كتاب
أشواك خالد الشيخ.. وأشواقنا!
تاريخ النشر: 06 ديسمبر 2023 23:47 KSA
بدعوةٍ كريمةٍ من ثمانية، حضرتُ فيلم (خالد الشيخ: بين أشواك الفنِّ والسياسة) لمخرجه الذَّكيِّ جمال كتبي، الذي يأتي ضمن عروض مهرجان البحر الأحمر السينمائيِّ الدوليِّ لهذا العام 2023 في جدَّة الفن والإبداع والزُّرقة.
ولا أخفيكم، فقد خرجتُ -ولا أزالُ- ممتلئًا بمشاعر البهجةِ والحنين. هناك عوامل عدَّة خلف بهجتي، لكنَّ أهمَّها -في رأيي- يتلخَّص في ذكاء المخرج، الذي استطاع بناءَ فيلمٍ رشيقٍ، يركِّز على أيقونة فنيَّة خليجيَّة، لا تخلو مسيرتها من عقباتٍ وجدل (أتذكَّرُ -الآن- الهجمةَ الشرسةَ على خالد الشيخ مثلًا بعد حرب الكويت، وقد مرَّ عليها الفيلم ضمن ما مرَّ). ذكاء المخرج ظهر في اصطياد اللَّحظات التي شكَّلت مسيرة خالد الشيخ، في تنوُّع الأصوات المشاركة، وفي لعبه على وتيرة الصِّراع داخل العمل الفنيِّ.
خالد الشيخ فنانٌ يجذبُ الكثيرَ من الحنين والذِّكريات لأجيالٍ متعاقبة، لكنَّ المخرج استطاع استثمار هذا الأمر برشاقةٍ، دون أنْ يثقل عمله بالتَّفاصيل، أو يرهِّلَه بالحشو الزَّائد، أو أنْ يجعله نهبَ الرُّؤى المختلفة، والصِّراعات المُتباينة. قدَّم لنا جمال كتبي وفريقُ عملهِ الجميل عملًا خفيفًا على القلب، جعلنا نفهمُ خالد الشيخ، ونحبُّ نظرته للحياة من خلال الفنِّ، ونتساءل عن مواقفنا تجاه القضايا التي عاصرها وعاصرناها معه.
بالنسبة لي كان ظهور طلال مداح في الفيلم علامةً خاصَّةً.
لماذا شعرتُ أنَّ المخرج يقصدني بهذه الفقرة؟ وكأنَّه يهديها لي؟
حينما أجاب طلال عن سؤال منافسه الأبرز، ردَّ: خالد الشيخ.
أعادتني اللَّحظة إلى نقاشاتٍ طويلةٍ، وغير منتهية حول نوايا طلال الخفيَّة. بالنسبة لي كان أبو عبدالله -ويظلُّ- رمزًا للصدق في أبسط حالاته وأجملها، لذلك كنتُ في صفِّ طلال ضدَّ منتقديه، وحينما شاهدتُ فيلمَ الشيخ، ومقطع طلال فهمتُ طلالًا أكثر، وفهمتُ رؤيته حول جدارة خالد الشيخ بالمنافسة. فهمتُ، وشعرتُ بحنينٍ جارفٍ لطلال، وليالي طلال.
وكما يقولُ جيل دولوز: «لا تقدِّم السينما صورًا فقط، بل تحيطها بعالم»، فقد قدَّم لنا فيلم خالد الشيخ عالمًا محيطًا مؤثَّثًا بالذِّكريات والتَّفاصيل؛ تفاصيل كنَّا نسكنها، ونعايشها، وتُسهم في تشكيلنا، وتأطير رؤيتنا للعالم. نعم، وجدتُ نفسي هناك في أحداث الفيلم مشاركًا، لا مجرَّد مشاهدٍ سلبيٍّ. وتذكَّرتُ -في لحظة ضعف- صديقَ العمر «عبدالله»، وهو يغنِّي لي بصوته النَّشاز: نعم.. نعم هذي سنة المحبِّين...!! كان يحبُّها من صوت خالد عبدالرحمن، وكنتُ أتنمَّرُ عليه بكلِّ الطُّرق الممكنة وغير الممكنة. لم يكنْ يعجبه خالد الشيخ كثيرًا إلَّا في (كلَّما كنت بقربي). هل تذكرُونَ هذا العمل؟ هل تذكرُونَ القناةَ الأولى وهي تعرضه؟ والغرابةُ التي كنَّا نتلقَّى الأغنية بها؟ كانت أغنيةً غريبةً ولذيذةً في الوقت ذاته. أنا -من الحجاز- لم تكن الأغنية.. لهجتها، لحنها، طريقة أدائها أمرًا مألوفًا، لكنِّي تعلَّقت بها. وكذلك فعل صديقي عبدالله.هذا الصديق غادرني في العام نفسه الذي غادرنا فيه طلال.. (هل يصح أنْ أدعوه صديق العمر، أو أنه على الأرجح صديق الفقد؟!). رحل صديقي عبدالله، ولا أزال حتى اليوم أسمع نغمة صوته، كلما مرَّ خالد الشيخ في بالي: «نعم.. نعم هذي سنة المحبين، لهم مطامع في الهوى مساكين..».
