كتاب

رمضان.. غذاء ودواء

لا أتفاعلُ كثيرًا مع أيِّ رسالةٍ تصلنِي تدعُو إلى عدمِ تناولِ أيِّ غذاءٍ أو طعامٍ بحجَّة أنَّه يضرُّ الجسمَ، ويسبِّب المرضَ إذا كانَ ذلكَ الطعامُ ممَّا أباحه اللهُ -سبحانه وتعالى- ولمْ يحرِّمه؛ لأنَّ الله -سبحانه وتعالى- يقول: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) سورة الأعراف.

إنَّ أيَّ غذاء طبيعي من خضراوات وفواكه ولحوم وشحوم، وما في البر والبحر، وما نتج عن ذلك من أغذية، ما لم يرد فيها نصٌّ يحرمها، فإن تحريمها وتكريه الناس -غير المرضي- بها هو من باب الاعتداء على أحكام الله، أقول هذا الكلام لأن هناك من يظهر لنا بين الفينة والأخرى قائلا: لا تأكلوا هذا، ولا تشربوا هذا، أليس هناك جهة رسمية تتولى ذلك وهي هيئة الغذاء والدواء؟صحيحٌ علينَا أنْ نفرِّقَ من الناحيةِ الشرعيَّةِ والطبيَّةِ والبيولوجيَّةِ بين الاستمتاعِ بالطَّعامِ والغذاءِ والطيِّبِ من الرزقِ، وبينَ الإسرافِ في تناولهِ؛ لأنَّ توجيهَ القرآنِ الكريمِ، وتوصيةَ الطبِّ والصحَّةِ النَّهي عن الإسرافِ في الأكلِ والشُّربِ كمَا قالَ تعالَى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، ومن هنَا فإنَّ صيامَ شهرِ رمضانَ لمْ يكنْ للمنعِ عن الغذاءِ أبدًا، والتنعُّم بالطَّعامِ، وأكل ما لذَّ وطابَ، إنَّما هو دورةٌ تصحيحيَّةٌ لضبطِ تناولِ الأكلِ والحدِّ من الإسرافِ في تناولهِ فقطْ، وليسَ منعًا عن تناولِ ما لذَّ وطابَ من الطَّعامِ وإمدادِ الجسمِ بهِ كغذاءٍ واختيارِ الغذاءِ الصحيِّ له، فالصيامُ فِي رمضانَ في حقيقتِهِ ليسَ إلَّا دورةً إرشاديَّةً وانضباطيَّةً لحركةِ الطَّعامِ في جسمِ الإنسانِ لمدَّة شهرٍ عبر امتناعهِ عن الطَّعامِ نهارًا بعدَ تزويدِهِ بما يحتاجهُ في السحورِ ليلًا والبدءِ في تفعيلِ احتياجهِ بالفطورِ عندَ الغروبِ والتأكيدِ فيهمَا على الالتزامِ بالوقتِ فطورًا وسحورًا، فلا يجوزُ تأخير الفطورِ كمَا قالَ -عليه الصَّلاة والسَّلام- في صحيحِ البخاريِّ ومسلم: «لَا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عجَّلُوا الفطرَ»، بعكسِ السحورِ الذي يجبُ أنْ يكونَ متأخِّرًا؛ ليكونَ طعامهُ زادًا غذائيًّا يمدُّ الجسمَ بالطَّاقةِ والحيويَّةِ، ومن هنا جاءَ حثُّ النبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- بتأخيرِ السحورِ، فالغذاءُ والأكلُ مهمٌّ للصَّائمِ لتغذيةِ خلاياه عبرَ ضبطِ الوقتِ فطورًا وسحورًا، وعدم الإسرافِ في الأكلِ؛ لأنَّ اللهَ -سبحانه وتعالى- فرضَ الصَّومَ صحَّةً للجسمِ عبرَ الغذاءِ لا حرمانه منه، أمَّا كونُ الصيامِ في رمضانَ دواءً فقدْ ثبتَ ذلكَ عبرَ العديدِ من البحوثِ التي تثبتُ أنَّه وقايةٌ للجسمِ من الأمراضِ من خلالِ تقويتهِ للجهازِ المناعيِّ وتجديدهِ للخلايَا وتقليل نسبةِ الدهونِ وزيادة الطَّاقةِ، كمَا أنَّه علاجٌ للعديدِ من الأمراضِ بطردهِ للسمومِ كمَا أنَّه يبطِّيءُ زحفَ الشيخوخةِ والتخلُّص من الوزنِ الزائدِ، وهو علاجٌ للتخلُّص من الضغوطِ النفسيَّةِ والتوترِ كما أنَّه يحدُّ من الشهوةِ الجنسيَّةِ، وأثبتت البحوثُ الطبيَّة والبيولوجيَّة أنَّه سببٌ في علاجِ بعضِ الأمراضِ، خاصَّةً أمراض الجهازِ الهضميِّ، حيثُ يتم ذلكَ عبرَ بيولوجيا الجسمِ من خلالِ الصيامِ، كيف يكونُ ذلكَ؟ الإجابةُ عليهِ في المقالِ المقبل -بإذن اللهِ-.

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!