كتاب

حقوق الفلسطينيين.. بين سلب وطنهم وتزييف الحقائق! (2)

تناولتُ في مقال الأسبوع الماضي التَّأييد الأعمى من قِبَل دول الغرب والمنظَّمات الدوليَّة لأفعال إسرائيل الإجراميَّة، وجرائم الحرب التي ترتكبها ضدَّ الشعب الفلسطيني الأعزل، وزرع كراهيته في نفوس التلاميذ الإسرائيليين، من خلال مناهج التَّعليم بالمدارس، وسأستكمل هنا ما بدأته في مقالي السابق.

إنَّ إسرائيل هي الدولة الوحيدة العنصريَّة التي من حقِّها ممارسة العنف والتَّشجيع عليه بشكل علنيٍّ، ومن حقِّها أنْ تضع مناهج تنضحُ بالعنصريَّة، دون أنْ يتَّهمها أحد بذلك، هذه الأقوال ليست ادِّعاءات عربيَّة ضد إسرائيل، إنَّما هي خلاصة دراسة مميَّزة للباحث الإسرائيلي «د. إيلي فودا» تنبع أهميتها أنَّها صادرة من الجامعة العبريَّة في القدس المحتلَّة، وتقول الدراسة: إنَّ كُتب التَّدريس المعتمدة في المدارس اليهوديَّة لعبت دورًا مركزيًّا في تصعيد الصراع العربي الإسرائيلي في الماضي، ولازالت تشكِّل عاملًا يحول دون التَّراضي والسلام بين الشعبين.


الدِّراسة تتضمَّن تحليلًا دقيقًا موثَّقًا للكُتب التعليميَّة الإسرائيليَّة على مدى أربعين عامًا، وتضيف الدِّراسة أنَّ كُتب التَّعليم الإسرائيليَّة قادت إلى تكوين فكرة مسبقة لصورة العربي، في ظل حالة الاغتراب وتطور الصراع بين الشعبين، وأوصاف: غشَّاش ومُتخلِّف ولِص، هي جزء من صفات أُلصقت بالشخصيَّة العربيَّة في هذه المناهج، التي وُضعت على يد مؤلِّفين إمَّا أنَّهم امتداد للصهاينة الحاقدين الكارهين لكل ما هو مسلم، وكل ما هو عربي، وإمَّا أنَّهم لا يفهمون شيئًا عن العرب والمسلمين. لذلك تضمَّنت كتب التاريخ معلومات مزوَّرة. ويقول مؤلِّف الدِّراسة إنَّها جاءت من أجل تثبيت مقولة: «فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا وطن».

وقد حرص اليهود الصهاينة على نشر هذه النظرة في المجتمع الدولي ومنظماته الدولية بين معظم شعوب العالم، عبر المناهج الدِّراسية التي تُدرَّس للتلاميذ والطلاب في الدول التي تسيطر الصهيونيَّة على مناهجها الدراسيَّة، وكذلك من خلال سيطرة الصهيونيَّة العالميَّة على الاقتصاد والصحافة في العالم ووكالات الأنباء العالميَّة، وعلى السينما والتليفزيون والمسرح والثقافة والإعلان التجاري، فقلبت الباطلَ حقًّا والحقَّ باطلًا، فالسرديات الإسرائيلية المضللة أعطت «للمحتلِّ» حقّاً ليس له، وهو الدفاع عن نفسه ممن احتلَّ أرضه، واستولى على بيته وممتلكاته، وسجنه وعذبه وقتل مَن قتل من أهله وأولاده، وحاصره وجوعه، بينما حرمت «المحتلة أرضه» من حقِّ الدفاع عن نفسه، فنالت إسرائيل تعاطفاً دولياً من معظم الدول الغربية، نتج عنه صمتٌ تجاه حرب الإبادة الجماعية لفلسطينيي غزة، وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في القطاع، باستخدامها قنابل فسفوريَّة محرَّمة دوليًّا، وهدم أحياء كاملة على ساكنيها دون إنذار، ولم تكتفِ بحصارها 16 عامًا، فأعلنت قطع الماء والكهرباء والوقود والطعام والدواء والاتصالات عن غزة؛ بوصف سكانها حيوانات بشريَّة؛ لإرغامهم على مغادرتها إلى سيناء، لتكون الوطن البديل، وعندما استفاق الأمين العام للأمم المتحدة من غفوته، أدان ما تقوم به إسرائيل من جرائم في غزَّة، وقال إنّ العنف في غزَّة لم يحدث من فراغ، وإنّ الفلسطينيين يتعرَّضون لـ56 عامًا من «الاحتلال»، وقال إنَّه يشعر بقلق عميق إزاء الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي التي نشهدها في غزَّة. وأضاف: «حماية المدنيين لا تعني الأمر بإجلاء أكثر من مليون شخص إلى الجنوب، حيث لا مأوى ولا طعام ولا ماء ولا دواء ولا وقود، ثم الاستمرار في قصف الجنوب نفسه». وتابع قائلًا: «دعوني أكون واضحًا: لا يوجد طرف في نزاع مسلَّح فوق القانون الإنساني الدولي». وقوله هذا أثار غضب وزير خارجيَّة إسرائيل وطالبه بالاستقالة، ويشن الآن اللوبي الصهيوني وآلته الإعلاميَّة حملة ضد الأمين العام للأمم المتحدة، ولا أستبعد أنَّهم سيعملون على تصفيته أو اغتياله سياسيًّا، وهذا ديدنهم تجاه مَن يقاومهم أو يُواجههم بجرائمهم.


فإسرائيل ماضية في تنفيذ مخطط تصفية القضيَّة الفلسطينيَّة، فعندما تنتهي من غزَّة، سوف تستهدف فلسطينيي الضفة الغربيَّة بمحاولة ترحيلهم إلى الأردن، ليكون وطنًا بديلًا لهم تنفيذًا لمخطط المستشرق اليهودي الصهيوني البريطاني الأمريكي «برنارد لويس»، الذي وضعه عام 1940م، واعتمده الكونجرس الأمريكي عام 1983م لتفتيت العالم العربي والإسلامي، وفي أجهزة الحاسوب الإسرائيليَّة التي صادرتها (حماس) عُثِرَ على خريطة إسرائيل الكبرى بالعبريَّة، تشمل مناطق وأجزاء من دول عربيَّة عدَّة، هذا وقد طلب الرئيس بايدن من الكونجرس حوالي ثلاثة مليارات و495 مليون دولار تمويلًا لتهجير محتمل إلى الدول المجاورة.

ولكنَّ مصر والأردن والبلاد العربية تصدُّوا بقوة لمخطط التصفية والتهجير، وعلى الدول الإسلامية أنْ تتضامن مع الدول العربيَّة للتصدِّي له؛ لأنَّها ضمن مخطط التفتيت والتقسيم، بحيث تضغط الدول العربيَّة والإسلاميَّة لقيام دولة فلسطينيَّة مستقلَّة ذات سيادة وجيش وشرطة، لا تتحكَّم إسرائيل في كهربتها ولا مائها ولا طعامها وأمنها ووقودها، عاصمتها القدس الشرقية، على حدود 4 يونيو 1967م.

أخبار ذات صلة

حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
;
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
;
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات
أرقام الميزانية.. تثبت قوة الاقتصاد السعودي
ورود
;
حان دور (مؤتمر يالطا) جديد
الحضارة والتنمية
خط الجنوب وإجراء (مأمول)!
الشورى: مطالبة وباقي الاستجابة!!