كتاب
الغرب.. أصبح ضد التصرفات الإسرائيلية (إعلاميًّا)
تاريخ النشر: 01 أبريل 2024 23:30 KSA
دولُ الخليجِ واحةُ رخاءٍ واستقرارٍ، وسطَ عالمٍ مضطربٍ، وداخلَ منطقةِ (الشَّرقِ الأوسطِ) الأكثرِ اضطرابًا من أيِّ منطقةٍ أُخْرى في العالمِ. البعضُ لا يرتاحُ إلى رؤيةِ «الرخاءِ والاستقرارِ» في بلدٍ شرقِ أوسطيَّةٍ أُخْرى غيرِ وطنِهِ، ويُعتبرُ استمتاعُ مواطنِ هذَا الجزءِ من العالمِ بهذَا الاستقرارِ والرخاءِ غيرَ مقبولٍ، وتسعَى وسائلُ إعلامٍ عربيَّة وأجنبيَّة إلى تأجيجِ هذهِ المشاعرِ المناوئةِ لدولِ الاستقرارِ والرخاءِ، حاملةً شعاراتٍ وأيديولوجيَّاتٍ تلهبُ المشاعرَ، وتُعمي البصائرَ.
العدوانُ الإسرائيليُّ تجاهَ الفلسطينيِّين، والبشاعةُ التي تُنقلُ عن هذَا العدوانِ على شاشاتِ التلفزيونِ، تزيدُ مشاعرَ الغضبِ والرغبةِ في الدفاعِ عن الفلسطينيِّ المظلومِ والمحرومِ من الوطنِ، وهناكَ أهوالٌ وقمعٌ يتعرَّض لهَا الفلسطينيُّ، تجعلُ من غيرِ الممكنِ تبريرَ الهمجيَّةِ التي تتعاملُ بها النُّخبُ الإسرائيليَّةُ تحتَ قيادةِ نتنياهو، رئيسِ الوزراءِ الإسرائيليِّ، تجاهَ الفلسطينيِّ الذي يطالبُ بحريَّتهِ على أرضهِ.
وبالإضافةِ إلى هذهِ المأساةِ، فإنَّ هناكَ مناطقَ شديدةَ الالتهابِ في عالمِنَا العربيِّ، أكانَ في الصومالِ، أو السودانِ، أو ليبيَا، أو سوريَا، أو غيرِهم. تزيدُ من الأوجاعِ، وتشجِّعُ بعضَ الأيديولوجيِّين على الهجومِ الإعلاميِّ ضد الأجزاءِ الناجحةِ والمستقرَّةِ من الأوطانِ العربيَّةِ، والتِي إلى حدٍّ كبيرٍ داخل حدودِ دولِ الخليجِ العربيِّ، تُضافُ إليها مصرُ؛ ممَّا يعكسُ الشعورَ بالفشلِ من تحقيقِ الاستقرارِ، والعجزَ في طريقِ السَّعي للتنميةِ بدولِ (الاضطراباتِ) داخلَ المنطقةِ، بمَا فيهَا دولٌ غيرُ عربيَّةٍ عاجزةٌ عن أداءِ واجبهَا في الحُكمِ الرشيدِ مثل أفغانستان.
الملاحظُ أنَّ دولَ الغربِ -وعلَى رأسِهَا الولاياتُ المتَّحدةُ- التِي كانتْ تمتدحُ الفوضَى (غيرَ الخلَّاقةِ)، التي انتشرتْ بنجاحٍ، وأسقطتْ أنظمةً، وأشعلت الفتنَ في كلِّ ركنٍ من أراضِي الفوضَى (غيرِ الخلَّاقةِ)، هذَا الغربُ الذِي كانَ يطبِّلُ للقمعِ الذِي تمارسهُ إسرائيلُ على الفلسطينيِّين، انعكسَ (على وسائلِ الإعلامِ) فجأةً على النُّخبةِ اليمينيَّةِ الحاكمةِ في إسرائيلَ، وأخذَ يغنِّي أغنيةً مختلفةً ضدَّ القمعِ والقتلِ والتشريدِ الذي تمارسهُ إسرائيلُ. فهلْ هذَا التَّغييرُ في طريقةِ تعاملِ الغربِ مع إسرائيلَ هُو جزءٌ من إعادةِ بناءِ النظامِ العالميِّ الجديدِ، حيثُ يتحوَّلُ الثقلُ الغربيُّ دفعًا عن المصالحِ الغربيَّةِ من دعمٍ متواصلٍ ومباشرٍ لإسرائيلَ، إلى دعمٍ غيرِ مباشرٍ لدولةٍ أُخْرَى غيرِ عربيَّةٍ في المنطقةِ، يمكنهَا إصابة بلدانِ العربِ بالاضطراباتِ بشعاراتٍ أيديولوجيَّةٍ متنوِّعةٍ، يستطيعُ الغربُ خلالهَا ادِّعاءَ اللا مسؤوليَّة عنهَا، ويستفيدُ من اضطراباتِ أوضاعِهَا؟ أمْ لا؟.