شكرًا ثمانية..
شكرًا جمال كتبي..
وشكرًا بالطبع- خالد الشيخ، على الفنِّ، وعلى الفيلمِ، وعلى نهرِ الوجعِ الجارِي.
ولا أخفيكم، فقد خرجتُ -ولا أزالُ- ممتلئًا بمشاعر البهجةِ والحنين. هناك عوامل عدَّة خلف بهجتي، لكنَّ أهمَّها -في رأيي- يتلخَّص في ذكاء المخرج، الذي استطاع بناءَ فيلمٍ رشيقٍ، يركِّز على أيقونة فنيَّة خليجيَّة، لا تخلو مسيرتها من عقباتٍ وجدل (أتذكَّرُ -الآن- الهجمةَ الشرسةَ على خالد الشيخ مثلًا بعد حرب الكويت، وقد مرَّ عليها الفيلم ضمن ما مرَّ). ذكاء المخرج ظهر في اصطياد اللَّحظات التي شكَّلت مسيرة خالد الشيخ، في تنوُّع الأصوات المشاركة، وفي لعبه على وتيرة الصِّراع داخل العمل الفنيِّ.
خالد الشيخ فنانٌ يجذبُ الكثيرَ من الحنين والذِّكريات لأجيالٍ متعاقبة، لكنَّ المخرج استطاع استثمار هذا الأمر برشاقةٍ، دون أنْ يثقل عمله بالتَّفاصيل، أو يرهِّلَه بالحشو الزَّائد، أو أنْ يجعله نهبَ الرُّؤى المختلفة، والصِّراعات المُتباينة. قدَّم لنا جمال كتبي وفريقُ عملهِ الجميل عملًا خفيفًا على القلب، جعلنا نفهمُ خالد الشيخ، ونحبُّ نظرته للحياة من خلال الفنِّ، ونتساءل عن مواقفنا تجاه القضايا التي عاصرها وعاصرناها معه.
بالنسبة لي كان ظهور طلال مداح في الفيلم علامةً خاصَّةً.
لماذا شعرتُ أنَّ المخرج يقصدني بهذه الفقرة؟ وكأنَّه يهديها لي؟
حينما أجاب طلال عن سؤال منافسه الأبرز، ردَّ: خالد الشيخ.
أعادتني اللَّحظة إلى نقاشاتٍ طويلةٍ، وغير منتهية حول نوايا طلال الخفيَّة. بالنسبة لي كان أبو عبدالله -ويظلُّ- رمزًا للصدق في أبسط حالاته وأجملها، لذلك كنتُ في صفِّ طلال ضدَّ منتقديه، وحينما شاهدتُ فيلمَ الشيخ، ومقطع طلال فهمتُ طلالًا أكثر، وفهمتُ رؤيته حول جدارة خالد الشيخ بالمنافسة. فهمتُ، وشعرتُ بحنينٍ جارفٍ لطلال، وليالي طلال.
وكما يقولُ جيل دولوز: «لا تقدِّم السينما صورًا فقط، بل تحيطها بعالم»، فقد قدَّم لنا فيلم خالد الشيخ عالمًا محيطًا مؤثَّثًا بالذِّكريات والتَّفاصيل؛ تفاصيل كنَّا نسكنها، ونعايشها، وتُسهم في تشكيلنا، وتأطير رؤيتنا للعالم. نعم، وجدتُ نفسي هناك في أحداث الفيلم مشاركًا، لا مجرَّد مشاهدٍ سلبيٍّ. وتذكَّرتُ -في لحظة ضعف- صديقَ العمر «عبدالله»، وهو يغنِّي لي بصوته النَّشاز: نعم.. نعم هذي سنة المحبِّين...!! كان يحبُّها من صوت خالد عبدالرحمن، وكنتُ أتنمَّرُ عليه بكلِّ الطُّرق الممكنة وغير الممكنة. لم يكنْ يعجبه خالد الشيخ كثيرًا إلَّا في (كلَّما كنت بقربي). هل تذكرُونَ هذا العمل؟ هل تذكرُونَ القناةَ الأولى وهي تعرضه؟ والغرابةُ التي كنَّا نتلقَّى الأغنية بها؟ كانت أغنيةً غريبةً ولذيذةً في الوقت ذاته. أنا -من الحجاز- لم تكن الأغنية.. لهجتها، لحنها، طريقة أدائها أمرًا مألوفًا، لكنِّي تعلَّقت بها. وكذلك فعل صديقي عبدالله.هذا الصديق غادرني في العام نفسه الذي غادرنا فيه طلال.. (هل يصح أنْ أدعوه صديق العمر، أو أنه على الأرجح صديق الفقد؟!). رحل صديقي عبدالله، ولا أزال حتى اليوم أسمع نغمة صوته، كلما مرَّ خالد الشيخ في بالي: «نعم.. نعم هذي سنة المحبين، لهم مطامع في الهوى مساكين..».
شكرًا ثمانية..
شكرًا جمال كتبي..
وشكرًا بالطبع- خالد الشيخ، على الفنِّ، وعلى الفيلمِ، وعلى نهرِ الوجعِ الجارِي.