كتاب
ضجيجُ الصمت!
تاريخ النشر: 02 يونيو 2024 22:28 KSA
- يبدُو أنَّ الأشخاصَ الحسَّاسينَ والمتأمِّلينَ والمُفكِّرينَ، تُزعجهُم الأصواتُ العاليةُ الصَّاخبةُ فِي مُعظمِ الأوقاتِ، ويَميلُونَ للهدوءِ والسُّكونِ.. فلديهِم مَا يكفيهِم مِن صخَبِ الفِكرِ وضجيجِ الصَّمتِ. إنَّ مَا ينطقُونَهُ أقلُّ بكثيرٍ ممَّا يجولُ فِي أذهانهِم.. إنَّهُم يُتقنُونَ فنَّ الصَّمتِ، إذْ تكفيهِم ثرثرةُ أفكارهِم.. لعلَّها لعنتهُم الأبديَّة.
- وبعدَ أنْ تُجرِّبَ كثرةَ الكلامِ والنِّقاشِ والتَّفسيرِ والتَّبريرِ.. ستعرفُ قيمةَ الصَّمتِ، والتَّجاهلِ، والتَّغافلِ.. فأحيانًا، أقصَى مَا يُمكنكَ فعلهُ، هُو ألَّا تفعلَ شيئًا.. وأجملُ مَا يُمكنكَ قولهُ.. هُو الصَّمتُ. يقولُ (الخليفةُ عُمر بن عبدالعزيز): «إذَا رأيتُمُ الرَّجلَ يُطيلُ الصَّمتَ.. ويهرُبُ مِن النَّاسِ.. فاقتربُوا منهُ، فإنَّه يُلقَّى الحِكْمَة».
- الصَّمتُ.. ملاذُ الـمُتأمِّلِينَ، ومهْرَبُ المتألِّمِينَ، وعزاءُ الموْجوعِينَ، وعبادةُ المُتصوِّفِينَ، وجنَّةُ المُتفكِّرِينَ، وعلامةُ العارِفِينَ، وديدنُ المُتَّقِينَ، وبهِ يستعينُ المُتعبِّدُونَ علَى التَّعافِي، ففِي الصَّومِ عَن كلامِ النَّاسِ تجنبٌ لأذيَّتهِم، ووقايةٌ مِن لغَطهِم، وعلاجٌ مِن أسقامِهِم.
- إنَّ مُعظمَ الجَمالِ يسكنُ فِي الصَّمتِ. يتناولُ (دوستويفسكي) هذهِ الفكرةَ فِي إحدَى رواياتِهِ: «تذكَّر يَا صديقِي أنَّ الصَّمتَ لَا خطرَ منهُ، وأنَّه براءةٌ وجَمالٌ.. - الصَّمتُ جميلٌ!.. - طبعًا، الصَّمتُ جميلٌ دائمًا، والصَّامتُ أجملُ مِن المُتكلِّمِ دائِمًا».
- أفضلُ النَّاسِ مَهَارةً اجتماعيَّةً، أميلُهُم للعُزلةِ.. وأفضلُ النَّاسِ حكمةً، أقدرُهُم علَى السُّكوتِ وتركِ الجِدالِ. الصِّيامُ عَن كلامِ النَّاسِ، مِن الفضائلِ التعبُّديَّةِ المَنسيَّة.. «فلَنْ أُكَلِّمَ اليَومَ إِنْسِيًّا» (مريم، 26)، لكنَّ الصَّمتَ، يحتاجُ إلَى عزمٍ شديدٍ، وقُدرةٍ رهيبةٍ. وحينَ تودُّ أنْ تفهَمَ.. فتساءَل، ثمَّ انصرفْ إلى الصَّمتِ، والتأمُّلِ، والتدبُّرِ، والمُلاحظةِ، والقراءةِ، والاستماعِ.. يجبُ أنْ تكونَ صامتًا كَي تتلقَّى الإجاباتِ.. أنْ تكُفَّ عنْ الضَّجيجِ حتَّى تستمعَ للهَمْسِ.
- أطِل الصَّمتَ ولا تُثرثِرَ.. النَّاسُ يُحبُّونَ الثِّرثارَ المُتفيهِقَ؛ لأنَّه يُسلِّيهِم ويُرفِّه عنهُم، لكنَّهم يَملُّونَهُ عاجلًا، ويختلفُونَ إلى غيرهِ سريعًا!. أمَّا أنتَ يَا صديقِي، فستتحدَّثُ وكأنَّكَ مَا تحدَّثتَ.. وستتكلَّمُ وكأنَّكَ لمْ تنطِقْ بِحرفٍ.. ستحاولُ أنْ تشرحَ، وتُفسِّرَ، وتبرِّرَ.. بِلا فائدةٍ.. ثمَّ تلجأُ إلى الصَّمتِ، فيتوجَّسُونَ مِنكَ، ثمَّ تبحثُ عَن شخصٍ يستوعبُ صمْتكَ، ويفهمُ امتعاضَكَ، ويَحتوِي ألمَكَ.. فلَا تجِد.. ثمَّ فِي النهايةِ، تموتُ مُتخَمًا بالمَعانِي والأفكارِ، بإباءِ الكَبتِ، وِكبرياءِ الصَّمتِ، واعتزازِ الكِتمانِ.
