كتاب

الطابوران..!!

...ثمَّة طابورانِ تشكَّلا في العمقِ العربيِّ، كانَ لهمَا أثرهُمَا فيمَا جرَى ويجرِي علَى الساحةِ العربيَّةِ من أحداثٍ.. بلْ ولازلنَا نعانِي مِن تداعياتهمَا إلى اليوم..!

*****


... الطَّابورُ الأوَّلُ يُعنى بالزَّعاماتِ العربيَّةِ من خلالِ تضخيمِهَا وإكسائِهَا هالةً من الإبهارِ والانبهارِ ومحاولةِ تقديمِهَا إلى الذهنيَّةِ العربيَّةِ والشَّارعِ العربيِّ علَى أنَّ هذهِ الزعاماتِ هُم قادةُ أُمَّةٍ، وصنَّاعُ تاريخٍ، وبناةُ مجدٍ، ومحقِّقُو إنجازاتٍ عظيمةٍ.. وتحديدًا مَا عُرف بالزَّعاماتِ القوميَّةِ أو الثوريَّةِ أمثال جمال عبدالناصر، وصدام حسين، ومعمر القذافي..!

*****


... وقد لعبَ الإعلامُ العربيُّ دورًا كبيرًا في التضليلِ والتزييفِ والخداعِ.. وتذكرُونَ «بالرُّوح، بالدَّم، نفديكَ يَا زعيم»...!

وإلى اليوم هناكَ مَن يمجِّدهُم ويتباكَى علَى فَقْدِهم في ظلِّ الظُّروفِ الحاليَّةِ التِي تمرُّ بهَا الأُمَّةُ العربيَّةُ، وكأنَّ هؤلاء مَن نصرَ الأُمَّةَ، وطردَ الاحتلالَ، وحرَّرَ فلسطينَ، واستعادَ القُدسَ! وكأنَّ الأُمَّةَ تعرَّتْ سياسيًّا وعسكريًّا بفقْدِهم..!

*****

... مع أن هؤلاء هم من الأسباب الحقيقية لخيبات العرب ونكباتهم.. فجمال عبدالناصر تسبب في النكسة الكبرى عام 67، والتي أدت إلى احتلال إسرائيل سيناء والجولان والضفة الغربية وقطاع عزة.. وصدام حسين غزا الكويت ثم في النهاية ضحى بدولته وشعبه.. ومعمر القذافي أغرق المنطقة في العداوات والمؤامرات ضد الدول والأنظمة العربية..!

*****

... والطَّابورُ الثَّانِي يُعنى بالأيدلوجيَّاتِ، والتِي تستهدفُ إذكاءَ الصِّراعاتِ، واستثارةَ العداواتِ، وإسقاطَ الأنظمةِ، وتفتيتَ الدُّولِ.. وظهرَ ذلكَ بوضوحٍ في أواخرِ عامِ 2010، ومطلعِ 2011 عندمَا ماجتِ الشَّوارعُ العربيَّةُ بآلافِ المتظاهرِينَ وهُم يردِّدُونَ (الشَّعب يريد إسقاطَ النِّظام).. وذلكَ فيمَا عُرفَ بثوراتِ الرَّبيعِ العربيِّ التِي لمْ تكنْ سِوَى شذراتٍ من تصديرِ «الفوضَى الخلَّاقةِ» كمنهجٍ عمليٍّ تنفيذيٍّ لمخططِ الشَّرقِ الأوسطِ الجديدِ، وقدْ نجحَ هذَا الطابورُ في الاندساسِ بينَ المتظاهرِينَ وتحريكِ مشاعرهِم وتسويقِ الشِّعاراتِ.. وسقوطِ الأنظمةِ كانَ ثمنًا فادحًا لمَا تعانِيه الدُّولُ والشُّعوبُ اليومَ من صراعاتٍ ودمارٍ وانهيارٍ اقتصاديٍّ.. وهَذَا مَا كانَ يريدهُ المخطِّطُونَ.. والحديثُ في هذَا يطولُ..!!

*****

... أخيرًا.. نحنُ نعيشُ واقعًا كارثيًّا جدًّا، وربَّما غيرَ مسبوقٍ، تشعرُ أنَّ كلَّ شيءٍ قابلٌ للاحتراقِ، وأنَّ كلَّ شيءٍ قابلٌ للذَّوبانِ، أو التفتُّتِ، وأنَّ كلَّ هذَا الاحتشادَ في البرِ والبحرِ قدْ يقودُ إلى «المتخيَّلِ» الصَّادمِ.

ومَا أخشاهُ أنَّ هذهِ الأزماتِ والصراعاتِ علَى حدَّتِها وضراوتِهَا قدْ تأخذنا إلى مَا هُو أسوأ، فمَا يحدثُ ليسَ بريئًا من أهدافِ «مخطَّطِ الشَّرقِ الأوسطِ الجديدِ» ونوايا الغرب القذرة.

وكلُّ مَا تذكَّرتُ خداعَ «سايس بيكو» داخلَ الغُرفِ المظلمةِ زادَ خوفِي من المجهولِ ومن وجوهِ الغدرِ..!!

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض