كتاب

التعليم.. من أجل العمل وريادة الأعمال

قبل أكثر من أربعةِ عقودٍ، دار بيني وبين بعض القيادات الجامعيَّة -آنذاك- حوارٌ ساخنٌ، ظهر فيه شدَّة التزام بعضهم بوجهة نظرهم؛ لدرجة رفض أيِّ توسُّع في النِّقاش، وقفل الأبواب للحوار معهم، ويبدو أنَّ الوقت والظَّرف لم يكونا مناسبَين، مع احترامي وتقديري لهم، فهم أساتذة أفاضل، سبق لبعضهم أنْ درَّسني.. والحوار كان يدور حول وجهة نظري التي تطالبُ بتطويع مخرجات الجامعات لاحتياجات سوق العمل، وضرورة إعادة تطوير البرامج التعليميَّة في الجامعات السعوديَّة؛ لتتماشي مع متطلَّبات الوظيفة في سوق العمل، ومنها علي وجه الخصوص في القطاع الخاص.. إلَّا أنَّ رفض قيادات الجامعات -آنذاك- ينطلق من مبدأ التزامهم بالتَّعليم من أجل التعلُّم، وليس التَّعليم من أجل العمل. والحقيقة استطاعوا أنْ يقفوا أمام رأيي ورفضه، حتي رُفِضَ طرحه في أحد مؤتمرات رجال الأعمال السعوديِّين.. وبعد مرور عشرين عامًا، تبنَّيتُ مع بعض الزُّملاء من رجال الأعمال الأكاديميِّين، إنشاء كليَّة جامعيَّة لإدارة الأعمال بشعار (التَّعليم من أجل العمل)، وبنينا برامج أكاديميَّة في تخصُّصات جامعيَّة تخدم الوظيفة في سوق العمل، وربطنا التَّعليم بالتَّدريب قبل التخرُّج، وقرَّرنا اللغة الإنجليزيَّة كلغة أساسيَّة في الدِّراسة، وهي متطلَّبٌ أساسٌ في سوق العمل، وعلى مدار خمسة وعشرين عامًا من التجربة، حقَّقنا نجاحات كبيرة في تخريج حوالى عشرة آلاف طالب؛ لسدِّ جزءٍ من حاجة سوق العمل، وأصبح أكثر من ٨٥ في المئة من الخرِّيجين يحصلُون على وظائفهم في القطاع الخاص قبل تخرُّجهم في فترة التَّدريب العمليِّ، في إحدى مؤسَّسات أو شركات القطاع الخاص، ويذهب الـ15 في المئة المتبقُون، إمَّا لتكملة دراساتهم العُليا، أو للعمل كروَّاد أعمال.

وفي خلال زيارة معالي وزير التعليم لجامعة الأعمال والتكنولوجيا، واللقاء بقيادات الجامعة، قدم معاليه اقتراحاً جديداً، ويعتبر بحد ذاته تحولاً جديداً للتوجه في الجامعات الأهلية والحكومية مستقبلاً، وهو (التعليم من أجل العمل وريادة الأعمال)، منطلقاً من التوجه نحو بناء جيل جديد من المبادرين في الأعمال، ليصبحوا رجال أعمال المستقبل، وأن لا يكون التعليم فقط للوظيفة، وإنما لبناء رواد الأعمال المبتكرين والمبدعين.. وهذا هو التوجُّه الصَّحيح في التَّعليم الحديث في المملكة، والذي يقوده وزير التَّعليم الأستاذ يوسف البنيان، صاحب الرُّؤية المستقبليَّة لروَّاد الأعمال في المملكة.


انتهت الزيارة، وبكلِّ قناعة، وقبل عودة معالي وزير التَّعليم للعاصمة الرِّياض، قرَّرت الجامعة تغيير شعار الجامعة من التَّعليم لأجل العمل، إلى (التَّعليم لأجل العمل وريادة الأعمال)، متمنيًا أنْ يكون هذا شعار جميع الجامعات السعوديَّة. وأجزم بأنَّ الدَّعم العظيم الذي تُقدِّمه الدَّولة لروَّاد الأعمال من استشارات وقروض وتسهيلات ومميِّزات، حتمًا سوف تسهم في تحقيق النجاح.

أخبار ذات صلة

حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
;
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
;
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات
أرقام الميزانية.. تثبت قوة الاقتصاد السعودي
ورود
;
حان دور (مؤتمر يالطا) جديد
الحضارة والتنمية
خط الجنوب وإجراء (مأمول)!
الشورى: مطالبة وباقي الاستجابة!!