كتاب

الدرعية تفتح ذراعيها لشاعر الغزل

حضر امرؤ القيس للرياض، وكان مهرجان..

نعم كان مهرجاناً بالفعل، ذلك الذي نظمته وزارة الثقافة بعنوان (امرؤ القيس: شاعر الغزل) في محافظة الدرعية 2030، ضمن مبادرات “عام الشعر العربي 2023″. الجو العليل يبشر بموسم مدهش في عاصمة المملكة، والدرعية؛ درعية التاريخ، تستقبل بطلاً من أبطال التاريخ؛ ملكاً ضليلاً، وشاعراً ملأ الزمان صهيلاً.


الإشارة الأولى والأجمل؛ شباب وشابات من أبناء الوطن، طيور بهجة، يملؤون القلب والخاطر، سهيل، وهند، ومرام، وأحمد، وآخرون آخرون. يستقبلون، ويرتبون، ويرحبون، وينظمون، ويصرخون للمستقبل: نحن هنا. لقد أصبح مشهد أبناء الوطن أيقونة تبعث على الفخر في كل المحافل والفعاليات الثقافية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية. كان حظي كبيراً أن الفرصة سنحت لي لأشارك في أكثر من نشاط ثقافي خلال المهرجان، ساعدني هذا لكي أزور المهرجان عدة مرات، وألاحظ تطور العمل، وانطباع الجماهير.

شُيّد المكان ليضم المهرجان، واستوحي تصميمه من التاريخ العربي، الطريق إليه سالكة، ومواقف السيارات كافية ومنظمة. في كل خطوة هناك شباب ينظمون السير، ويدلون الناس. هناك شباب، وهناك احتفاء وترحاب. وهذا مهم. ورش العمل؛ على جنبات المهرجان خُصصت غرفٌ خاصة لورش العمل، وكان نصيبي منها ورشة عن أجزاء البيت الشعري وأنواعه وعن الإيقاع والعروض. بجواري كان محمد الماجد، يصدح بالشعر، والشعر يصدح به. كانت ورشته عن إلقاء الشعر، وكم تمنيت أن أترك مكاني وأنضم للحضور معه، لأتعلم، وأستمتع بما يقدمه.


ورش أخرى للرسم، والكتابة، والنسيج. تمتد الجنبات بدكاكين للحرف اليدوية، والمنسوجات والأدوات التراثية. وهناك مناطق للعروض الافتراضية؛ تعيش من خلالها شيئاً من زمن الملك الضليل. وفي كل ساعة، ينطلق عرضٌ مدهش داخل أروقة المهرجان؛ امرؤ القيس على صهوة فرسه يحكي قصة شتاته. يبدأ العرض بمقطوعة غناء جميلة، تأخذك إلى حنين مفاجئ لأحداث لا تدري هل عشتها أم لا، ولذكريات تعجب أنك فيها، رغم أنها حدثت قبل قرنين من الزمان. ذو القروح يحكي قصته على فرسه، وحوله الناس، يمشون معه. السموأل يستقبل صاحبه، ويأخذ دروعه، ويضرب مثلاً في الوفاء يظل خالداً عبر التاريخ. هل حدث ذلك فعلاً؛ إن الكرام قليلُ.

في كل مكان في المهرجان ركن للمعرفة، للثقافة، وللشعر؛ تشرب فنجان قهوة، تحفك معزوفة قانون تضيف السكر لقلب قهوتك المرة. تحب قهوتك مُرةً؟ لا بأس، يمكنك أن تستمتع بها وأنت تشاهد رساماً يرسم صوراً مستوحاة لامرئ القيس، كان وسيماً كما يقال، هكذا كانت النساء تقع في حبائله، وهكذا رسمه رسام المهرجان.

وجدت نفسي مديراً لأمسية شعرية؛ مديرها اعتذر لظرف طارئ، وكنت المتاح، أنهيت ورشة العمل، فاصطادوني، وكنت صيداً مطواعاً. وكانت مكافأة ليني أن وجدت نفسي بين أحمد السيد عطيف، ورباب يوسف إسماعيل. جلسة شعر ولا في الخيال. ونسائم الرياض تلعب بنا.. والجمهور الذي ملأ المكان امتلأ بالشعر، في مهرجان للشعر.

أكتب هذه المقالة، في الطائرة، عائداً إلى جدة. قبل ساعتين، انتهيت من ندوة شاركت فيها عن فلسفة الموت والحياة في شعر امرئ القيس. أدارتها الناقدة الدكتورة بدور الفصام، وكانت أكثر إقناعاً مني. واستمتع الجمهور، رأيت ذلك في أعينهم، وفي ردات فعلهم، كأني لمحت امرؤ القيس بينهم مغتبطاً، وكأنه لمحني. اليوم ينتهي المهرجان، من لم يزره، يمكنه أن يقتنص الفرصة الأخيرة، للقاء ملك ضليل، ولن يندم.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض