كتاب
هل حرب إسرائيل على غزة «دينية»؟! (2)
تاريخ النشر: 27 ديسمبر 2023 23:35 KSA
توقفتُ في الجزء الأول عند تفسير مقولة «نتنياهو» لتبرير حربه على غزَّة بأنَّه استدعى نبوءة إشعياء، إحدى أساطير العهد القديم، حيث قال: «نحن أبناء النُّور، بينما هم أبناء الظَّلام، وسينتصر النورُ على الظلامِ». و»سنُحقِّق نبوءة إشعياء، لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببًا في تكريم شعبكم، سنقاتل معًا وسنُحقِّق النَّصر». كما استدعى نصًّا دينيًّا آخرَ، حين قال: «يجب أنْ تتذكَّرُوا ما فعله العماليقُ بكم، كما يقول لنا كتابنا المقدَّس، ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان، وفرقنا الذين يقاتلُونَ الآن في غزَّة وحولها»، وهو بهذا يؤكِّد أنَّ الحرب على غزَّة «دينيَّة»، وذلك للأسباب التَّالية:
أولًا: مصطلح أبناء النُّور وأبناء الظَّلام، مصطلح دينيٌّ، ظهر في القرن الثاني قبل الميلاد في أدب الرُّؤيا، بعد انتهاء النبوة في إسرائيل، وهذا الأدبُ يُعبَّر عنه في الأناجيل، برؤيا يوحنا اللاهوتيِّ التي تتكلَّم عن آخر الزَّمان قبل مجيء المسيح المخلص، ستحدث حربٌ كبيرةٌ مدمِّرةٌ بين أبناء النُّور والظَّلام. ومعسكر أبناء النُّور الذي يعنيه نتنياهو، يشمل إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وفرنسا، وفق تفسير رؤيا يوحنا اللاهوتيِّ، أمَّا أبناء الظَّلام هم الفلسطينيُّون ومَن يدعمهم، وصدرت قوانين في أوروبا لإبادة أبناء الظَّلام.. فهي حربٌ دينيَّةٌ للقضاء على أبناء الظَّلام تنفيذًا لأمر الرَّب.
ثانيًا: كلمة العماليق: تحيل إلى قبيلة من البدو الرحَّل، سكنوا شبه جزيرة سيناء وجنوبي فلسطين، وتعني في الثَّقافة اليهوديَّة «ذروة الشرِّ الجسديِّ والروحيِّ»، والعماليق مصطلح له دلالة دينيَّة ورد في التَّوراة المحرَّفة، أنَّ الرَّبَ يأمرهم بسحق ذكر العماليق من تحت السَّماء، فجاء في سفر صموئيل الأول: «اذهب وحارب عماليق، هم وكل ما لهم. لا تشفق عليهم، اقتل جميع الرِّجال والنِّساء والأطفال والرُّضَّع، واقتل ثيرانهم وغنمهم وجمالهم وحميرهم، وحاربهم حتى يَفنوا». ثالثًا: قول نتنياهو إنَّه سيحقِّق نبوءة إشعياء التي تتنبَّأ بالخراب لمصر، والظَّلام لفلسطين، والنُّور لإسرائيل، وهذه نبوءة مَن وضعَ كتاب العهد القديم، ورد في الإسرائيليَّات أنَّ النبيَّ إشعياء نبيٌّ من أنبياء الله عند اليهود، ولُقِّب بـ»النبيِّ الإنجيليِّ»؛ لكثرة كتابته عن المسيح، ويعتبره اليهود أحد أعظم أنبياء العهد القديم.
ويعد «سفر إشعياء» نصًّا رئيسًا من العهد القديم، وجُمِعَ على مدار قرنين، بدءًا من النِّصف الثَّاني من القرن الثَّامن قبل الميلاد، إلى النِّصف الثَّاني من القرن السَّادس قبل الميلاد، وهو ليس بنبوءة واحدة، وإنَّما عدَّة نبوءات، منها: تناول نهاية منفى الشعب اليهوديِّ، ونهاية الزَّمان، وهو حسب غالبيَّة الدِّراسات الكتابيَّة عمل جماعيٌّ، نصفه تقريبًا كتب النبيِّ إشعياء، والباقي تلاميذه نقلًا عنه.
ولم تتحقَّق نبوءة إشعياء، ولن تتحقَّق في حديثها عن سبي الشعبِ اليهوديِّ إلى بابل وعودته -وهذه النبوءة لم تتحقَّق؛ لأنَّ اليهود الذين سبوا في بابل، رفضوا العودة عندما طلب منهم قورش الفارسي العودة-، بالإضافة إلى إعادة بناء الهيكل في القدس -الهيكل لا أثرَ له في القدسِ-، وقد سمَّاه اليهود بـ»بيت الرَّب»، أي المكان الذي يسكنُ فيه على الأرض، ولا تجوز الصلاة إلَّا فيه، وعندما جاء المسيح -عليه السلام- صحَّح وصرَّح بأنَّ اللهَ يقبل العبادة في أيِّ مكان، وهو بذلك أنهى دور الهيكل في حياة اليهود. وممَّا يثير الدَّهشة والاستغراب أنَّ المسيحيِّين يؤيدُون عمليَّات الحفر التي تقوم بها السُّلطات الإسرائيليَّة في المسجد الأقصى؛ بحثًا عن الهيكل المزعوم؛ ممَّا يعرِّض المسجد الأقصى للانهيار، وهم يعلمُون بنبوءة المسيح -عليه السلام- بعدم إعادة بناء الهيكل؛ عقابًا إلهيًّا لليهود على كفرهم!.
