كتاب

المتقاعدون.. كنزنا المفقود

* كان يا ما كان، في سالفِ العصرِ والأوانِ، كان هناكَ أحدُ السَّلاطين يعانِي من مرضِ الخوفِ من المرضِ والهَرَم؛ وتشاؤمًا قرَّر أنْ يقتلَ في دولتِهِ كلَّ رجلٍ يبلغُ من العمرِ السِّتين، مضت الأيامُ والسنون والمجتمعُ يعانِي، ولكنَّه مغلوبٌ ومسكينٌ!!.

*****


* وذاتَ حينٍ، عزمَ أحدُ الشَّبابِ على أنْ يحميَ والدَهُ ففرَّ بِهِ إلى الجبالِ، وأسكنَهُ إحدَى المغاراتِ، علمَ السَّلطانُ، وحكمَ عليهِ بأقسَى العقوباتِ، أحضرَهُ، وأرادَ أنْ يقتلَهُ، ولكنْ بعدَ دموعٍ من الشَّابِّ، وسيلٍ من التوسُّلاتِ، أعطَى السُّلطانُ ذلكَ الشَّابَّ الفرصةَ لكَي ينقذَ نفسَهُ، ويحمِي والدَهُ من الموتِ!.

*****


* وكانَ الشَّرطُ أنْ يتجاوزَ خلالَ أيامٍ الاختبارَ، وذلكَ بأنْ يحضرَ الكنزَ الذي يراهُ بعينيهِ في قاعِ أحدِ الأنهارِ، حاولَ الشَّابُّ القويُّ صباح مساء، ولكنَّ كلَّ محاولاتِهِ باءتْ بالفشلِ، وكانَ نهايتهَا الحزنَ والقهرَ، فالكنزُ يراهُ في النَّهرِ بعينيهِ، ثمَّ يغوصُ ولكنْ لا يصلُ إليهِ!!.

*****

* وذاتَ ليلةٍ، ذهبَ لوالدِهِ في مغارتِهِ، وحدَّثهُ بأمرِهِ طالبًا مشورَتهُ، فسألَهُ الشَّايبُ الخبيرُ: هل بقربِ المكانِ يا بُنيَّ أشجارٌ؟ قالَ الشَّابُّ: نعمْ. فقالَ الوالدُ: إذنْ فالكنزُ معلَّقٌ فيهَا، اذهبْ ولا تَحْتَرْ؛ رجعَ الشَّابُّ للمكانِ دونَ إبطاءٍ، وفعلًا وجدَ الكنزَ في تلكَ الشَّجرةِ الخضراءِ، وتنعكسُ صورتُهُ في الماءِ!!.

*****

* انطلقَ (الابنُ البارُّ) للسُّلطانِ فرحًا حاملًا الكنزَ، وفي مجلسِهِ تعالت الأصواتُ، ودارَ الغمزُ واللَّمزُ، يا هذَا مَن أخبرَكَ بالسِّرِّ؟ فقالَ: إنَّه والدِي، وبِهِ أفتخرُ، وهنَا أدركَ السُّلطانُ أنَّ كِبارَ السِّنِّ يحملُونَ الحكمةَ والخبرةَ والتَّجاربَ، وبعدهَا ألغَى قانونَهُ الجائرَ، فمِن يومهَا لمْ يقتلْ أيَّ شَايبٍ، بلْ وأصبحَ يكرمهُمْ، وإليهِ يقربهُمْ.

*****

* تلكَ الحكايةُ الأسطوريَّةُ أنقلُها للمؤسَّساتِ المعنيَّةِ بـ(المتقاعدِينَ)، أرجوكُم لا تقتلُوا طائفةً واسعةً منهُم وهم أحياءٌ، فهم يستحقُّونَ كلَّ عطاءٍ، فماليًّا الواقعُ يؤكِّدُ معاناتِهم وأُسرهم مع ارتفاعِ الأسعارِ، وهذَا يُنادي بأنْ لا يقلَّ معاشهم التَّقاعدي عن (5000 ريالٍ)، بل ويكون لهم (مجانيَّةٌ أو خصوماتٌ كبيرةٌ) في رسومِ الخدماتِ والمواصلاتِ والمشافِي وغيرهَا، لدى القطاعَين العامِّ والخاصِّ.

*****

* أيضاً (معظم أولئك المتقاعدين) يملكون تجارب فريدة في شتى المجالات، والوطن وشبابه يحتاج إليهم «عملياً، وحياتياً»، فبالتأكيد خبراتهم الكبيرة إضافة نوعية ستساهم في تعزيز النهضة التي تعيشها بلادنا، فهلا سارعنا في الإفادة من تلك الكنوز المفقودة، وقبل ذلك تكريمهم بما يستحقون، هذا ما ننتظره قريباً، وسلامتكم.

أخبار ذات صلة

جدة.. الطريق المُنتظر.. مكة!!
إسراف العمالة (المنزليَّة)!
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
الإنسان النصف!!
;
من طوكيو إلى واشنطن بدون طيار!!
التعليم أهم رسالة.. والمعلم أهم مهنة
كوني قوية فلستِ وحدكِ
شهامة سعودية.. ووفاء يمني
;
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!
رؤية وطن يهزم المستحيل
ريادة الأعمال.. «مسك الواعدة»
هل يفي ترامب بوعوده؟
;
رياضة المدينة.. إلى أين؟!
جيل 2000.. والتمور
التراث الجيولوجي.. ثروة تنتظر الحفظ والتوثيق
قصَّة أوَّل قصيدة حُبٍّ..!