كتاب
ضيوف الرحمن.. بين الجهود الجبارة والمسؤولية المشتركة
تاريخ النشر: 28 مايو 2024 23:08 KSA
يعتبر الحج حدثاً استثنائيا عالمياً تجتمع فيه الخلائق من شتى أنحاء المعمورة، قاصدين تلبية النداء لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام كما قال تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ..)، بل هو أكبر تجمُّع إنساني، فحتى التجمعات الرياضية لا تزيد عن ثلاثمائة أو أربعمائة ألف شخص.
إنه الإيمان العميق الذي تتجلى فيه عظمة هذا الدين في وحدة المسلمين وتماسكهم، بل تتجلى فيه أعظم معاني المساواة والعدالة، فالجميع يؤدي المناسك في زمن محدد وفي أماكن مخصصة، تلك الأعداد الهائلة التي تصل إلى حوالى أربعة ملايين حاج ومقدم خدمة في بقعة لا تتجاوز 33 كيلومتراً مربعاً هي: منى وعرفات والمزدلفة، جعلت هذه المنظومة تدخل موسوعة جينيس العالمية.
ويمثل التنظيم والاستعدادات الضخمة للرحلة أكبر تحدي للسلطات سعودية؛ فهذه الدولة المباركة أخذت على عاتقها خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهم من المعتمرين والحجاج والزوار، وها هي التوجيهات الكريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- في توفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة لحجاج بيت الله الحرام، ومتابعة حثيثة من سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ فتأتي خدمات الدولة على أوسع نطاق، حيث تستنفر الأجهزة الحكومية وتجند كافة إمكاناتها لخدمة الحجاج، فوزارة الحج والعمرة بتنظيماتها وتقنياتها، «وزارة الصحة بكوادرها وطواقمها الطبية، وهيئة الطيران المدني» والتي وفَّرت 3.4 مليون مقعد لنقل الحجاج، و٧٧٠٠ رحلة جوية. ووزارة النقل التي خصصت ٣٨٠٠ رحلة في القطار خلال هذا الموسم. كما أن استمرار وزارة الداخلية في تطبيق مبادرة (طريق مكة) للتسهيل على الحجاج في إصدار التأشيرات، وإنهاء كافة الإجراءات في بلادهم لأكثر من سبع دول منها: إندونيسيا وتركيا.. ناهيك عن جهود مقدمي الخدمات الجبارة في مكة والمشاعر المقدسة في السكن والنقل والتفويج والجمرات.. وكذلك في المدينة المنورة للزائرين.
ولمقابلة هذه الجهود الجبارة، لن يكون الحج ناجحاً إلا بتضافر الجهود من الحجاج أنفسهم والمسؤولين عنهم من بعثات الحج والوكالات السياحية، وضرورة أن تكون هناك توعية كاملة بشعيرة الحج والمقاصد السامية لها، كما قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى..)، وهذا يتطلب سلوكاً حضارياً، والبعد عن كل ما يُعكِّر صفو الحج؛ من عدم رفع أي شعارات سياسية أو القيام بأي تجمعات أو مظاهرات تخل بأمن الحجيج وسلامتهم.
بل يجب توعيتهم بالمناسك كما تفعل ماليزيا وطريقة الطواف الصحيح والرمي للجمرات وغيرها من الشعائر.. فالحاج هو سفير لبلاده أمام المجتمعات العالمية، ويظهر صورة وحضارة الإسلام، ويحقق العبودية لله، والفوائد التي يجنيها لهذه الشعيرة، كما قال تعالى: (ليشهدوا منافع لهم)، ويكفيهم عظة استحضار الموقف العظيم وهو يوم القيامة عند وقوفهم بعرفات متجردين من كل مظاهر الدنيا الفانية إلى لباسٍ أبيض يذكر بالكفن والآخرة.
كما أنه من الواجب احترام تقاليد وثقافة المملكة العربية السعودية وتقدير مقدمي الخدمات ومعظمهم من أهالي مكة الذين سماهم الرسول صلى الله عليه وسلم (بأهل الله)، فحين ولي عتاب بن أسيد على مكة قال له: «وليتك على أهل الله»، فهؤلاء يبذلون الجهود الجبارة لخدمتهم، وإن كان هناك ثمة تقصير أو خطأ قد يحدث لتداخل منظومة الحج ومنها بعثاتهم.. فالحلول تكون بحسن الخلق، والصبر، والحلم، والأناة، متيقنين بأن الحج جهاد كما قال المصطفى: (جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة «الحج والعمرة»). بل إن الرفق والشفقة مطلب أساسي في الحج، لأن أكثر الحجاج هم مِن كبار السن والعجزة الذين يتطلب التعامل معهم بالحسنى، وكذلك التفسُّح في المجالس، مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي وعدم الاستئثار بالأماكن.. وضرورة الالتزام بمواعيد الرجم، وأخذ الرخص الشرعية بالتوكيل بالرمي.. وبالعموم التقيُّد بأنظمة الدولة السعودية، لأن مخالفة القوانين تُشتِّت الجهود المبذولة، وتقود إلى الفوضى، وتُعرِّض حياة الحجاج للخطر.
ويكفي الحجاج شرفاً أنهم وصلوا لأول بيت وُضِع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين، وفيه الهداية للناس أجمعين، وفيه مقام إبراهيم، الصفا والمروة، وبئر زمزم، والحجر الذي دفُن فيه أكثر من 99 نبياً، واجتماع الخلائق في المشاعر المقدسة.. وكلها أزمنة ومواطن عظيمة في استجابة الدعاء، يستغلها المسلم فيرجع كيوم ولدته أمه.. فهنيئاً للحجاج محو الذنوب والخطايا، وهنيئاً لنا شرف خدمتهم، إنها المسؤولية العظمى.
