كتاب

أوقفوا الحرب الانتقاميَّة.. الآن

مرَّ أكثر من شهر، منذُ شنَّت حماس «طوفان الأقصى»، ولا زالت الآلة العسكريَّة الإسرائيليَّة تواصل ضرب قطاع غزَّة، والاشتباك مع الفلسطينيين في الضفة الغربيَّة. ولم يتَّضح بعد متى ستتوقَّف الآلة العسكريَّة الضخمة -التي جنَّدتها إسرائيل- عن ضرب الفلسطينيين بقتلهم وتشريدهم، والاعتداء على مستشفياتهم؛ بحجَّة محاربة «حماس». ولم يظهر في إسرائيل أيُّ توجُّهٍ نحو سلام مع الفلسطينيين، والانتقال من مراحل الانتقام إلى التعايش مع الآخر بقواعد متَّفق عليها.

ما يجري الآن، أمام أعين العالم، الذي يشاهد المأساة الحاليَّة على شاشات التلفزيون، هو انتقام من كلِّ ما هو فلسطيني، وتحويل قطاع غزَّة إلى أرض محروقة. ولا يتوقَّع نتنياهو أنَّ العالم سيقفُ متفرِّجًا على ما يحدث. إذ خرجت المظاهرات في كثير من دول العالم مؤيِّدةً للفلسطينيين، وارتفعت الأصوات في دول الغرب مطالبة قياداتها التوقُّف عن دعم الكيان الإسرائيلي، وإيقاف آلة الحرب التي تُدمِّر الأرض والإنسان في فلسطين. وتوقَّع إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أنْ تفقد إسرائيل دعم وتعاطف العالم «خلال الأيام والأسابيع المقبلة»، في حوار أجرته معه مجلة «فورين بوليسي» الأمريكيَّة منذ بضعة أيام.


على النخب الإسرائيلية الحاكمة أنْ تكبح جماح نتنياهو، الذي يسعى لإطالة أمد المعارك، وبالتالي حكومته، خشية من تداعيات المحاكمة المقبلة ضده، ومحاسبته على فشله في تحويل حماس إلى القوة المقسمة للفلسطينيين كما كان يريدها. ويجب كذلك إيقاف العسكريين الإسرائيليين الذين يسعون للانتقام من قطاع غزة؛ بسبب تعرية حماس لهم، وفشلهم في توقع ما ستقوم به، وحماية الإسرائيليين مما وقع عليهم، إذ إنَّ ما يأتي بعد المعارك سيكون البحث عن (السلام)؛ إذا أرادت النُّخب الإسرائيليَّة العيش مع الفلسطينيين على نفس الأرض. حيث إنَّ حركة حماس لا تمثِّل كافَّة الفلسطينيين، ولكنَّها فكرة، وأيضًا مليشيا، تمكَّنت من فرض حكمها على القطاع بعد إضعاف -تسببت به الحكومة الإسرائيليَّة أيضًا- نظام السلطة الفلسطينيَّة؛ الذي بدأ بعد أوسلو وما تلاها. وهناك قطاع كبير من الفلسطينيين يبحثون عن طريقة للعيش بسلام.

مستقبل الأيام يتطلَّب توقُّف العمل العسكري الانتقامي، الذي يقوم به الإسرائيليُّون تجاه قطاع غزَّة الآن. وفتح الباب أمام حلول سياسيَّة.


إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، قال في حوار مع (الفورين أفيرز): إنَّ رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو، هو المسؤول عمَّا وصفه بـ»تعزيز قوَّة حماس، وإضعاف السلطة الفلسطينيَّة»، وبالنسبة للمستقبل أعترفُ بأنَّ «الرؤية الوحيدة القابلة للتطبيق لمستقبل إسرائيل هي حلُّ الدَّولتين»، التي اتُّهم نتنياهو وحكومته بالسعي بكل السبل لمنع تحقيقها، ووصف مجموعة نتنياهو اليمينيَّة بأنَّهم «حزب متطرِّف يميني عنصري تبشيري».

ليس من الواضح مدى صدق إيهود باراك في حديثه عن اقتناعه بحلِّ الدولتين، إذ إنَّ الانطباع الذي تتركه النُّخب الإسرائيليَّة، هو أنَّها جميعها لا ترغب في حلِّ الدولتين، وتسعى -عوضًا عن ذلك- إلى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والأردن. وانتقلت عدد من الدول العربية -بحسن نية- إلى مرحلة سلام مع الإسرائيليين، حيث قامت بالتطبيع بعد وعود بحلول للقضيَّة الفلسطينيَّة، لم يكن من بينها إبادة الفلسطينيين.. وتشعر الدول التي طبَّعت مع الإسرائيليين بالمرارة، لما يعتبرونه سوء نيَّة من الطرف الإسرائيلي، الذي تخلَّى عن وعوده خلال سنين عدَّة. وبالتالي هناك حاجة لبروز نُخب إسرائيليَّة، يمكن الوثوق بما تقول، راغبة وصادقة في التعاون مع الفلسطيني، والجار العربي، لتحقيق سلام ضمن قواعد واضحة وعمليَّة، وببرنامج زمني يتَّفق عليه الجميع، أمَّا الحرب الانتقاميَّة البشعة التي تمارسها إسرائيل على قطاع غزَّة، والضفة الغربيَّة، فإن استمرارها سيجعل من الصعب على القادة العرب، بما فيهم الفلسطينيون، القبول ببرنامج سلام مع إسرائيل.

أخبار ذات صلة

حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
;
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
;
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات
أرقام الميزانية.. تثبت قوة الاقتصاد السعودي
ورود
;
حان دور (مؤتمر يالطا) جديد
الحضارة والتنمية
خط الجنوب وإجراء (مأمول)!
الشورى: مطالبة وباقي الاستجابة!!