كتاب

أحداث غزَّة ضمن تحدِّيات مؤتمر "تغير المناخ"

يجتمع بعد أيام في مدينة دبي، ممثلو حكومات دول العالم التي وقَّعت على اتِّفاقيَّة الأمم المتحدة الإطاريَّة بشأن تغيُّر المناخ (UNFCCC)، الدورة الـ28 لمؤتمر الدول الأطراف في الاتِّفاقيَّة مع توقُّع حضور أكثر من 75 ألف مشارك، بمن فيهم رؤساء الدول والحكومات والوزراء، وممثِّلُون عن المنظمات غير الحكوميَّة، والقطاع الخاص، وفئات المجتمع المتنوِّعة، والشباب لتحقيق أعلى الطموحات المناخيَّة وتعزيز التنمية المستدامة.

وتشارك حكومات الدول العربيَّة منذ بداية المفاوضات حول قضايا التغيُّر المناخي لتنسيق مواقفها أمام المحافل الدوليَّة لتمكين المجموعة التفاوضيَّة العربيَّة لترسيخ الموقف العربي من قضايا التغيُّر المناخي بما يحقِّق مصالحها.. ولهذا تحثُّ الدول العربيَّة على ضرورة التزام كلِّ الأطراف بالمبادئ الدوليَّة التي تحكم الاتفاقيَّة وخاصَّة مبدأ الشموليَّة في الإقرار بتعدُّد وتنوُّع الحلول لمعالجة مشكلة التغيُّر المناخي بدون التحيُّز تجاه مصدر من مصادر الطاقة دون الآخر، ومبدأ المسؤوليَّة المشتركة، ولكن المتباينة، بحيث تتحمَّل الدول المتقدِّمة مسؤوليَّتها التاريخيَّة عن تغيُّر المناخ، وتقوم بتحقيق خفض مؤثِّر في انبعاثاتها من الغازات الدفيئة، وكذلك مساعدة الدول النامية للحدِّ من التأثيرات السلبيَّة لتغيُّر المناخ، خاصَّةً على الدول العربيَّة، باعتباره عبئًا إضافيًّا على تنويع اقتصاداتها، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.


وعلى الرغم من استعداد الدول العربيَّة وحماسها لإنجاح المؤتمر الذي يُعقد على أراضيها لمواجهة التحدِّيات البيئيَّة التي تواجهها، وفي طليعتها ندرة المياه والجفاف والتلوُّث، وتزايد عدد وعنف الكوارث الطبيعيَّة التي عصفت بها في شكل زلازل وفيضانات وأعاصير وجفاف وحرائق غابات، وارتفاع قياسي في درجات الحرارة، بجانب التحدِّيات الاقتصاديَّة السلبيَّة والملموسة نتيجة النزاعات الجيوسياسيَّة، وخاصَّةً الحرب الروسيَّة الأوكرانيَّة، وتعدُّد أطرافها بين الولايات المتحدة والصين، إلَّا أنَّ التطوُّرات الأخيرة في غزَّة تُعتبر أهم التحدِّيات المستجدة لتحقيق التقدُّم المأمول في المفاوضات، فكيف تطالب الدولُ الناميةُ والعربيَّةُ الدولَ الغربيّةَ بتحمُّل مسؤوليتها التاريخيَّة في تسبيب التغيُّر المناخي، إذا كانت تلك الدول تتعمَّد إغفال الحقائق التاريخيَّة للقضيَّة الفلسطينيَّة، وتتجاهل حقَّ شعبٍ مسلوب الأرض والموارد والحقِّ الأساسي في الوجود وسيادته الوطنيَّة على موطنه الأصلي.. ولعلَّ إعلان مجموعة العمل المناخي المسمَّاة (تمرُّدٌ ضدَّ الانقراضِ)، دمج الدفاع عن الحقِّ الإنسانيِّ للفلسطينيين ضمن حملتها للعدالة البيئيَّة، باعتبار أنَّه (لا مكان لعدالة بيئيَّة ومناخيَّة مع التمييز بين البشر وتجاهل حقوق الإنسان).

إنَّ التعاون في قضايا التغيُّر المناخي لا يمكن أنْ يثمر مع إنكار حق شعبٍ تمَّ اغتصاب أرضه وموارده وحريَّته، في ظلِّ استمرار دعم حكومات الدول الغربيَّة المُطلق لأفعال لا تقلُّ عن الإبادة الجماعيَّة، وتأييد الرفض الإسرائيلي لكلِّ المبادرات السلميَّة والعقلانيَّة، وإنكار حقِّ مجرَّد وجود الفلسطينيين في الحياة. فهل المفاوضات حول حماية البيئة والبشر من آثار التغيُّر المناخي سيكون لها مكان ضمن مطالب العرب، وعقلاء العالم بحقِّ ملايين الفلسطينيين المحرومين من أرضهم، ويفتقرون إلى أدنى شروط الحياة الإنسانيَّة الكريمة؟ فمنطق الحال بعيدًا عن النفاق وتزوير الحقائق، يوجه الأنظار إلى العنف والقتل للبشر، والتدمير للممتلكات والبيئة؛ لتبتعد عن أي انتباه لتغيُّر المناخ!

أخبار ذات صلة

مُد يدك للمصافحة الذهبية
السعودية.. الريادة والدعم لسوريا وشعبها
المتيحيون الجدد!
المديرون.. أنواع وأشكال
;
أين برنامج (وظيفتك وبعثتك) من التطبيق؟!
علي بن خضران.. يد ثقافية سَلفتْ!
من يدير دفة الدبلوماسية العامة الأمريكية؟!
الرياض.. بيت العرب
;
جميل الحجيلان.. قصص ملهمة في أروقة الدبلوماسية
الجزيـــــــرة
إدارة الجماهير.. وإرضاؤهم
المملكة.. ودعم استقرار سوريا
;
ولي العهد.. أبرز القادة العرب المؤثرين
العمل بعمق
(الروبوت).. الخطر القادم/ الحالي
عشوائية مكاتب (الاستقدام)!