كتاب
الأمن.. والفقر.. والفساد..!!
تاريخ النشر: 18 مايو 2024 23:21 KSA
.. عندمَا نتأمَّلُ قولَ المصطفَى:
(مَنْ أَصْبحَ مِنْكُم آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مَعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِندَهُ قُوتُ يَومِهِ فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا).. نجدُ أنَّ هذَا المنظورَ النبويَّ يؤطِّرُ لحياةٍ قويمةٍ، آمنةٍ، هادئةٍ، هانئةٍ.
البعضُ يأخذُ هذَا المنظورَ الرَّاشدَ مِن زاويةِ الكفافِ والاكتفاءِ، ولكنْ مِن جانبٍ آخرَ يُبنَى عليهِ فِي مدَى العلاقةِ مَا بينَ الأمنِ والفقرِ، فكلَّمَا استتبَّ الأمنُ، أدَّى ذلكَ إلى إيجادِ مناخاتٍ بيئيَّةٍ تنمويَّةٍ تتوفَّرُ مِن خلالِهَا فرصُ العملِ، وهذَا يؤدِّي إلَى تقليلِ نسبِ البطالةِ والفقرِ، والعكسُ بالعكسِ فكلَّمَا ضاقتْ بالنَّاسِ معايشُهُم، ربَّما أدَّى ذلكَ إلى اختلالٍ فِي الأمنِ بشكلٍ أو بآخرَ..
*****
.. وقدْ قرأتُ فِي إحدَى الدِّراساتِ الغربيَّةِ أنَّ الفقرَ يمثِّلُ مُحرِّكًا رئيسًا فِي الحركاتِ الجماهيريَّةِ كالثَّوراتِ والمظاهراتِ وغيرِهَا، وأشارَت الدِّراسةُ إلى أنَّ الثَّوراتِ الفرنسيَّةَ والإنجليزيَّةَ والنَّازيَّةَ والبلشفيَّةَ وغيرَهَا، كانَ نواتُهَا مِن الفقراءِ والبسطاءِ، وهؤلاء لمْ يكنْ هدفُهُم التَّغييرَ السياسيَّ فِي حدِّ ذاتِهِ بقدرِ مَا كانَ هدفُهُم الخلاصَ مِن سوءِ أحوالِهِم المعيشيَّةِ..!
*****
.. وحتَّى ثورات الرَّبيعِ العربيِّ، إذَا مَا أخذنَاهَا بعيدًا عَن الأيدلوجيَا السياسيَّةِ المحرِّكةِ لهَا، فإنَّهَا استغلَّتْ سوءَ الأحوالِ المعيشيَّةِ التِي كانَ يعيشُهَا المواطنُ العربيُّ فِي الكثيرِ مِن البلدانِ العربيَّةِ، واتَّخذتْ مِن ذلكَ شعارًا تسابقَ النَّاسُ للانضمامِ تحتَ لوائِهِ، بدءًا مِن تونس، ومَا تلاهَا مِن العواصمِ العربيَّةِ..!
*****
.. ثم هناك ارتباط آخر ما بين الفقر والفساد، وعندما يتفشى الفقر في مجتمع، فاعلم أن في عمقه فاسدين ومفسدين ينخرون فيه من الداخل، يعرقلون نماءه وتطوره، وإذا أردت أن تعرف مقدار تفشي الفساد في أي أمة، فانظر إلى مقدار انحناء الفقير وهو يتمسح بحذاء الغني..!
*****
.. والمشكلة فِي العالِمِ العربيِّ تحديدًا أنَّ هناكَ متنفِّذِينَ ونافذِينَ فاسدِينَ يعملُونَ لمصالحِهِم الذَّاتيَّةِ علَى حسابِ المصالحِ الجمعيَّةِ والوطنيَّةِ، ويعرقلُ التَّنميةَ.. وهذَا زادَ الفقراءَ فقرًا، والأثرياءَ ثراءً، ويؤدِّي إلى مَا يُعرف بـ(التخثُّرِ الطبقيِّ)، وخلقِ بونَاتٍ شاسعةٍ داخلَ المكوِّناتِ المجتمعيَّةِ.. وأصبحَ المواطنُ العربيُّ غارقًا في همومِهِ، وأصبحَ همُّهُ الأكبرُ الركضَ خلفَ رغيفِ الخبزِ..!
*****
.. بعضُ السَّاسةِ الفاسدِينَ ربَّمَا لديهِم منظورٌ سياسيٌّ أحمقُ..
أنْ توهَّمُوا بأنَّ «سياسةَ التَّجويعِ» قدْ تؤدِّي إلى الولاءِ القسريِّ.. هؤلاء انقلبتْ شعوبُهُم عليهِم، وكأنَّهَا تؤكِّدُ لهُم أنَّ (الولاءَ والانتماءَ) شيءٌ آخرُ لا يحقِّقهُ التَّجويعُ ولَا يفرضهُ الفسادُ..!
*****
.. أخيرًا.. هِي منظومةٌ ثلاثيَّةُ الأبعادِ.. الأمنُ يبدأُ مِن معالجةِ مشكلاتِ الفقرِ، ومعالجةُ مشكلاتِ الفقرِ تبدأُ مِن محاربةِ الفسادِ، والفقراءُ لَا يحتاجُونَ إلى الدُّعاءِ وحدَهُ فقطْ، ولكنْ إلى محاسبةِ مَن نهبَ ثرواتِهِم وثروَاتِ أوطانِهِم..!!
