كتاب

رعب الهدر (الغذائي).!

* قال أحد كبار السن لأولاده، وهو يرى عدم تقديرهم للنعمة التي يعيشون فيها: 'قد حدثناكم عن جوع مر بنا، وإني لأخشى أن تحدثوا أبناءكم عن نعمة مرت بكم'.

* إنها عبارة نتاج تجربة، وأكثر من يقدرون الأمور بقدرها، ويضعونها في نصابها الصحيح، أولئك الذين عاشوا ألمها، وعايشوا وقع مصابها، ودفعوا من أنفاس حياتهم ضريبة وجعها وقسوة ضرب سياطها.


* أقول ذلك وصوت (المنابر) الجمعة الماضية أسمع من به صمم، والخطباء يعيدون الحديث، ويكررون الموعظة، عن ذات المصاب الجلل، الذي ابتلي به الكثير -إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ- ذلك المصاب الذي جعلنا كمجتمع في مقدمة الدول (هدرا للغذاء)، وبأرقام فلكية صادمة.

* فقد ورد عن الهيئة العامة للأمن الغذائي أن نسبة الفقد والهدر الغذائي بلغت (33.1%)، وبتكلفة سنوية (خذ نفساً عميقاً، وتوقع عزيزي القارئ كم)، وسأعود إلى ذلك لاحقاً.


* ذلك الفقد، والهدر، هو نتاج للكثير من الممارسات، التي تدور في مجملها حول (أشبع العين قبل البطن)، وقناعة (خله يزيد، ولا ينقص)، وهي ممارسات يجب أن نتجاوزها بخطوات عملية منها:

* استشعار أن من حفظ النعمة وشكرها صيانتها من التبذير والإسراف، وأن عِبر التاريخ لمجتمعات من حولنا تحدثنا اليوم عن واقع مؤسف يعيشونه، في وقت كانوا مضرب المثل في الغنى، والرفاهية، وحياة (الشبع)، وقد قيل (الشكر حفظ للموجود، وصيد للمفقود).

* أحسنت بعض المطاعم صنعاً في تخصيص عبوات لأخذ الفائض من الطعام، وهي خطوة ينتظر أن تكون إلزامية، فإن تشتري طعاماً فأنت المسؤول عن الفائض منه، ولا أجد صعوبة أو حرجاً في أن تأخذه معك، فإن كنت لست في حاجته، فستجد من يأخذه منك بكل شعور السرور والامتنان، والشكر.

* جهود جمعيات (حفظ النعمة) جهود تذكر فتشكر، وهم على ثغر مهم من ثغور حماية الوطن، ويجب أن تعضد تلك الجهود بتعاون الجميع، وأن يتم ربط جميع قصور الأفراح، وقاعات الحفلات، بشبكة (تهدف) إلى توزيع فائض الطعام، دون أن يكون لحاويات النفايات أو مرمى المخلفات فيه نصيب.

* الإبلاغ عمن يُرصد عليه أي تصرف فيه امتهان للنعمة أو هدر لها، كما هو حال الراكبين لموجة (الهياط)، أو من يجد القوة والجهد في أن يحمل ذلك الفائض ليلقي به في الحاوية، ولكنه لا يجد ذلك الجهد في أن يحفظ النعمة بوضع الفائض منها في مساره الصحيح.

* العقوبات الرادعة بالإغلاق، والتشهير، والغرامة، لكل شخص أو منشأة رصد عليها هدر للنعمة، فقد أثبتت العقوبات أنها علاج ناجع أسهم وبكفاءة في حماية المجتمع من تلك التصرفات، التي لم يكن الحد منها متاحاً لولا ما تتمتع به العقوبات من فاعلية.

* وبعودة إلى ما وصلنا إليه كمجتمع من هدر غذائي، فإنني على ثقة من أنه ليس بعد مبلغ 40 مليار ريال قيمة لذلك الهدر إلا أن يستشعر كل منا عظم المسؤولية، ويقوم بواجبه في (حفظ النعمة)، فالنعمة تألف، وتؤلف، ولكنها إذا رحلت -والحديث هنا للتاريخ- لا تعود.. وعلمي وسلامتكم.

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!