كتاب

مشاعل آل مبارك.. عطاء بحجم الوطن

كنتُ أُتابعُ أعمالَهَا وهمَّتهَا في خدمةِ الوطنِ من خلالِ إدارتِهَا المتمكِّنةِ للعملِ التطوعيِّ في المملكةِ، فهي مديرُ عام ادارةِ التطوُّع في وزارةِ المواردِ البشريَّةِ والتنميةِ الاجتماعيَّةِ، وكان لهَا جهودٌ مميَّزةٌ في العملِ التطوعيِّ الذي أصبحَ -بعدَ اللهِ، وبجهودِ المخلصِين أمثالِهَا- أيقونةً جديدةً وركيزةً اجتماعيَّةً، وقد أعجبتنِي في إحدى مقابلاتِها -رحمها الله- عندمَا قالتْ: إنَّ تبنِّي الرُّؤيةِ للعملِ التطوعيِّ حماهُ من سوءِ استخدامهِ واستغلالهِ، وفي الوقتِ نفسهِ، حفظَ للمتطوِّعينَ والمتطوِّعاتِ حقوقَهم وجهودَهم وعطاءاتِهم.

لقدْ كانتْ «مشاعل» مشعلًا متَّقدًا اجتماعيًّا، تطلبُ وجهَ اللهِ فيمَا تعملُ، ومَن تتبَّعْ نشاطَهَا وحواراتِهَا على مستوَى الوطنِ، يدركْ تمامًا أنَّ «مشاعل» امرأةٌ بحجمِ الوطنِ، ولا يمكنُ لامرأةٍ كهذهِ أنْ تؤدِّي دورًا مهمًّا كهذَا إلَّا وأنْ يكتبَ واحدٌ مثلِي عنهَا مقالًا، فقدْ قالتْ -في تغريدتِها المثبَّتةِ-: «اللهمَّ ارحمنِي إذَا انقطعتْ بِي الأسبابُ، واغفرْ لِي جميعَ ذنوبِي مَا علمتُهَا ومَا لمْ أعلمهَا، وسخِّر لِي اللهمَّ مَن يدعُو لِي بعدَ مماتِي، واجعلنِي طيِّبةَ الذِّكرِ يا ربَّ العالمِينَ».


ولحجمِ العملِ الخيريِّ والنشاطِ التطوعيِّ الذي قدَّمتهُ -رفعَ اللهَ ذكرَهَا، وجعلَ لهَا لسانَ ذكرٍ فِي الآخرِينَ- فقدْ كانتْ لها مساهمةٌ بنَّاءةٌ في إنشاءِ المنصَّةِ الوطنيَّةِ للتطوُّعِ، حتَّى أيَّام مرضِهَا كانتْ تعملُ بشغفٍ وهمَّةٍ عاليةٍ وعطاءٍ مستمرٍ، ولا شكَّ أنَّ الشغفَ يجعلُ الإنسانَ يعملُ بحبٍّ، ويدفعهُ إلى الإنتاجيَّةِ بشيءٍ من الجودةِ والاستمراريَّةِ والتَّفانِي من أجلِ الهدفِ وتحقيقِ الرُّؤيةِ وكذلكَ كانتْ الأستاذة «مشاعل»، وعادةً ما يرتبطُ الشغفُ بالحوافزِ، وأكبرُ حافزٍ هو أنْ تعملَ من أجلِ اللهِ، ولرضا اللهِ، ولا بأسَ من حوافزَ أُخْرى، لكنَّ الرِّضا الداخليَّ الذي مسكنهُ القلبُ هو ما كانَ خالصًا للهِ؛ لذلك قالَ اللهُ تعالَى في شأنِ التطوُّعِ (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)، فربطَ الشكرَ ونيلَ الأجرِ بهِ سبحانَهُ وتعالَى.

إنَّ التطوع عمل اختياري دون أنْ يفرضه أحدٌ على أحدٍ، وهو عمل إنساني متعدد الأغراض، ويشمل كلَّ شؤون الحياة، وممارسته باب مفتوح لكلِّ الوزارات والهيئات، وتوجيه الدولة في هذا واضح، وتبنيها لمشروع التطوع واحتساب جهده في الترقيات والنشاطات المميزة ساعد كثيراً على تقدمه وحصد الملايين من المتطوعين والمتطوعات لتحقيق أغراض اجتماعية وإنسانية، وشملَ فيما شملَ صغارَ السنِّ من الطلابِ والطالباتِ، وأصبحَ تربيةً يُنشَّأ عليهَا الجيلُ، وإذا اُعتُبر أنَّ هناكَ نجاحًا كبيرًا لموضوعِ التطوُّعِ إنَّمَا كانَ بفضلِ اللهِ، ثمَّ بجهودِ وزارةِ المواردِ البشريَّةِ والتنميةِ الاجتماعيَّةِ، والمتمثِّل في أنظمتِهَا وجهودِ العاملِينَ فيهَا، ومن تلكَ الجهودِ التأسيسيَّةِ جهودُ مديرِ عامِ إدارةِ التطوُّع فيهَا الأستاذة مشاعل، التي كانتْ فعلًا في أدائها بحجمِ الوطنِ، فغفرَ اللهُ لهَا، وجعلَ صبرَهَا على ابتلاءِ المرضِ كفارةً لهَا، وجعلهَا في مقعدِ صدقٍ عندَ مليكٍ مقتدرٍ، والعزاءُ لأهلِهَا وذويهَا، «إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إليهِ رَاجِعُونَ».

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!