كتاب
فوِّت كلمة تفوتك ألف كلمة!!
تاريخ النشر: 28 نوفمبر 2023 23:53 KSA
جاءتْ امرأةٌ فسألت الفقيهَ أبا القاسم حاتم بن محمد عن مسألة، فخرج منها صوتُ في تلك الحالة فخجلتْ، فقال حاتم: ارفعي صوتَكِ.. فأوهمها أنَّه أصمٌّ.. فسُرَّت المرأة بذلك، وقالت إنَّه لمْ يسمع الصوت، فلقِّبَ بعدها بحاتم الأصم.
إنَّ التغافلَ خُلقٌ وأدبٌ كريمٌ لا يتقنه إلَّا العظماءُ؛ وهو أنْ تغضَّ الطرفَ عن الهفوات وألَّا تُحصي السيِّئات، وأنْ تترفَّع عن الصغائر، ولا تركِّز على اصطياد السلبيَّات.. ولذا فالكريمُ دائمًا يترفَّع عن مجاراة مَن يسيء إليه، خاصَّةً ممَّن يرجو مودَّتهم، ويرجو لهم الخيرَ، ويُحسن الظنَّ بهم، وأُثِرَ عن الإمام أحمد -رحمه الله- أنَّه قال: (تسعةُ أعشارِ حُسنِ الخُلقِ في التَّغافلِ)، فالتغافلُ عن زلَّات النَّاس وأخطائهم، وترك النَّظر والتَّدقيق في صغائر الأمور، لازمٌ من لوازمِ الحياةِ السعيدةِ والمستقرَّةِ.
وورد عن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أنَّه قال: «العقلُ ثلثُهُ فطنةٌ، وثُلثَاهُ تغافلٌ»، وقال الإمام الشافعيُّ: «الكًيِّسُ العاقلُ؛ هو الفَطِنُ المُتغافلُ»، وقال الإمام عبدالله بن مبارك: «المُؤمنُ يطلبُ المعاذيرَ، والمنافقُ يطلبُ الزَّلاتِ».
وكذلك قال الله تعالى عن نبيه محمد -صلَّى اللهُ عليه وسلّم- لمَّا أخطأت بعضُ أزواجهِ -رضوان الله عليهم أجمعين-: (عَرَّفَ بَعْضَهُ وأعْرَضَ عَن بَعْضٍ).. التَّحريم (آية 3).
ومن أعظم مَوَاطن التَّغافل قولُ يوسف الصدِّيق -عليه السلام-: (مِنْ بَعْدِ أنْ نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)، مع أنَّ الشيطانَ نَزَغَ إخوته فقط، ولم ينزغه هو، لكنَّه التَّغافل ومكارمُ الأخلاق.
لا يزالُ في الذَّاكرة المثلُ الشعبيُّ المكيُّ الشهيرُ الذي كان يردِّدُه على مسمَعِي والدي -رحمه الله-: (فوِّت كلمةً تفوتُكَ ألف كلمةٍ)، حينها لمْ أكنْ أعرفُ معنى المثل، غير أنِّي أدركتُ بعدها المعنى التربويَّ الكبير له.
شخصياً -ومن واقع تجربتي- وجدتُ أنَّ التغاضي والتغافل عن أخطاءِ الغيرِ يورثُ راحةَ البالِ وطمأنينةَ النفسِ، لا سيما إذا كانَ هذا التغاضي ليسَ ضعفاً، ولا عجزاً، بل إنه قد يقلبُ الموازينَ فيجعل ذلك المسيءَ صديقاً حميماً.. من خلال تشرُّفِي بإدارة أعرق الجامعات، كنتُ أسمعُ الكثيرَ من الانتقادِ غير اللائقِ والظالمِ في كثير من الأحيان، التي تُنشر في مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ، كنتُ أتغافل ولا أقفُ عندها، وبعدها يأتي مَن انتقدَنِي بدون أنْ يتأكَّد ممَّا قالَهُ معتذِّرًا عن ما بدرَ منه.
إنَّ التغافلَ خُلقٌ وأدبٌ كريمٌ لا يتقنه إلَّا العظماءُ؛ وهو أنْ تغضَّ الطرفَ عن الهفوات وألَّا تُحصي السيِّئات، وأنْ تترفَّع عن الصغائر، ولا تركِّز على اصطياد السلبيَّات.. ولذا فالكريمُ دائمًا يترفَّع عن مجاراة مَن يسيء إليه، خاصَّةً ممَّن يرجو مودَّتهم، ويرجو لهم الخيرَ، ويُحسن الظنَّ بهم، وأُثِرَ عن الإمام أحمد -رحمه الله- أنَّه قال: (تسعةُ أعشارِ حُسنِ الخُلقِ في التَّغافلِ)، فالتغافلُ عن زلَّات النَّاس وأخطائهم، وترك النَّظر والتَّدقيق في صغائر الأمور، لازمٌ من لوازمِ الحياةِ السعيدةِ والمستقرَّةِ.
وورد عن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أنَّه قال: «العقلُ ثلثُهُ فطنةٌ، وثُلثَاهُ تغافلٌ»، وقال الإمام الشافعيُّ: «الكًيِّسُ العاقلُ؛ هو الفَطِنُ المُتغافلُ»، وقال الإمام عبدالله بن مبارك: «المُؤمنُ يطلبُ المعاذيرَ، والمنافقُ يطلبُ الزَّلاتِ».
وكذلك قال الله تعالى عن نبيه محمد -صلَّى اللهُ عليه وسلّم- لمَّا أخطأت بعضُ أزواجهِ -رضوان الله عليهم أجمعين-: (عَرَّفَ بَعْضَهُ وأعْرَضَ عَن بَعْضٍ).. التَّحريم (آية 3).
ومن أعظم مَوَاطن التَّغافل قولُ يوسف الصدِّيق -عليه السلام-: (مِنْ بَعْدِ أنْ نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)، مع أنَّ الشيطانَ نَزَغَ إخوته فقط، ولم ينزغه هو، لكنَّه التَّغافل ومكارمُ الأخلاق.
لا يزالُ في الذَّاكرة المثلُ الشعبيُّ المكيُّ الشهيرُ الذي كان يردِّدُه على مسمَعِي والدي -رحمه الله-: (فوِّت كلمةً تفوتُكَ ألف كلمةٍ)، حينها لمْ أكنْ أعرفُ معنى المثل، غير أنِّي أدركتُ بعدها المعنى التربويَّ الكبير له.
شخصياً -ومن واقع تجربتي- وجدتُ أنَّ التغاضي والتغافل عن أخطاءِ الغيرِ يورثُ راحةَ البالِ وطمأنينةَ النفسِ، لا سيما إذا كانَ هذا التغاضي ليسَ ضعفاً، ولا عجزاً، بل إنه قد يقلبُ الموازينَ فيجعل ذلك المسيءَ صديقاً حميماً.. من خلال تشرُّفِي بإدارة أعرق الجامعات، كنتُ أسمعُ الكثيرَ من الانتقادِ غير اللائقِ والظالمِ في كثير من الأحيان، التي تُنشر في مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ، كنتُ أتغافل ولا أقفُ عندها، وبعدها يأتي مَن انتقدَنِي بدون أنْ يتأكَّد ممَّا قالَهُ معتذِّرًا عن ما بدرَ منه.