حديقةٍ لا تزهِر، وطَرق بابٍ لا يفتح، في المَتاهة، في قلوبٍ لا نَصل إليها ولا نعود».. هكذا قال (جبران خليل جبران).