كتاب

الأفراح بين التلوث السمعي وإسراف الطعام!!

حضرتُ زواجًا قبلَ أسبوعَينِ، ولقيتُ مَن أعرفُ ومَن لمْ ألتقِ بهِم فترةً طويلةً، وتجاذبنَا أطرافَ الحديثِ والذِّكرياتِ، ومَا مضَى مِن أيامِنَا، ثُمَّ أخذنَا صُورًا للذِّكرَى، فكانَ اللقاءُ ودعوةُ الزَّواجِ أفضلَ لقاءٍ وزواجٍ حضرتُهُ؛ بسببِ أنَّ الزَّواجَ والقاعةَ تخلوَانِ تمامًا مِن الأصواتِ المُزعجةِ التِي تعوَّدنَا عليهَا فِي الزَّواجاتِ وقاعاتِ الأفراحِ، خاصَّةً الفرقَ حادَّةَ الإيقاعِ مِن فنونٍ شعبيَّةٍ، أو أصواتٍ طربيَّةٍ، أو آلاتٍ موسيقيَّةٍ، كلُّ ذلكَ جعلنَا نعيشُ وقتًا هادئًا، ولحظاتٍ اجتماعيَّةً جميلةً، والائتناسَ ببعضِنَا فِي تلكَ المناسبةِ، فعلًا أنصحُ مَن أرادَ أنْ يريحَ ضيوفَهُ ويكرمَهُم فِي حضورِ حفلاتِ الزَّواجِ أنْ يكتفِي بزفِّ العريسِ بوجودِ جسيسٍ (مُنشدٍ) من أصحابِ الأصواتِ الجميلةِ مِن صوتٍ مسجلٍ جميلٍ، أو موسيقَى هادئةٍ، أو أهازيجَ فقطْ لمدَّة رُبعِ ساعةٍ، ويُتركُ بقيَّة الوقتِ للنَّاسِ يتسامرُونَ بالحديثِ بينَ بعضِهم بعضًا.

وهذا الأمر والمطلب وجدته عند كل من يحضر زواجاً فيه أصوات ميكرفونات حادة، وليس ذلك مطلباً اجتماعياً فقط، إنما مطلب صحي كذلك؛ لما لتلك الأصوات من أضرار، وقد كتبت مقالاً سابقاً وضحت فيه الآثار البيولوجية للتلوث الصوتي على الأذن والنفس.


يبدُو أنَّ شهرَ القعدةِ أصبحَ شهرَ الأفراحِ، فقدْ دُعيتُ لحضورِ العديدِ مِن الأفراحِ، يجعلُهَا ربِّي جميعًا عامرةً وموفَّقةً، وقلتُ -ولازلتُ أقولُ- إنَّ هناكَ نواحيَ يجبُ مراعاتهَا عندَ إقامةِ حفلاتِ الزَّواجِ، مِن ذلكَ التبكيرُ فِي وقتِ المِلكةِ، وبالتَّالِي عدمُ تأخيرِ العَشاءِ إلَى الساعةِ الثانية عشرة وأكثر، إنَّمَا المناسبُ السَّاعة العاشرة والنِّصف، ومِن ذلكَ أساسًا عدمُ ضرورةِ وجودِ عَشاءٍ أصلًا، إنَّمَا يُكتفَى بتقديمِ حلوياتٍ منوَّعةٍ، ومعجناتٍ، وسندوتشاتٍ خفيفةٍ، يتمُّ تناولهَا أثناءَ لقاءِ المعازيمِ، وتحدثهُم معَ بعضهِم بعضًا، كمَا ذكرنَا دونَ الحاجةِ إلى الأصواتِ المزعجةِ، مَاعدَا ربع ساعةٍ، إمَّا عرضةً سعوديَّةً، أو خبيتي، أو مزمارًا، أو أيَّ شيءٍ يسمرُ بهِ النَّاسُ وقتًا بسيطًا، ثُمَّ يتركُون الضيوفَ يحقِّقُونَ لقاءً اجتماعيًّا بوجباتٍ خفيفةٍ، وفِي ذلكَ صحةٌ للأجسامِ، وراحةٌ للأنفسِ، وترابطٌ للمجتمعِ، وتوفيرٌ اقتصاديٌّ للتكاليفِ التِي ترهقُ أهلَ العروسَينِ، ونتطوَّر فِي الفهمِ الحياتيِّ مِن احترامٍ للوقتِ، وتجنُّبِ ضررِ السَّهرِ، ويُضاف إلى ذلكَ مَا أمكنَ أنْ يقتصرَ المدعُوون على الأقاربِ، وعددٍ محددٍ مِنَ الزُّملاءِ والجيرانِ، ولَا داعيَ مِن استضافةِ أعدادٍ كبيرةٍ؛ ممَّا يترتَّبُ عليهِ ميزانيَّةٌ كبيرةٌ، وبهذَا يسعدُ الجميعُ، ونحقِّقُ للمجتمعِ فهمًا فِي احترامِ الوقتِ، والحفاظِ علَى النعمةِ، وعدمِ التبذيرِ؛ لأنَّ ليسَ المتبقِي مِن الطَّعامِ هُو التبذيرُ فقطْ، إنَّمَا مَا يتركهُ النَّاسُ فِي الصحونِ مِن طعامِ زائدٍ يُرمى فِي القمامةِ، وتجنيب الجسمِ والنَّفسِ ممَّا يؤذِيهَا مِن طعامٍ دسمٍ فِي آخرِ الليلِ؛ ممَّا لَا تستطيعُ الأنزيماتُ أنْ تهضمَهُ؛ لأنَّ الجهازَ الهضميَّ بأمرٍ مِن الدماغِ يكونُ نائمًا، فتكونُ الأوجاع فِي المعدةِ والأمعاءِ، ناهيكَ عَن تكدُّسِ الدُّهونِ، بالإضافةِ إلى حمايةِ الأُذنِ مِن ذبذباتِ أصواتِ المكرفوناتِ الحادَّةِ المُزعجةِ.

أخبار ذات صلة

حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
;
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
;
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات
أرقام الميزانية.. تثبت قوة الاقتصاد السعودي
ورود
;
حان دور (مؤتمر يالطا) جديد
الحضارة والتنمية
خط الجنوب وإجراء (مأمول)!
الشورى: مطالبة وباقي الاستجابة!!