كتاب
المسيحية السياسية!
تاريخ النشر: 14 نوفمبر 2023 23:37 KSA
المغالطة التي أُتخِمتْ بها عقولنا، هو أنه لا تقاطع في دول الغرب بين المسيحية والسياسة إطلاقًا؛ وتعليل ذلك هو أن الدول الغربية منذ فجر عصر التنوير نحَّت الكنيسةَ والإنجيلَ، وجعلت من العلمانية دستورها ومرجعيتها. في المقابل تم ربط الإسلام بالسياسة، وجُعل منه خطرًا قائمًا ينبغي التصدي له، وتم إلصاق تهمة الإسلام السياسي بالإسلام ومنتسبيه، وهذا المصطلح (الإسلام السياسي) مصطلح حادث نسبيًّا، ظهر -ممارسةً- على السطح قبيل منتصف القرن الميلادي الماضي، حينما قامت بعض الجماعات بمحاولة الإمساك بزمام الأمور تحت شعارات: تحكيم الإسلام وبسط نفوذه، مستخدمة العنفَ والتكفيرَ، ثم استقر -مُسمًّى- فيما بعد.
العجيب في الأمر هو الرضا والمصادقة التامة من قِبل بعض النخب العربية على براءة المسيحية -وكذلك اليهودية- من السياسة، في حين يجد المتتبع للحروب التي شنّها الغرب المسيحي على الشرق المسلم، بدءًا بالحروب الصليبية ومرورًا بحقبة الاستعمار، وليس انتهاءً باحتلال فلسطين، ثم أفغانستان والعراق، كلها تنطلق من منطلق عقائدي مهما تخفَّت تحت أردية ظاهرها العدالة والتنوير، وباطنها المكر والتصدي للإسلام تحت ذرائع أشهرها محاربة التطرف والإرهاب. أخيرًا، جاءت أحداث غزة -بعيدًا عن أي اعتبار- لتزيح الستار بشكل جلي عن تلبُّس السياسة والساسة في الغرب بالمسيحية، ورجوعهم إليها، وتأكيد انتمائهم لها واعتزازهم بها، وليس بالجديد حين نقول إن الحكومات الغربية ليست حكومات دينية تفرض الكنيسةُ عليها رؤيتها، أو تخضع كليًّا لتعاليم الإنجيل، بل هي حكومات علمانية، لكن الكنيسة والإنجيل يحضران بكل فاعلية في مواقف أهمها: حينما يتعرض الأمن القومي للخطر، وقد رأينا كيف هبَّت الدول الغربية لتصطفَّ بقوتها وعتادها إلى جانب إسرائيل في حربها على غزة، ووصل الأمر أن صرَّح وزير الخارجية الأمريكي بأنه جاء لإسرائيل لا بوصفه وزيرًا، وإنما بوصفه (يهوديًّا)، ولو أن وزير خارجية عربيًّا وصل لفلسطين وقال لمواطنِيها جئتكم لا بوصفي وزيرًا لبلدي، ولكن بوصفي (مسلمًا)، لتناوشته سهام الوصم بالتطرف من الجانبين «العربي النخبوي والغربي». هنا تظهر مسألة أخرى؛ وهي أن الفارق بين مصطلحي (الإسلام السياسي والمسيحية السياسية)، هو أن المصطلح الأول يشير إلى استخدام الإسلام من قِبَل بعض المنتمين له، وتوظيفه للوصول للسُّلطة والقبض على مقاليد الحُكم، في حين يشير المصطلح الأخير إلى استخدام المسيحية مبررًا لغزو دولة ما أو احتلالها، مثلما قال بوش الابن: إنها «حرب صليبية»، ثم احتل العراق وأفغانستان، أو لاستمرار الاحتلال كما هو حاصل اليوم مع إسرائيل.
الأمر الذي أراه مبشراً وقد بدأ في التنامي، هو حالة الوعي لدى المجتمعات، سواء على مستوى النخب العربية، التي كانت تنأى بالغرب عن الدين والتدين، وتلبسه حلل الوعي والعدالة والموضوعية والتنوير، حتى جاءت الأحداث الأخيرة، (فآمنتْ أخيراً) بزيف المثل الغربية وفسادها -خاصة خارج الجغرافيا الغرْبية- يضاف إلى ذلك حالة الوعي المتنامية لدى الشعوب الغربية بكافة أطيافها وألوانها السياسية منها والدينية والثقافية.
العجيب في الأمر هو الرضا والمصادقة التامة من قِبل بعض النخب العربية على براءة المسيحية -وكذلك اليهودية- من السياسة، في حين يجد المتتبع للحروب التي شنّها الغرب المسيحي على الشرق المسلم، بدءًا بالحروب الصليبية ومرورًا بحقبة الاستعمار، وليس انتهاءً باحتلال فلسطين، ثم أفغانستان والعراق، كلها تنطلق من منطلق عقائدي مهما تخفَّت تحت أردية ظاهرها العدالة والتنوير، وباطنها المكر والتصدي للإسلام تحت ذرائع أشهرها محاربة التطرف والإرهاب. أخيرًا، جاءت أحداث غزة -بعيدًا عن أي اعتبار- لتزيح الستار بشكل جلي عن تلبُّس السياسة والساسة في الغرب بالمسيحية، ورجوعهم إليها، وتأكيد انتمائهم لها واعتزازهم بها، وليس بالجديد حين نقول إن الحكومات الغربية ليست حكومات دينية تفرض الكنيسةُ عليها رؤيتها، أو تخضع كليًّا لتعاليم الإنجيل، بل هي حكومات علمانية، لكن الكنيسة والإنجيل يحضران بكل فاعلية في مواقف أهمها: حينما يتعرض الأمن القومي للخطر، وقد رأينا كيف هبَّت الدول الغربية لتصطفَّ بقوتها وعتادها إلى جانب إسرائيل في حربها على غزة، ووصل الأمر أن صرَّح وزير الخارجية الأمريكي بأنه جاء لإسرائيل لا بوصفه وزيرًا، وإنما بوصفه (يهوديًّا)، ولو أن وزير خارجية عربيًّا وصل لفلسطين وقال لمواطنِيها جئتكم لا بوصفي وزيرًا لبلدي، ولكن بوصفي (مسلمًا)، لتناوشته سهام الوصم بالتطرف من الجانبين «العربي النخبوي والغربي». هنا تظهر مسألة أخرى؛ وهي أن الفارق بين مصطلحي (الإسلام السياسي والمسيحية السياسية)، هو أن المصطلح الأول يشير إلى استخدام الإسلام من قِبَل بعض المنتمين له، وتوظيفه للوصول للسُّلطة والقبض على مقاليد الحُكم، في حين يشير المصطلح الأخير إلى استخدام المسيحية مبررًا لغزو دولة ما أو احتلالها، مثلما قال بوش الابن: إنها «حرب صليبية»، ثم احتل العراق وأفغانستان، أو لاستمرار الاحتلال كما هو حاصل اليوم مع إسرائيل.
الأمر الذي أراه مبشراً وقد بدأ في التنامي، هو حالة الوعي لدى المجتمعات، سواء على مستوى النخب العربية، التي كانت تنأى بالغرب عن الدين والتدين، وتلبسه حلل الوعي والعدالة والموضوعية والتنوير، حتى جاءت الأحداث الأخيرة، (فآمنتْ أخيراً) بزيف المثل الغربية وفسادها -خاصة خارج الجغرافيا الغرْبية- يضاف إلى ذلك حالة الوعي المتنامية لدى الشعوب الغربية بكافة أطيافها وألوانها السياسية منها والدينية والثقافية.