- وبعدَ أنْ تُجرِّبَ كثرةَ الكلامِ والنِّقاشِ والتَّفسيرِ والتَّبريرِ.. ستعرفُ قيمةَ الصَّمتِ، والتَّجاهلِ، والتَّغافلِ.. فأحيانًا، أقصَى مَا يُمكنكَ فعلهُ، هُو ألَّا تفعلَ شيئًا.. وأجملُ مَا يُمكنكَ قولهُ.. هُو الصَّمتُ. يقولُ (الخليفةُ عُمر بن عبدالعزيز): «إذَا رأيتُمُ الرَّجلَ يُطيلُ الصَّمتَ.. ويهرُبُ مِن النَّاسِ.. فاقتربُوا منهُ، فإنَّه يُلقَّى الحِكْمَة».
- الصَّمتُ.. ملاذُ الـمُتأمِّلِينَ، ومهْرَبُ المتألِّمِينَ، وعزاءُ الموْجوعِينَ، وعبادةُ المُتصوِّفِينَ، وجنَّةُ المُتفكِّرِينَ، وعلامةُ العارِفِينَ، وديدنُ المُتَّقِينَ، وبهِ يستعينُ المُتعبِّدُونَ علَى التَّعافِي، ففِي الصَّومِ عَن كلامِ النَّاسِ تجنبٌ لأذيَّتهِم، ووقايةٌ مِن لغَطهِم، وعلاجٌ مِن أسقامِهِم.
- إنَّ مُعظمَ الجَمالِ يسكنُ فِي الصَّمتِ. يتناولُ (دوستويفسكي) هذهِ الفكرةَ فِي إحدَى رواياتِهِ: «تذكَّر يَا صديقِي أنَّ الصَّمتَ لَا خطرَ منهُ، وأنَّه براءةٌ وجَمالٌ.. - الصَّمتُ جميلٌ!.. - طبعًا، الصَّمتُ جميلٌ دائمًا، والصَّامتُ أجملُ مِن المُتكلِّمِ دائِمًا».
- أفضلُ النَّاسِ مَهَارةً اجتماعيَّةً، أميلُهُم للعُزلةِ.. وأفضلُ النَّاسِ حكمةً، أقدرُهُم علَى السُّكوتِ وتركِ الجِدالِ. الصِّيامُ عَن كلامِ النَّاسِ، مِن الفضائلِ التعبُّديَّةِ المَنسيَّة.. «فلَنْ أُكَلِّمَ اليَومَ إِنْسِيًّا» (مريم، 26)، لكنَّ الصَّمتَ، يحتاجُ إلَى عزمٍ شديدٍ، وقُدرةٍ رهيبةٍ. وحينَ تودُّ أنْ تفهَمَ.. فتساءَل، ثمَّ انصرفْ إلى الصَّمتِ، والتأمُّلِ، والتدبُّرِ، والمُلاحظةِ، والقراءةِ، والاستماعِ.. يجبُ أنْ تكونَ صامتًا كَي تتلقَّى الإجاباتِ.. أنْ تكُفَّ عنْ الضَّجيجِ حتَّى تستمعَ للهَمْسِ.
- أطِل الصَّمتَ ولا تُثرثِرَ.. النَّاسُ يُحبُّونَ الثِّرثارَ المُتفيهِقَ؛ لأنَّه يُسلِّيهِم ويُرفِّه عنهُم، لكنَّهم يَملُّونَهُ عاجلًا، ويختلفُونَ إلى غيرهِ سريعًا!. أمَّا أنتَ يَا صديقِي، فستتحدَّثُ وكأنَّكَ مَا تحدَّثتَ.. وستتكلَّمُ وكأنَّكَ لمْ تنطِقْ بِحرفٍ.. ستحاولُ أنْ تشرحَ، وتُفسِّرَ، وتبرِّرَ.. بِلا فائدةٍ.. ثمَّ تلجأُ إلى الصَّمتِ، فيتوجَّسُونَ مِنكَ، ثمَّ تبحثُ عَن شخصٍ يستوعبُ صمْتكَ، ويفهمُ امتعاضَكَ، ويَحتوِي ألمَكَ.. فلَا تجِد.. ثمَّ فِي النهايةِ، تموتُ مُتخَمًا بالمَعانِي والأفكارِ، بإباءِ الكَبتِ، وِكبرياءِ الصَّمتِ، واعتزازِ الكِتمانِ.