كتاب

حرية التعبير بين الإطلاق والتقييد!!

لقد اتفقت الشرائع والأديان والمواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية، ودساتير الدول، على حق الإنسان في حرية الرأي والتعبير، كما اتفق معظمها على مراعاة احترام حقوق الآخرين، وعدم مضايقتهم، وإن كانت الدول الغربية أطلقتها دون ضوابط وقيود تجاه القرآن الكريم والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، في حين نجدها قيّدتها تجاه اليهود والصهاينة الإسرائيليين، بما أسمته بقانون معاداة السامية القاصر على اليهود - الذين لم يبق منهم سوى 5% فقط من يهود بني إسرائيل وفق الدراسات الأنثروبولوجية- دون الساميين العرب!.

هذا ويُعد معاداة السامية القاصر على اليهود جريمة يُعاقب عليها القانون في الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ودول غربية أخرى.


وقد رأينا وسمعنا كيف تم استجواب رئيسة جامعة أثناء جلسة استماع عاصفة، شغلت الرأي العام الأمريكي لثلاثة من أهم قادة الجامعات الأمريكية حول معاداة السامية، والاحتجاجات في الحرم الجامعي حول الحرب الإسرائيلية على غزة، وهن: رئيسة جامعة هارفارد كلودين جاي، رئيسة جامعة بنسلفانيا، ليز ماجيل، ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سالي كورنبلوث، وقد أُجبر ثلاثتهن على الاستقالة.

ويأتي في طليعة المواثيق الدولية، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي صدر عام 1948م، والذي اعتُبِرَ أهم إعلانات الأمم المتحدة، وأبعدها أثرًا؛ إذ شكَّل هذا الإعلان مصدرًا أساسيًا يلهم الجهود الوطنية والدولية في مجال تعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، كما جاء إعلان طهران (2) الذي اعتمده المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان المعقود في طهران عام 1948م، والذي أكد التزام المجتمع الدولي بالمبادئ التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومضاعفة الجهود لتحقيق حياة تتفق مع الحرية والكرامة. كما نجد برنامج عمل فيينا (3) الصادر عن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان، الذي انعقد في فيينا عام 1993م، والذي أكّد على القيم الأساسية الواردة في صلب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. (د. محمود شريف البسيوني/ الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، المجلد الأول، ص 25، الطبعة الثانية، سنة 1426هـ - 2005م، دار الشروق، القاهرة – مصر).


ولقد تطرقت المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى حرية التعبير، وهذا نصها:

«لكل شخص حق في التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار ونقلها إلى الآخرين، وسيلة دونما اعتبار للحدود».

وهنا نجد عدم إطلاق حرية التعبير، وإنما ضبطها بضابط هو عدم المضايقة.

هذا وقد جاء تفسير لهذه المادة في المادة (19) من المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، المؤرخ في 16 كانون الثاني/ ديسمبر 1966م، وتاريخ بدء نفاذه في 23 آذار/ مارس 1976م، طبقًا للمادة 49، والتي نصَّت على الآتي:

1- لكل إنسان حق في اعتناق الآراء دون مضايقة. (المرجع السابق - المجلد الأول، ص 86).

2- لكل شخص حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواءً على شكل مكتوب أو مطبوع، أو في قالب فني بأية وسيلة يختارها.

3- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة (2) من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون، وأن تكون ضرورية:

(أ) لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم.

(ب) لحماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة.

وهنا تأكيد على ضبط حرية التعبير بضوابط من أهمها: احترام حقوق الآخرين وسمعتهم، وحماية الأمن القومي والنظام العام، والصحة العامة، والآداب العامة. أي أنه لا يحق لأحد أن يكتب كلامًا يسيء إلى الأديان السماوية والرسل والأنبياء، لأنَّ النيل منهم فيه اختراق لاحترام حقوق الآخرين معتنقي تلك الديانات، ويسبب لهم مضايقات، وكذلك لا يحق لأحد أن يكتب كلامًا فاحشًا، أو يسيء إلى سمعة الآخرين، أو يهدد أمن البلدان، ونظامها العام، بدعوى حرية الرأي والتعبير.

أخبار ذات صلة

حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
;
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
;
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات
أرقام الميزانية.. تثبت قوة الاقتصاد السعودي
ورود
;
حان دور (مؤتمر يالطا) جديد
الحضارة والتنمية
خط الجنوب وإجراء (مأمول)!
الشورى: مطالبة وباقي الاستجابة!!