(مَنْ أَصْبحَ مِنْكُم آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مَعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِندَهُ قُوتُ يَومِهِ فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا).. نجدُ أنَّ هذَا المنظورَ النبويَّ يؤطِّرُ لحياةٍ قويمةٍ، آمنةٍ، هادئةٍ، هانئةٍ.
البعضُ يأخذُ هذَا المنظورَ الرَّاشدَ مِن زاويةِ الكفافِ والاكتفاءِ، ولكنْ مِن جانبٍ آخرَ يُبنَى عليهِ فِي مدَى العلاقةِ مَا بينَ الأمنِ والفقرِ، فكلَّمَا استتبَّ الأمنُ، أدَّى ذلكَ إلى إيجادِ مناخاتٍ بيئيَّةٍ تنمويَّةٍ تتوفَّرُ مِن خلالِهَا فرصُ العملِ، وهذَا يؤدِّي إلَى تقليلِ نسبِ البطالةِ والفقرِ، والعكسُ بالعكسِ فكلَّمَا ضاقتْ بالنَّاسِ معايشُهُم، ربَّما أدَّى ذلكَ إلى اختلالٍ فِي الأمنِ بشكلٍ أو بآخرَ..
*****
.. وقدْ قرأتُ فِي إحدَى الدِّراساتِ الغربيَّةِ أنَّ الفقرَ يمثِّلُ مُحرِّكًا رئيسًا فِي الحركاتِ الجماهيريَّةِ كالثَّوراتِ والمظاهراتِ وغيرِهَا، وأشارَت الدِّراسةُ إلى أنَّ الثَّوراتِ الفرنسيَّةَ والإنجليزيَّةَ والنَّازيَّةَ والبلشفيَّةَ وغيرَهَا، كانَ نواتُهَا مِن الفقراءِ والبسطاءِ، وهؤلاء لمْ يكنْ هدفُهُم التَّغييرَ السياسيَّ فِي حدِّ ذاتِهِ بقدرِ مَا كانَ هدفُهُم الخلاصَ مِن سوءِ أحوالِهِم المعيشيَّةِ..!
*****
.. وحتَّى ثورات الرَّبيعِ العربيِّ، إذَا مَا أخذنَاهَا بعيدًا عَن الأيدلوجيَا السياسيَّةِ المحرِّكةِ لهَا، فإنَّهَا استغلَّتْ سوءَ الأحوالِ المعيشيَّةِ التِي كانَ يعيشُهَا المواطنُ العربيُّ فِي الكثيرِ مِن البلدانِ العربيَّةِ، واتَّخذتْ مِن ذلكَ شعارًا تسابقَ النَّاسُ للانضمامِ تحتَ لوائِهِ، بدءًا مِن تونس، ومَا تلاهَا مِن العواصمِ العربيَّةِ..!
*****
.. ثم هناك ارتباط آخر ما بين الفقر والفساد، وعندما يتفشى الفقر في مجتمع، فاعلم أن في عمقه فاسدين ومفسدين ينخرون فيه من الداخل، يعرقلون نماءه وتطوره، وإذا أردت أن تعرف مقدار تفشي الفساد في أي أمة، فانظر إلى مقدار انحناء الفقير وهو يتمسح بحذاء الغني..!
*****
.. والمشكلة فِي العالِمِ العربيِّ تحديدًا أنَّ هناكَ متنفِّذِينَ ونافذِينَ فاسدِينَ يعملُونَ لمصالحِهِم الذَّاتيَّةِ علَى حسابِ المصالحِ الجمعيَّةِ والوطنيَّةِ، ويعرقلُ التَّنميةَ.. وهذَا زادَ الفقراءَ فقرًا، والأثرياءَ ثراءً، ويؤدِّي إلى مَا يُعرف بـ(التخثُّرِ الطبقيِّ)، وخلقِ بونَاتٍ شاسعةٍ داخلَ المكوِّناتِ المجتمعيَّةِ.. وأصبحَ المواطنُ العربيُّ غارقًا في همومِهِ، وأصبحَ همُّهُ الأكبرُ الركضَ خلفَ رغيفِ الخبزِ..!
*****
.. بعضُ السَّاسةِ الفاسدِينَ ربَّمَا لديهِم منظورٌ سياسيٌّ أحمقُ..
أنْ توهَّمُوا بأنَّ «سياسةَ التَّجويعِ» قدْ تؤدِّي إلى الولاءِ القسريِّ.. هؤلاء انقلبتْ شعوبُهُم عليهِم، وكأنَّهَا تؤكِّدُ لهُم أنَّ (الولاءَ والانتماءَ) شيءٌ آخرُ لا يحقِّقهُ التَّجويعُ ولَا يفرضهُ الفسادُ..!
*****
.. أخيرًا.. هِي منظومةٌ ثلاثيَّةُ الأبعادِ.. الأمنُ يبدأُ مِن معالجةِ مشكلاتِ الفقرِ، ومعالجةُ مشكلاتِ الفقرِ تبدأُ مِن محاربةِ الفسادِ، والفقراءُ لَا يحتاجُونَ إلى الدُّعاءِ وحدَهُ فقطْ، ولكنْ إلى محاسبةِ مَن نهبَ ثرواتِهِم وثروَاتِ أوطانِهِم..!!