إنه الإيمان العميق الذي تتجلى فيه عظمة هذا الدين في وحدة المسلمين وتماسكهم، بل تتجلى فيه أعظم معاني المساواة والعدالة، فالجميع يؤدي المناسك في زمن محدد وفي أماكن مخصصة، تلك الأعداد الهائلة التي تصل إلى حوالى أربعة ملايين حاج ومقدم خدمة في بقعة لا تتجاوز 33 كيلومتراً مربعاً هي: منى وعرفات والمزدلفة، جعلت هذه المنظومة تدخل موسوعة جينيس العالمية.
ويمثل التنظيم والاستعدادات الضخمة للرحلة أكبر تحدي للسلطات سعودية؛ فهذه الدولة المباركة أخذت على عاتقها خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهم من المعتمرين والحجاج والزوار، وها هي التوجيهات الكريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- في توفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة لحجاج بيت الله الحرام، ومتابعة حثيثة من سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ فتأتي خدمات الدولة على أوسع نطاق، حيث تستنفر الأجهزة الحكومية وتجند كافة إمكاناتها لخدمة الحجاج، فوزارة الحج والعمرة بتنظيماتها وتقنياتها، «وزارة الصحة بكوادرها وطواقمها الطبية، وهيئة الطيران المدني» والتي وفَّرت 3.4 مليون مقعد لنقل الحجاج، و٧٧٠٠ رحلة جوية. ووزارة النقل التي خصصت ٣٨٠٠ رحلة في القطار خلال هذا الموسم. كما أن استمرار وزارة الداخلية في تطبيق مبادرة (طريق مكة) للتسهيل على الحجاج في إصدار التأشيرات، وإنهاء كافة الإجراءات في بلادهم لأكثر من سبع دول منها: إندونيسيا وتركيا.. ناهيك عن جهود مقدمي الخدمات الجبارة في مكة والمشاعر المقدسة في السكن والنقل والتفويج والجمرات.. وكذلك في المدينة المنورة للزائرين.
ولمقابلة هذه الجهود الجبارة، لن يكون الحج ناجحاً إلا بتضافر الجهود من الحجاج أنفسهم والمسؤولين عنهم من بعثات الحج والوكالات السياحية، وضرورة أن تكون هناك توعية كاملة بشعيرة الحج والمقاصد السامية لها، كما قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى..)، وهذا يتطلب سلوكاً حضارياً، والبعد عن كل ما يُعكِّر صفو الحج؛ من عدم رفع أي شعارات سياسية أو القيام بأي تجمعات أو مظاهرات تخل بأمن الحجيج وسلامتهم.
بل يجب توعيتهم بالمناسك كما تفعل ماليزيا وطريقة الطواف الصحيح والرمي للجمرات وغيرها من الشعائر.. فالحاج هو سفير لبلاده أمام المجتمعات العالمية، ويظهر صورة وحضارة الإسلام، ويحقق العبودية لله، والفوائد التي يجنيها لهذه الشعيرة، كما قال تعالى: (ليشهدوا منافع لهم)، ويكفيهم عظة استحضار الموقف العظيم وهو يوم القيامة عند وقوفهم بعرفات متجردين من كل مظاهر الدنيا الفانية إلى لباسٍ أبيض يذكر بالكفن والآخرة.
كما أنه من الواجب احترام تقاليد وثقافة المملكة العربية السعودية وتقدير مقدمي الخدمات ومعظمهم من أهالي مكة الذين سماهم الرسول صلى الله عليه وسلم (بأهل الله)، فحين ولي عتاب بن أسيد على مكة قال له: «وليتك على أهل الله»، فهؤلاء يبذلون الجهود الجبارة لخدمتهم، وإن كان هناك ثمة تقصير أو خطأ قد يحدث لتداخل منظومة الحج ومنها بعثاتهم.. فالحلول تكون بحسن الخلق، والصبر، والحلم، والأناة، متيقنين بأن الحج جهاد كما قال المصطفى: (جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة «الحج والعمرة»). بل إن الرفق والشفقة مطلب أساسي في الحج، لأن أكثر الحجاج هم مِن كبار السن والعجزة الذين يتطلب التعامل معهم بالحسنى، وكذلك التفسُّح في المجالس، مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي وعدم الاستئثار بالأماكن.. وضرورة الالتزام بمواعيد الرجم، وأخذ الرخص الشرعية بالتوكيل بالرمي.. وبالعموم التقيُّد بأنظمة الدولة السعودية، لأن مخالفة القوانين تُشتِّت الجهود المبذولة، وتقود إلى الفوضى، وتُعرِّض حياة الحجاج للخطر.
ويكفي الحجاج شرفاً أنهم وصلوا لأول بيت وُضِع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين، وفيه الهداية للناس أجمعين، وفيه مقام إبراهيم، الصفا والمروة، وبئر زمزم، والحجر الذي دفُن فيه أكثر من 99 نبياً، واجتماع الخلائق في المشاعر المقدسة.. وكلها أزمنة ومواطن عظيمة في استجابة الدعاء، يستغلها المسلم فيرجع كيوم ولدته أمه.. فهنيئاً للحجاج محو الذنوب والخطايا، وهنيئاً لنا شرف خدمتهم، إنها المسؤولية العظمى.