كتاب
عن الطفولة!!
تاريخ النشر: 30 يناير 2024 23:35 KSA
كنتُ أدري أنَّ الحياةَ ليست وردةً، كما كنتُ أعلمُ أنَّ الطفولةَ، تلكَ التي كانت تأخذنِي إلى عالمِ البراءةِ والفرحِ والجنونِ، هي بدايةُ السَّطر الذي كان يحملنِي على ظهرِهِ وطهرِهِ بهدوءٍ؛ من القريةِ التي كانت هي ظلِّي الذي يمنحنِي بعضًا من سحرِهِ وحبِّهِ ووقارِهِ، إلى آخر السَّطرِ الذي ظلَّ يسألنِي في صمتٍ عن الصَّمتِ، عن المذياعِ، عن الشِّراعِ، عن السَّفرِ والحقيبةِ والبحرِ، الذي لمْ يكنْ بالنِّسبة لي -ورفاقِي- سوى عائقٍ يطوِّقني بذراعيهِ، التي (لا) تعرفُ الرَّحمة.. البحرُ، هذا الكائنُ الذي يقدِّمُ نفسَه للعيونِ التي تعشقُ أنْ تراه من بعيدٍ، على أنَّه الجميلُ الفاتنُ، لكنَّ المؤلمَ -حقًّا- هو أنْ تعيشَ أنتَ بينه، بين هدوئِهِ وجنونِهِ، بين أنْ يكون هو الطريق الذي يحملكَ من فرسان، من مكانِكَ إلى عالمٍ آخرَ بعيدٍ عنها، بين أنْ تُضطر للبقاءِ حين يأتي الرِّيحُ، ويرفضُ إلَّا أنْ يكون ضدَّ أحلامِكَ؛ لتعودَ أنتَ منكسرًا إلى بيتِكَ وفي يدِكَ الحقيبةُ..!
أنا الطِّفلُ الذي كان يحملُ نفسه، وكلَّ شيءٍ ضده، كما كان يحملُ بعضَه معه، ويترك الباقي خلفَهُ؛ ليسكنَ في صمتِهِ حينًا، ويسأل نفسَهُ عن الطُّفولةِ، تلك التي كانت هي كلُّ شيءٍ يخصُّنِي، يوم كنتُ أبنِي تلكَ البيوت الصَّغيرة على رمالِ الشَّاطئ، ليأتي الماءُ بعدي ويهدمُ كلَّ ما بنيته؛ لأعودَ في اليوم التَّالي وأبنِي بإصرارٍ بيتًا جديدًا، وأشياء أُخْرى، كنتُ أظنُّها سوفَ تبقَى، لكنَّها كانت أضعفَ من أنْ تحملَ ثقلَ الموجةِ الجائعةِ الغاضبةِ، والتي كانت تبتلعُ كلَّ بيوتِ الرَّملِ التي بُنيت، لتردَّهَا إلى البحرِ، الذي جاء بها إلى الشَّاطئِ، كنتُ أدري أنَّ الصَّباحات هي تلك التي كانت تنثرُ الأغاني لفيروز، وأهلها نائمُون، هي ليست لهم، بل هي لي أنا، الطَّفل الشَّقي السَّعيد؛ وكلُّ أقراني الذين استيقظُوا مبكِّرًا، ليكتبُوا الصَّباح فوقَ جبهةِ الأرض، ويغنُّوا ويحتفلُوا باليومِ الجديدِ.
(خاتمة الهمزة).. من قصيدةٍ لي: سألونِي الرِّفاق عن حالِ أرضِي.. فرساني، وفي السَّؤال اضطرابٌ.. ويقولُون صِف لنَا كيفَ تحيَا؟.. كيفَ في البحرِ؟! قلتُ: مهلًا صِحَابي، قلتُ: أرضِي كزهرةٍ في إناءٍ تنثرُ العطرَ في خدودِ الهِضابِ.. مِلحُهَا الكحلُ في عيون الصَّبايا.. عشقُها آيةٌ وهذا جوابِي.. وهي خاتمتي ودمتم.
أنا الطِّفلُ الذي كان يحملُ نفسه، وكلَّ شيءٍ ضده، كما كان يحملُ بعضَه معه، ويترك الباقي خلفَهُ؛ ليسكنَ في صمتِهِ حينًا، ويسأل نفسَهُ عن الطُّفولةِ، تلك التي كانت هي كلُّ شيءٍ يخصُّنِي، يوم كنتُ أبنِي تلكَ البيوت الصَّغيرة على رمالِ الشَّاطئ، ليأتي الماءُ بعدي ويهدمُ كلَّ ما بنيته؛ لأعودَ في اليوم التَّالي وأبنِي بإصرارٍ بيتًا جديدًا، وأشياء أُخْرى، كنتُ أظنُّها سوفَ تبقَى، لكنَّها كانت أضعفَ من أنْ تحملَ ثقلَ الموجةِ الجائعةِ الغاضبةِ، والتي كانت تبتلعُ كلَّ بيوتِ الرَّملِ التي بُنيت، لتردَّهَا إلى البحرِ، الذي جاء بها إلى الشَّاطئِ، كنتُ أدري أنَّ الصَّباحات هي تلك التي كانت تنثرُ الأغاني لفيروز، وأهلها نائمُون، هي ليست لهم، بل هي لي أنا، الطَّفل الشَّقي السَّعيد؛ وكلُّ أقراني الذين استيقظُوا مبكِّرًا، ليكتبُوا الصَّباح فوقَ جبهةِ الأرض، ويغنُّوا ويحتفلُوا باليومِ الجديدِ.
(خاتمة الهمزة).. من قصيدةٍ لي: سألونِي الرِّفاق عن حالِ أرضِي.. فرساني، وفي السَّؤال اضطرابٌ.. ويقولُون صِف لنَا كيفَ تحيَا؟.. كيفَ في البحرِ؟! قلتُ: مهلًا صِحَابي، قلتُ: أرضِي كزهرةٍ في إناءٍ تنثرُ العطرَ في خدودِ الهِضابِ.. مِلحُهَا الكحلُ في عيون الصَّبايا.. عشقُها آيةٌ وهذا جوابِي.. وهي خاتمتي ودمتم.