ويستند اليهود إلى النصِّ العبريِّ في سفر الرُّؤيا 16، بأنَّ المعركة المسمَّاة معركة هرمجدون ستقع في الوادي الفسيح المحيط بجبل مجدون في أرض فلسطين، وأنَّ المسيح سوف ينزل من السماء، ويقود جيوشهم، ويحقِّقون النَّصر على الكفَّار.
ويتسابق الساسة الاستعماريون إلى تثبيت فكرة المعركة بتفسيرها اليهودي لدى الشعوب؛ للحصول على مكاسب سياسية، وتنفيذاً لمآرب الصهيونية العالمية، وإرضاءً لدولة إسرائيل، وبهذا الصدد تقول الكاتبة الأمريكية جريس هالسل في كتابها النبوءة والسياسة: (إن النبوءات التوراتية تحولت في أمريكا إلى مصدر يستمد منه عشرات الملايين من الناس نسق معتقداتهم، ومن بينهم أناس يرشحون أنفسهم لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وكلهم يعتقدون قرب نهاية العالم، ووقوع معركة هرمجدون، ولهذا فهم يشجِّعون التسلُّح النوويَّ ويستعجلُونَ وقوع هذه المعركة؛ باعتبار أنَّ ذلك سيُقرِّب مجيء المسيح).
وقد صرَّح الرئيس الأمريكيُّ ريغان عام 1980 في مقابلة متلفزة: (إنَّنا قد نكونُ الجيل الذي سيشهد معركة هرمجدون).. أمَّا جورج دبليو بوش فقد نقلت عنه مجلَّة دير شبيغل الألمانيَّة الآتي: (منذ ذلك الوقت، أصبح بوش واحدًا من السِّتين مليون أمريكي الذين يؤمنون بالولادة الثَّانية للمسيح)، وأتعجَّب كيف يؤمن قادةُ دول كُبْرَى بالمسيحيَّة -التي من تعاليمها المحبَّة والتَّسامح- بما يناقضها من خرافات وأساطير وضعها كُتَّاب التلمود والعهد القديم، التي تدعو لحروب إبادة للأطفال والنِّساء والمدنيِّين من العرب والفلسطينيِّين، وتدمير مدنهم؛ ليعود المسيحُ، وينسبُونَ ذلك إلى الله تعالى، وأنَّه يأمرُ بقتلهم؟، فهي تتناقضُ مع تعاليم المسيح -عليه السلام-..!
أولًا: مصطلح أبناء النُّور وأبناء الظَّلام، مصطلح دينيٌّ، ظهر في القرن الثاني قبل الميلاد في أدب الرُّؤيا، بعد انتهاء النبوة في إسرائيل، وهذا الأدبُ يُعبَّر عنه في الأناجيل، برؤيا يوحنا اللاهوتيِّ التي تتكلَّم عن آخر الزَّمان قبل مجيء المسيح المخلص، ستحدث حربٌ كبيرةٌ مدمِّرةٌ بين أبناء النُّور والظَّلام. ومعسكر أبناء النُّور الذي يعنيه نتنياهو، يشمل إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وفرنسا، وفق تفسير رؤيا يوحنا اللاهوتيِّ، أمَّا أبناء الظَّلام هم الفلسطينيُّون ومَن يدعمهم، وصدرت قوانين في أوروبا لإبادة أبناء الظَّلام.. فهي حربٌ دينيَّةٌ للقضاء على أبناء الظَّلام تنفيذًا لأمر الرَّب.
ثانيًا: كلمة العماليق: تحيل إلى قبيلة من البدو الرحَّل، سكنوا شبه جزيرة سيناء وجنوبي فلسطين، وتعني في الثَّقافة اليهوديَّة «ذروة الشرِّ الجسديِّ والروحيِّ»، والعماليق مصطلح له دلالة دينيَّة ورد في التَّوراة المحرَّفة، أنَّ الرَّبَ يأمرهم بسحق ذكر العماليق من تحت السَّماء، فجاء في سفر صموئيل الأول: «اذهب وحارب عماليق، هم وكل ما لهم. لا تشفق عليهم، اقتل جميع الرِّجال والنِّساء والأطفال والرُّضَّع، واقتل ثيرانهم وغنمهم وجمالهم وحميرهم، وحاربهم حتى يَفنوا». ثالثًا: قول نتنياهو إنَّه سيحقِّق نبوءة إشعياء التي تتنبَّأ بالخراب لمصر، والظَّلام لفلسطين، والنُّور لإسرائيل، وهذه نبوءة مَن وضعَ كتاب العهد القديم، ورد في الإسرائيليَّات أنَّ النبيَّ إشعياء نبيٌّ من أنبياء الله عند اليهود، ولُقِّب بـ»النبيِّ الإنجيليِّ»؛ لكثرة كتابته عن المسيح، ويعتبره اليهود أحد أعظم أنبياء العهد القديم.
ويعد «سفر إشعياء» نصًّا رئيسًا من العهد القديم، وجُمِعَ على مدار قرنين، بدءًا من النِّصف الثَّاني من القرن الثَّامن قبل الميلاد، إلى النِّصف الثَّاني من القرن السَّادس قبل الميلاد، وهو ليس بنبوءة واحدة، وإنَّما عدَّة نبوءات، منها: تناول نهاية منفى الشعب اليهوديِّ، ونهاية الزَّمان، وهو حسب غالبيَّة الدِّراسات الكتابيَّة عمل جماعيٌّ، نصفه تقريبًا كتب النبيِّ إشعياء، والباقي تلاميذه نقلًا عنه.
ولم تتحقَّق نبوءة إشعياء، ولن تتحقَّق في حديثها عن سبي الشعبِ اليهوديِّ إلى بابل وعودته -وهذه النبوءة لم تتحقَّق؛ لأنَّ اليهود الذين سبوا في بابل، رفضوا العودة عندما طلب منهم قورش الفارسي العودة-، بالإضافة إلى إعادة بناء الهيكل في القدس -الهيكل لا أثرَ له في القدسِ-، وقد سمَّاه اليهود بـ»بيت الرَّب»، أي المكان الذي يسكنُ فيه على الأرض، ولا تجوز الصلاة إلَّا فيه، وعندما جاء المسيح -عليه السلام- صحَّح وصرَّح بأنَّ اللهَ يقبل العبادة في أيِّ مكان، وهو بذلك أنهى دور الهيكل في حياة اليهود. وممَّا يثير الدَّهشة والاستغراب أنَّ المسيحيِّين يؤيدُون عمليَّات الحفر التي تقوم بها السُّلطات الإسرائيليَّة في المسجد الأقصى؛ بحثًا عن الهيكل المزعوم؛ ممَّا يعرِّض المسجد الأقصى للانهيار، وهم يعلمُون بنبوءة المسيح -عليه السلام- بعدم إعادة بناء الهيكل؛ عقابًا إلهيًّا لليهود على كفرهم!.
ويستند اليهود إلى النصِّ العبريِّ في سفر الرُّؤيا 16، بأنَّ المعركة المسمَّاة معركة هرمجدون ستقع في الوادي الفسيح المحيط بجبل مجدون في أرض فلسطين، وأنَّ المسيح سوف ينزل من السماء، ويقود جيوشهم، ويحقِّقون النَّصر على الكفَّار.
ويتسابق الساسة الاستعماريون إلى تثبيت فكرة المعركة بتفسيرها اليهودي لدى الشعوب؛ للحصول على مكاسب سياسية، وتنفيذاً لمآرب الصهيونية العالمية، وإرضاءً لدولة إسرائيل، وبهذا الصدد تقول الكاتبة الأمريكية جريس هالسل في كتابها النبوءة والسياسة: (إن النبوءات التوراتية تحولت في أمريكا إلى مصدر يستمد منه عشرات الملايين من الناس نسق معتقداتهم، ومن بينهم أناس يرشحون أنفسهم لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وكلهم يعتقدون قرب نهاية العالم، ووقوع معركة هرمجدون، ولهذا فهم يشجِّعون التسلُّح النوويَّ ويستعجلُونَ وقوع هذه المعركة؛ باعتبار أنَّ ذلك سيُقرِّب مجيء المسيح).
وقد صرَّح الرئيس الأمريكيُّ ريغان عام 1980 في مقابلة متلفزة: (إنَّنا قد نكونُ الجيل الذي سيشهد معركة هرمجدون).. أمَّا جورج دبليو بوش فقد نقلت عنه مجلَّة دير شبيغل الألمانيَّة الآتي: (منذ ذلك الوقت، أصبح بوش واحدًا من السِّتين مليون أمريكي الذين يؤمنون بالولادة الثَّانية للمسيح)، وأتعجَّب كيف يؤمن قادةُ دول كُبْرَى بالمسيحيَّة -التي من تعاليمها المحبَّة والتَّسامح- بما يناقضها من خرافات وأساطير وضعها كُتَّاب التلمود والعهد القديم، التي تدعو لحروب إبادة للأطفال والنِّساء والمدنيِّين من العرب والفلسطينيِّين، وتدمير مدنهم؛ ليعود المسيحُ، وينسبُونَ ذلك إلى الله تعالى، وأنَّه يأمرُ بقتلهم؟، فهي تتناقضُ مع تعاليم المسيح -عليه السلام-..!