كتاب

السلع المقلدة.. خطر داهم يُهدد سلامتنا

لفت نظري خلال الأيام الماضية تصريح صحفي للمتحدث باسم الهيئة السعودية للملكية الفكرية، سالم المطيري، أشار فيه إلى أن عقوبة انتهاك حقوق العلامات التجارية، قد تصل للسجن 3 سنوات وغرامة مليون ريال. واستدرك بالقول: إن العقوبة المتعلقة بالحق العام تصل إلى غرامة تُقدَّر بـ250 ألف ريال، وقد تتضاعف في حال تكرار المخالفة، إضافة إلى السجن لمدة لا تزيد على 6 أشهر؛ ومصادرة وإتلاف المواد المضبوطة، فيما لا يوجد حد أقصى لتعويض المتضررين، بحيث ينبغي أن يتناسب التعويض مع حجم الضرر الواقع.

والناظر إلى أسواقنا التجارية يفاجأ بالانتشار الرهيب للسلع المقلّدة التي تباع نهاراً جهاراً؛ ودون خشية من متابعة أو ملاحقة، رغم ما ينطوي على هذه المخالفة من سلبيات هائلة، لا تقتصر فقط على الإضرار بالاقتصاد الوطني، أو الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، وإنما تتجاوز ذلك لتُشكِّل خطراً داهماً على صحة المستهلك وسلامته، وقد يصل بها الحد إلى تهديد حياته، لا سيما عند استخدام منتجات كهربائية رديئة الصنع؛ لا تتقيَّد باشتراطات السلامة، يمكن أن يتسبب في حدوث الحرائق أو انفجارها في وجوه المستهلكين.


ومما يزيد من خطر هذه المنتجات الرديئة الصنع، أن القسم الأكبر منها يتعلق بمستحضرات التجميل والعطور والشامبوهات، التي لا يكاد يخلو منها أي من المنازل، ويستخدمها جميع أفراد الأسرة تقريباً، وهو ما يرفع احتمال حدوث أضرار على البشرة، أو الإصابة بالعمى في بعض الحالات.

ولم تقتصر دائرة الغش التجاري وتقليد السلع على هذه السلع، بل امتدت لتشمل الأدوية والعلاجات التي يفترض أن تُساعدنا على الشفاء، لكنها للأسف تُمثِّل خطراً داهماً على مستخدميها، وتُعرّضهم لاحتمال حدوث مضاعفات خطيرة.


كذلك تنتشر في الأسواق قطع غيار السيارات المقلدة والإطارات مجهولة المصدر، أو منتهية الصلاحية، مما تسبب في كثير من حوادث السير المميتة، التي أدت إلى إزهاق أرواح بريئة، وفق ما تُؤكده إحصاءات وزارة الداخلية التي تقوم، ممثّلة في الإدارة العامة للمرور، بعمل حملات توعوية بصورةٍ متكررة لتحذير السائقين من استخدام الإطارات المغشوشة، وغير المطابقة للمواصفات.

أما على الصعيد الاقتصادي، فلا يخفى علينا جميعاً الأضرار التي تترتب على هذه المخالفة، وفي مقدمتها عدم تحصيل الضرائب والرسوم المحددة نظاميًّا، فمعظم تلك السلع المجهولة المصدر تدخل بلادنا عن طريق التهريب، كما يتم صنع بعضها -لا سيما الملبوسات- في شقق أو منازل منعزلة، حوّلتها بعض العمالة غير النظامية إلى مصانع صغيرة بعيداً عن أعين الجهات المسؤولة.

وهناك جانب غير أخلاقي لهذه التجارة؛ يتمثّل في عدم وجود العدالة وسرقة حقوق الغير، فالشركات التي تقوم بصناعة منتجاتها أو تقوم باستيراد السلع بصورة نظامية؛ تُنفق مبالغ طائلة لأجل تطوير تلك المنتجات، وتجهيز المصانع، وتوظيف العمالة، ومصاريف الدعاية والإعلان، وغير ذلك من المصروفات، وفي غمضة عين وبعيداً عن الرقابة يأتي مجهولون، منحوا ضمائرهم إجازة مفتوحة؛ ليستولوا على حقوق غيرهم عن طريق تصنيع منتجات مشابهة ظاهرياً، لكنها رديئة الصنع، أو استيرادها بمبالغ زهيدة؛ ليقوموا بتسويقها وجني أرباح طائلة بدون وجه حق.

ومع التسليم بالجهود المضنية التي تقوم بها الأجهزة المختصة لضبط الأسواق، إلا أن ما يُثير الدهشة هو أن هذه السلع المقلدة والرديئة الصنع تُباع بصورةٍ علنية، بل إن كافة المحلات في الأحياء الشعبية تعرضها دون خوف من ملاحقة قانونية، وتكفي جولة بسيطة لمفتشي وزارة التجارة أو حماية المستهلك لضبط هذه المحلات، وإيقاع العقوبات المنصوص عليها قانوناً بحق المخالفين.

ولأن أرواحنا ليست رخيصة، وسلامة أبنائنا لا ينبغي أن تكون وسيلة في أيادي بعض المستهترين وعديمي الضمير؛ الذين يبحثون عن تحقيق الأرباح المادية ولو على حساب حياتنا ومستقبل أبنائنا، لذلك أتمنى إعادة النظر في تغليظ العقوبة على المخالفين، لتكون زاجرة ورادعة، بحيث تشمل إغلاق المحلات التي تبيع هذه السلع المقلدة لفترات محددة، وفي حال تكرار المخالفة يتم إغلاقها بصورة نهائية، وشطب السجلات التجارية.

أخبار ذات صلة

«ملهِّي» يُسدِّد مخالفات قبيلته.. فبادرُوا
سموتيريتش وإسرائيل الكُبْرَى..!!
يوم الكهرباء
البرامج الجامعية القصيرة مبادرة غير مسبوقة
;
وقفات عند مقولة بحيري: «الإسلام قطعة من اللؤلؤ في بحر من الطين»!
تنمية وتعزيز سلوك الكذب!!
أجل نحن الحجاز.. ونحن نجد
سوسة النخيل
;
التَّنقيب عن المستور!!
ندوة ومؤتمر (عالمية المكانة).. والمسؤولية الوطنية
المعونات الخارجية.. قوة شراء أم قوة ناعمة؟!
قصة «قصيدة» عقوق الابن لأبيه!!
;
لماذا يجب دعم مشروع التقويم المدرسي.. وكيف؟!
حالة !!
أعلام في ذاكرة التاريخ
الولاء للمنظومة.. سر نجاحها