كتاب

يا هـــــــــــوه

هذا المقال عن الفضاء، ولكن سأبدأ بالحديث عن عنوان المقال المعبر عن العتاب.. ولو تعمقنا في خلفيات المعنى، سنجد أنها تعكس أيضاً بعض المعاني غير المتوقعة.. ومن أشهر الكلمات القريبة هي محرك البحث الإلكتروني العملاق، وهناك أيضاً الجذور الآرامية لمعاني دينية بعيدة عن مقاصد هذا المقال.. موضوعنا عن عتاب التسيب في عالم الفضاء.. بما أننا على أعتاب الشهر الفضيل، ففضلاً تخيَّل المناطق المحيطة بمحلات الفول والتميس قبل آذان المغرب مباشرة خلال رمضان الكريم.. تخيَّل تدهور أداء حركة السيارات، وصعوبة المواقف، والزحام.. هذا التشبيه يصف الوضع الذي يمكن أن يصل إليه المدار المنخفض «ليّو»، Low Earth Orbit في الفضاء الخارجي، الذي يحتل الفراغ من مائة وستين كيلومترا إلى ألف وستمائة كيلومتر.. وفي هذا الفراغ تتكدس المركبات والقطع الفضائية بأشكالها، وألوانها، وأحجامها، وجنسياتها المختلفة، والتي تعمل في مجموعة أنشطة، وأهمها الاتصالات، والملاحة، والفلك، والمراقبة. تكمل تلك القطع دورة حول الأرض مرة كل تسعين دقيقة تقريباً، وهو المدار الأكثر رواجاً منذ أكتوبر 1957 عندما أطلق الاتحاد السوفيتي القمر الصناعي «سبوتنك 1»، أي الرفيق الصغير.. وتبع الرفيق آلاف المركبات للعديد من المهام.. معظمها أقمار صناعية بأحجام تتراوح من حجم جوال النوكيا «أبوكشَّاف» التاريخي، إلى حجم ملعب كرة قدم.. وستجد أيضاً كمية هائلة من «المبعثرات»، والمقصود هنا هو النفايات الخاصة في الأماكن العامة.. تلك التي تجدها في الحدائق العامة، أو ممرات المشاة؛ التي لا توجد فيها ضوابط مطبقة لحماية بيئة وحضارة المكان.. أحد أهم الفوارق هنا هي أن قمائم الفضاء تسير على ارتفاعات تفوق المليون قدم فوق سطح البحر، وبسرعات مذهلة تفوق الثمانية وعشرين ألف كيلومتر في الساعة، وأنها تفتقد لأي إدارة للحركة.. فضلاً أنظر مثال محلات الفول أعلاه.. وتقدر عدد القطع الصناعية السابحة في الفضاء الخارجي حول الأرض بحوالى ستة وعشرين ألف قطعة، شاملة حوالى ستة آلاف قمر صناعي.. وأما «الكراكيب» الأكبر حجماً من جوال النوكيا المذكور أعلاه، فيقدر عددها بحوالى 36 ألف قطعة، وأما ما هو أصغر من ذلك؛ فيقدر بما يفوق المليون قطعة.. ومعظمها في المدار الأقرب إلى كوكبنا.. ومن الضرورة أن نؤكد أن جميع هذه القطع صعدت إلى تلك المسارات؛ خلال السبعة والستين سنة الماضية.. أي أنها كانت نتيجة أنشطة «غزو» الفضاء.. ولنقف لحظة عند هذه النقطة.. كلمة «غزو»، تعكس فلسفة غريبة مفادها الاستيلاء والتحكم.. وكأن الفضاء مجموعة موارد سائغة لمن يملك «الذراع» الأقوى.. وكأننا في عصور توسع الإمبراطوريات الاستعمارية.. وللعلم فهناك معاهدة دولية وقعت عليها معظم دول العالم عام 1967 للتعاون السلمي، واستخدام الفضاء بطرق لا علاقة لها بغزو الفضاء.. وجاءت بعدها مجموعة اتفاقيات، وكلها كانت بنفس الروح لاستكشاف الفضاء واستخدامه سلمياً، ولم تشر إلى الغزو.

بادرت وكالة الفضاء السعودية مشكورة بتنظيم مؤتمر دولي لحطام الفضاء خلال الأسبوع الماضي، بهدف مواجهة تحديات النفايات الفضائية.. والمزيد عن المؤتمر لاحقاً إن شاء الله.. وربما سيتبنَّى العالم فلسفة «يا هوه» نحو التسيب الحاصل في «كركبة» الفضاء.


* أمنيـــــة:

بعدما كان الفضاء بيئة محصورة على أنشطة الولايات المتحدة، وروسيا، وأوروبا، والصين، نجد اليوم أن هناك أكثر من مائة دولة لها أنشطة فضائية بشكلٍ أو بآخر.. وقد تغيَّر دور الحكومات في الفضاء بعدما هيمن نشاط القطاع الخاص على اقتصاديات الفضاء بشكل يفوق الخيال في مجال عدد الشركات، وتنوع أنشطتها، وإبداعاتها. أتمنى أن نرى اليوم وغداً المزيد من المسؤولية؛ نحو بيئة الفضاء من القطاعين العام والخاص بتوفيق الله، وهو من وراء القصد.

أخبار ذات صلة

«بنك للوقت».. فأين المتبرعون؟
الشتاء بين ٣ مدن..!!
الخط العربي ومكانته التاريخية
مطار صديق للبيئة
;
الرياض COP16 والمستقبل البيئي
تنمية ثقافتنا المجتمعية
هذا ما يحدث.. حين تحتضن الدرعية ملتقاها!
هـروب الأسـد!!
;
الكلمة.. صالون ثقافي
«محمد آبادي».. من أعلام الثقافة الإسلامية
نظرة أشمل لمركز التواصل الحكومي
‏حقوق الطفل.. بين الإنسانية واللا إنسانية
;
الإنسان والجائزة!!
كبار السن
شيء عن التحول المتسارع
الأحمـــق