ما يتعرَّض له المواطنُونَ في أجزاءٍ من عالمنَا العربيِّ ناتجٌ عن عدمِ قدرةِ القادةِ على توحيدِ قدراتِ وقوى بلدانِهم ضمنَ إطارِ الجامعةِ العربيَّةِ، أو غيرهَا من المكوِّناتِ السياسيَّةِ والاقتصاديَّةِ، رغمًا عن محاولاتٍ عديدةٍ جرتْ لتوحيدِ الصفوفِ، إذ كانت البيروقراطيَّةُ العربيَّةُ تتغلَّبُ على إرادةِ مَن أحسنَ النيَّةَ من القادةِ العربِ، وتنجحُ في تفريغِ القراراتِ من محتواهَا، وإفشالِهَا. والرغبة في المحافظةِ على استقلاليَّةٍ فرديَّةٍ لكلِّ بلدٍ بعيدًا عن ما يُعتبر تدخُّلًا في الشؤونِ الداخليَّةِ.
النجاح الوحيد للعرب كان في منطقة الخليج، حيث تمكن قادة هذه المنطقة من الاتفاق، وتنفيذ قرارات لازالت صعبةً على مستوى الوطن العربي. وتوحدت أنظمة وسياسات اقتصادية عديدة، جعلت الالتقاء الخليجي مكسباً لمواطنيه، وحقق استقراراً كبيراً أدى إلى رخاءٍ عالٍ وملحوظٍ في عدد من الكيانات الخليجية، وأبرزها المملكة العربية السعودية.
النظامُ العالميُّ الليبراليُّ القائمُ لمْ يتم الاتفاقُ عليهِ في مالطَا عام 1945، بعدَ الحربِ العالميَّةِ الثَّانيةِ، حينَ التقَى المنتصرُونَ في الحربِ، لوضعِ قواعدَ لمَا بعدَ توقُّفِ القتالِ، بلْ إنَّ هذَا النظامَ زرعهُ ثعلبُ السياسةِ البريطانيُّ «ونستون تشرشل» رئيسُ الوزراءِ البريطانيُّ عام 1941 (أغسطس)، خلالَ أوَّلِ لقاءٍ لهُ مع رئيسِ الولاياتِ المتَّحدةِ «فرانكلين روزفلت» على متنِ السفينةِ الحربيَّةِ البريطانيَّةِ أمير ويلز«Prince of Wales»، على سواحلِ نيوفاوند لاند بكندا.
ومن المفيدِ العودةُ إلى تلكَ المرحلةِ لنعرفَ -خاصَّةً بعدَ أنْ أصبحتْ بريطانيَا دولةً صغيرةً- احتمالاتِ كيفيَّةِ تعديلِ النظامِ العالميِّ الليبراليِّ، الذي رفضَ الاتحادُ السوفيتيُّ -حينهَا- المشاركةَ فيهِ، رغمًا عن الدَّعمِ بالمعدَّاتِ والذخائرِ العسكريَّةِ التي تلقَّاهَا خلالَ الحربِ من الولاياتِ المتَّحدةِ.
العدوانُ الإسرائيليُّ تجاهَ الفلسطينيِّين، والبشاعةُ التي تُنقلُ عن هذَا العدوانِ على شاشاتِ التلفزيونِ، تزيدُ مشاعرَ الغضبِ والرغبةِ في الدفاعِ عن الفلسطينيِّ المظلومِ والمحرومِ من الوطنِ، وهناكَ أهوالٌ وقمعٌ يتعرَّض لهَا الفلسطينيُّ، تجعلُ من غيرِ الممكنِ تبريرَ الهمجيَّةِ التي تتعاملُ بها النُّخبُ الإسرائيليَّةُ تحتَ قيادةِ نتنياهو، رئيسِ الوزراءِ الإسرائيليِّ، تجاهَ الفلسطينيِّ الذي يطالبُ بحريَّتهِ على أرضهِ.
وبالإضافةِ إلى هذهِ المأساةِ، فإنَّ هناكَ مناطقَ شديدةَ الالتهابِ في عالمِنَا العربيِّ، أكانَ في الصومالِ، أو السودانِ، أو ليبيَا، أو سوريَا، أو غيرِهم. تزيدُ من الأوجاعِ، وتشجِّعُ بعضَ الأيديولوجيِّين على الهجومِ الإعلاميِّ ضد الأجزاءِ الناجحةِ والمستقرَّةِ من الأوطانِ العربيَّةِ، والتِي إلى حدٍّ كبيرٍ داخل حدودِ دولِ الخليجِ العربيِّ، تُضافُ إليها مصرُ؛ ممَّا يعكسُ الشعورَ بالفشلِ من تحقيقِ الاستقرارِ، والعجزَ في طريقِ السَّعي للتنميةِ بدولِ (الاضطراباتِ) داخلَ المنطقةِ، بمَا فيهَا دولٌ غيرُ عربيَّةٍ عاجزةٌ عن أداءِ واجبهَا في الحُكمِ الرشيدِ مثل أفغانستان.
