متطلبات التواصل مع الجمهور

تركز السعودية على السياحة، وعلى أنشطة الحج والعمرة، كبُعد أساسي مهم؛ يُسهم في تنشيط ونمو الاقتصاد، وكجزء من برامج رؤية ٢٠٣٠. وقد أسعدني الحظ في زيارة المدينة المنورة -مدينة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم-، ولعل ما يأسر الفرد عند زيارة المسجد النبوي، وقبر الحبيب الأعظم وصاحبيه، هو الروحانية الموجودة في المكان، وبالتالي أي تصرف سلبي تكون له انعكاسات سلبية على الزائر، خاصة القادم من الخارج، ويُكوِّن فكرة سلبية عن المكان وأهله.. وتبذل الدولة ومسؤولوها الغالي والنفيس لجعل الرحلة أكثر روحانية واستمتاع، لاسيما وأن الزائر من خارج بلادنا بذل النفيس ليحظى بهذه الزيارة، ورؤية المنطقة التي شع منها نور الإسلام، وانطلق إلى شتى بقاع العالم، حيث إن الشرع الإسلامي يقوم على حُسن الخلق في التعامل، وخاصة من المسؤولين عن هذه المواقع الدينية، والتي لها حُرْمَة، كما أن شرعنا يحثّنا على الكلمة الطيبة، وتُعَدُّ من الصدقات، وأن تبسُّمنا في وجه أخينا صدقة نُؤجَر عليها.

أتمنى أن يتم إعطاء دورات تدريبية في فنون التواصل والتعامل مع المعتمرين والحجاج، من زاوية حُسن الخُلق، والتعامل الجيد اللطيف مع هذا الحاج المتلهِّف، الذي دفع ما يملك ليكسب الأجر، ويتمتع بوجوده في هذه الأماكن المقدسة، ولا يخسر روحانيته. يجب أن يعي كل مسؤول في الحرمين -صغيراً كان أو كبيراً- أن هذا الشخص (الحاج أو المعتمر أو الزائر)، دفع الغالي والرخيص ليحضر، فلماذا لا نجعل تجربته ممتعة؟. ندرك أن على هؤلاء المسؤولين ضغوطاً كبيرة في حفظ النظام، وفي انضباط المكان، ولكن أعود فأقول إنه يمكن أن نوصل الرسالة، ونُحقق الانضباط وكل ما هو مطلوب؛ بصورةٍ لطيفة رقيقة حسنة.

أعتقد أن أهمية التدريب والتطوير ومهارات التواصل بعد أساسي للأفراد في المواجهة مع الجمهور.. لا نرغب في سرد السلبيات، حيث هناك أيضاً كثير من الإيجابيات، ولكننا نطمح أن يتم تحسين الأداء والصورة، مع ضمان تحقيق الهدف من وجود هؤلاء المسؤولين.

ديننا ولله الحمد مبني على حُسن الخلق، والتعامل الجيد كأساس، فالله جل وعلا يُخاطب نبيّه ويقول: (لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، فمن نكون نحن لنتجاوز هذه الآية الكريمة.. الصورة الذهنية التي سيُكوِّنها المعتمر أو الحاج يجب أن تكون إيجابية، خاصةً وأننا في بلد مهد الإسلام، وفي أقدس بقعة أوجدها الله تبارك وتعالى على وجه الأرض، ولا أعتقد أننا نفتقر إلى مهارات حسن التعامل.. والله من وراء القصد.