كتاب
في محلّ دجاج بالطائف!!
تاريخ النشر: 20 أغسطس 2023 22:09 KSA
بالأمس، وعند إشارة مرور في جدّة، شاهدْتُ عربة تخصّ إحدى أشهر وأقدم مزارع الدجاج في المملكة، فعادت بي الذكريات لطفولتي السعيدة في مدينة الطائف، إنّه تاريخ.. تاريخ، يا قوم.
وكان من أكثر ذكرياتي إثارة و(أكشن) عندما تبعثني أمّي (يرحمها الله) لشراء حبّة دجاج من محلّ هذه المزرعة الذي كان يقع في شارع شهار الشهير بالطائف.
ولم تكن محلّات الدجاج آنذاك متطوّرة مثل هذا الزمن، بمعنى أنّها لم تكن موجودة داخل أسواق سوبر ماركت أنيقة، أو تعرض الدجاج وهو مذبوح ومُنظّف ومُقطّع لأجزائه الفخذ والصدر والرقبة والجناح والكبدة، ومُبرّد داخل ثلّاجات أو مُجمّد في فريزرات، ومُغلّف ضمن أكياس فاخرة، ومعلوم الوزن، بل كان يُباع حيّاً، فتُعرض الدجاجات محشورةً مثل سمك السردين المُعلّب داخل أقفاص حديدية وقد رُكِّب بجوارها مجرى للماء الذي تشربه والدخن الذي تأكله، حتّى يأتي موعد اختيارها من الزبائن، تماماً مثل حلقة المواشي الموجودة في كلّ مدينة سعودية.
وكُنتُ أرهقُ البائع اليمني قُبيْل شرائي لحبّة الدجاج، فأقول له: أخْرِج لي هذه الدجاجة فيُخرجها لي وأعاين حجمها ثمّ أتذكّر وصيّة أمّي بأن تكون دجاجة سمينة تكفي لحاجتنا، فأطلب منه عدّة مرّات إدخال هذه الدجاجة وإخراج تلك الدجاجة للمعاينة حتّى أختار واحدة بعد تردّد، وأحياناً يملّ منّي البائع ويقول لي بلهجته اليمنية: 'تاني مرّة إذا تِشْتُوا دجاج خلِّي أبوك يحضر بدلاً منك للشراء أو أي شخص أكبر منك ويُقرّر بسرعة'، وهذا الشيء الأخير، أي الإسراع في اتّخاذ القرار هو علم كامل لم أدرك أهمّيته وفنونه وأساليبه إلّا بعد تخرّجي من كلية الهندسة وممارسة العمل وتمتّعي بخبرة كافية.
وبعد اختيار الدجاجة يذبحها البائع أمامي، وينزع عنها ريشها بماكينة خاصّة لها أذرعة ليّنة ومُدبّبة، ثمّ يُنظّف جوفها لأذهب بها إلى أمّي الحنون.
وجودة الدجاج زمان كانت عالية، وغذاؤه طبيعي ليس فيه هرمونات ولا مُصنّعات ولا مُسمِّنات، ووجباته المنزلية شهية، وفوق ذلك أسعاره رخيصة، ويُشْبِع الجائع ويُسْمٍنُ النحيل، ويُرضي الغنيّ والفقير على حدٍّ سواء، ويا له من دجاج.
وكان من أكثر ذكرياتي إثارة و(أكشن) عندما تبعثني أمّي (يرحمها الله) لشراء حبّة دجاج من محلّ هذه المزرعة الذي كان يقع في شارع شهار الشهير بالطائف.
ولم تكن محلّات الدجاج آنذاك متطوّرة مثل هذا الزمن، بمعنى أنّها لم تكن موجودة داخل أسواق سوبر ماركت أنيقة، أو تعرض الدجاج وهو مذبوح ومُنظّف ومُقطّع لأجزائه الفخذ والصدر والرقبة والجناح والكبدة، ومُبرّد داخل ثلّاجات أو مُجمّد في فريزرات، ومُغلّف ضمن أكياس فاخرة، ومعلوم الوزن، بل كان يُباع حيّاً، فتُعرض الدجاجات محشورةً مثل سمك السردين المُعلّب داخل أقفاص حديدية وقد رُكِّب بجوارها مجرى للماء الذي تشربه والدخن الذي تأكله، حتّى يأتي موعد اختيارها من الزبائن، تماماً مثل حلقة المواشي الموجودة في كلّ مدينة سعودية.
وكُنتُ أرهقُ البائع اليمني قُبيْل شرائي لحبّة الدجاج، فأقول له: أخْرِج لي هذه الدجاجة فيُخرجها لي وأعاين حجمها ثمّ أتذكّر وصيّة أمّي بأن تكون دجاجة سمينة تكفي لحاجتنا، فأطلب منه عدّة مرّات إدخال هذه الدجاجة وإخراج تلك الدجاجة للمعاينة حتّى أختار واحدة بعد تردّد، وأحياناً يملّ منّي البائع ويقول لي بلهجته اليمنية: 'تاني مرّة إذا تِشْتُوا دجاج خلِّي أبوك يحضر بدلاً منك للشراء أو أي شخص أكبر منك ويُقرّر بسرعة'، وهذا الشيء الأخير، أي الإسراع في اتّخاذ القرار هو علم كامل لم أدرك أهمّيته وفنونه وأساليبه إلّا بعد تخرّجي من كلية الهندسة وممارسة العمل وتمتّعي بخبرة كافية.
وبعد اختيار الدجاجة يذبحها البائع أمامي، وينزع عنها ريشها بماكينة خاصّة لها أذرعة ليّنة ومُدبّبة، ثمّ يُنظّف جوفها لأذهب بها إلى أمّي الحنون.
وجودة الدجاج زمان كانت عالية، وغذاؤه طبيعي ليس فيه هرمونات ولا مُصنّعات ولا مُسمِّنات، ووجباته المنزلية شهية، وفوق ذلك أسعاره رخيصة، ويُشْبِع الجائع ويُسْمٍنُ النحيل، ويُرضي الغنيّ والفقير على حدٍّ سواء، ويا له من دجاج.