الملاحظُ أنَّ دولَ الغربِ -وعلَى رأسِهَا الولاياتُ المتَّحدةُ- التِي كانتْ تمتدحُ الفوضَى (غيرَ الخلَّاقةِ)، التي انتشرتْ بنجاحٍ، وأسقطتْ أنظمةً، وأشعلت الفتنَ في كلِّ ركنٍ من أراضِي الفوضَى (غيرِ الخلَّاقةِ)، هذَا الغربُ الذِي كانَ يطبِّلُ للقمعِ الذِي تمارسهُ إسرائيلُ على الفلسطينيِّين، انعكسَ (على وسائلِ الإعلامِ) فجأةً على النُّخبةِ اليمينيَّةِ الحاكمةِ في إسرائيلَ، وأخذَ يغنِّي أغنيةً مختلفةً ضدَّ القمعِ والقتلِ والتشريدِ الذي تمارسهُ إسرائيلُ. فهلْ هذَا التَّغييرُ في طريقةِ تعاملِ الغربِ مع إسرائيلَ هُو جزءٌ من إعادةِ بناءِ النظامِ العالميِّ الجديدِ، حيثُ يتحوَّلُ الثقلُ الغربيُّ دفعًا عن المصالحِ الغربيَّةِ من دعمٍ متواصلٍ ومباشرٍ لإسرائيلَ، إلى دعمٍ غيرِ مباشرٍ لدولةٍ أُخْرَى غيرِ عربيَّةٍ في المنطقةِ، يمكنهَا إصابة بلدانِ العربِ بالاضطراباتِ بشعاراتٍ أيديولوجيَّةٍ متنوِّعةٍ، يستطيعُ الغربُ خلالهَا ادِّعاءَ اللا مسؤوليَّة عنهَا، ويستفيدُ من اضطراباتِ أوضاعِهَا؟ أمْ لا؟.
ما يتعرَّض له المواطنُونَ في أجزاءٍ من عالمنَا العربيِّ ناتجٌ عن عدمِ قدرةِ القادةِ على توحيدِ قدراتِ وقوى بلدانِهم ضمنَ إطارِ الجامعةِ العربيَّةِ، أو غيرهَا من المكوِّناتِ السياسيَّةِ والاقتصاديَّةِ، رغمًا عن محاولاتٍ عديدةٍ جرتْ لتوحيدِ الصفوفِ، إذ كانت البيروقراطيَّةُ العربيَّةُ تتغلَّبُ على إرادةِ مَن أحسنَ النيَّةَ من القادةِ العربِ، وتنجحُ في تفريغِ القراراتِ من محتواهَا، وإفشالِهَا. والرغبة في المحافظةِ على استقلاليَّةٍ فرديَّةٍ لكلِّ بلدٍ بعيدًا عن ما يُعتبر تدخُّلًا في الشؤونِ الداخليَّةِ.
النجاح الوحيد للعرب كان في منطقة الخليج، حيث تمكن قادة هذه المنطقة من الاتفاق، وتنفيذ قرارات لازالت صعبةً على مستوى الوطن العربي. وتوحدت أنظمة وسياسات اقتصادية عديدة، جعلت الالتقاء الخليجي مكسباً لمواطنيه، وحقق استقراراً كبيراً أدى إلى رخاءٍ عالٍ وملحوظٍ في عدد من الكيانات الخليجية، وأبرزها المملكة العربية السعودية.
النظامُ العالميُّ الليبراليُّ القائمُ لمْ يتم الاتفاقُ عليهِ في مالطَا عام 1945، بعدَ الحربِ العالميَّةِ الثَّانيةِ، حينَ التقَى المنتصرُونَ في الحربِ، لوضعِ قواعدَ لمَا بعدَ توقُّفِ القتالِ، بلْ إنَّ هذَا النظامَ زرعهُ ثعلبُ السياسةِ البريطانيُّ «ونستون تشرشل» رئيسُ الوزراءِ البريطانيُّ عام 1941 (أغسطس)، خلالَ أوَّلِ لقاءٍ لهُ مع رئيسِ الولاياتِ المتَّحدةِ «فرانكلين روزفلت» على متنِ السفينةِ الحربيَّةِ البريطانيَّةِ أمير ويلز«Prince of Wales»، على سواحلِ نيوفاوند لاند بكندا.
ومن المفيدِ العودةُ إلى تلكَ المرحلةِ لنعرفَ -خاصَّةً بعدَ أنْ أصبحتْ بريطانيَا دولةً صغيرةً- احتمالاتِ كيفيَّةِ تعديلِ النظامِ العالميِّ الليبراليِّ، الذي رفضَ الاتحادُ السوفيتيُّ -حينهَا- المشاركةَ فيهِ، رغمًا عن الدَّعمِ بالمعدَّاتِ والذخائرِ العسكريَّةِ التي تلقَّاهَا خلالَ الحربِ من الولاياتِ المتَّحدةِ.