كتاب

الماعون ورمزية التعاون

لفتت سورة الماعون من يقرأها إلى توصيف ناس بمجموعة صفات بينات هي من أسوأ الصفات وأردأها وهي التكذيب بالدين وبالتأثير السلبي على اليتيم وإهمال أمر المسكين وكذلك إنهم مصلون ساهون عن صلاتهم أي يتركون صلاتهم وأنهم مراؤون وأنهم مانعو الماعون، فلماذا وضع منع الماعون في مرتبة الصفات الذميمة الكبيرة؟

فيما أظن أن الموضوع هنا رمزي له دلالته الأكبر من الماعون نفسه، إذ إن المقصود هو تحقيق التعاون الذي حث الله عليه بقوله تعالى (وتعاونوا) وبقوله عليه السلام: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» وأبرز صور عدم التعاون المحسوسة والملموسة اجتماعياً هي منع الحاجات الأساسية عن الغير عند طلبها والتي أهمها ما له علاقة بالأكل وحاجة استخدامها لعمل الطعام الذي هو الماعون لكن الموضوع أكبر من الماعون وأوسع من عملية الحاجة لأدوات عمل الطعام، إن كل أدوات الاحتياج للإنسان تدخل في ذلك، فلو جارك احتاج مساعدتك بمد الكهرباء أثناء بناء منزله فمنعته فيعتبر ذلك من مانعي الماعون، وإذا كان هناك باحث احتاج مساعدة من معملك وأنت قادر أن تساعده دون أن تتضرر فمنعته فأنت مانع الماعون أو أن هناك حاجة لاستعارة بعض الأدوات للنجارة أو الحدادة فمنعت ذلك فأنت مانع الماعون، فالماعون رمزيته في الآية التعاون، والتعاون أحد أبرز التوجيهات الربانية والأخلاق النبوية وسلوك اجتماعي يتحقق عنه الكثير من الأمور الإيجابية التي تفيد الناس لأن المعنى الحقيقي للماعون أنه كل ما ينفع الناس وينتفعون به.


لقد اعتادت بعض المجتمعات أن يقترض الجيران من بعضهم ما يحتاجونه من أمور الطعام ومن ذلك الماعون، فمنعه عند احتياج الغير له إقرار للنفس بأنها غير كريمة وبخيلة ولا تصلح اجتماعياً، فالتعاون في أمور الحياة وتوفير الاحتياجات من خلال إمكانيات المجتمع الواحد هو تضافر لسد ما قد يحتاجه الفقير الذي قد لا يملك الماعون أو أي أدوات لإصلاح منزله أو ما قد تتطلبه حياته وأسرته، وأن الامر أمر احتياج مؤقت ثم يعاد الماعون وغيره من أدوات الحاجة إلى أصحابها ويحصل الأجر والثواب وبذلك ينفع الناس بعضهم بعضاً. وفي الحديث: «أحب الناس إلى الله أنفعهم لعياله» فالمجتمع يقوم على التعاون بل إن تفعيل ذلك التعاون منصوص عليه بين جميع فئات الناس والمجتمع خاصة بين الأقارب والجيران والزملاء في العمل وعموم المعارف، حيث ذلك مما وصى الله به في قوله تعالى (والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب) وقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى)، فالشعار الماعون والتعاون هو المضمون.

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!