كتاب

هنا في مهبط الوحي.. مكة المكرمة

الحجُّ، هذَا المؤتمرُ العالميُّ الذِي يلتقِي فيهِ الإنسانُ بعالمِ الحقيقةِ، ليشعرُ بخروجهِ مِن دنياهُ إلى ربِّهِ -عزَّ وجلَّ-، يجتمعُ حجَّاجُ بيتهِ فِي هذهِ البقعةِ الطَّاهرةِ، يأتُونَ فوجًا بعدَ فوجٍ مِن كلِّ بقاعِ الدُّنيَا علَى مكانٍ واحدٍ، وبلباسٍ واحدٍ، وبلسانٍ واحدٍ يُردِّدُونَ: (لبَّيك اللهُمَّ لبَّيك)، يُلبُّون دعوةَ ربِّهِم، ويمتثلُونَ لأمرِهِ -جلَّ وعلَا-: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)، قلوبُهم مُعلَّقةٌ بالطَّاعةِ، ينتظرُونَ رحمتَهُ تعالَى، يرفعُونَ أيديهُم يسألُونَ اللهَ المغفرةَ والثَّوابَ، هذهِ الحكمةُ الإلهيَّةُ تحملُ كثيرًا مِن المشاعرِ والأحاسيسِ، والتِي أهمهَا شعورُ الحجيجِ بأنَّهُم فِي موقفٍ عظيمٍ، وموقفٍ مشهودٍ؛ لتعظيمِ هذهِ البقعةِ الطَّاهرةِ فِي مهبطِ الوحيِ، ومنبعِ الرسالاتِ السماويَّةِ، هنَا فِي مكَّة المكرَّمة يقفُونَ بينَ يدَيِّ اللهِ، يطوفُونَ ببيتِهِ العتيقِ، وأيديهُم تلمسُ الملتزمَ، وأبصارهُم نحوَ المكانِ، الذِي وقفَ فيهِ المصطفَى -عليهِ صلواتُ اللهِ- عندَ بابِ الكعبةِ، عندمَا فتحَ مكَّة.

هنَا فِي مكَّة المكرَّمة، البلدِ الآمنِ، والبيتِ المعمورِ، وقبلةِ الدنيَا، وقصَّةِ الحبِّ النادرةِ التِي نعيشُ تفاصيلَهَا فِي مهوَى الأفئدةِ، إنَّه الحبُّ الذِي يجعلُ قلوبَ المؤمنِينَ فِي حالةِ اتِّصالٍ دائمٍ معَ ربِّ العبادِ، ويجعلُ الاطمئنانَ يُغلِّفُ قلوبَ كلِّ مَن يقصدُ الروحانيَّةَ والسكينةَ والهدوءَ، ويرجُو رحمةَ ربِّهِ وغفرانَهُ، وكأنَّهَا الهدايَا التِي تأتِي دونَ موعدٍ، وتتركُ الأثرَ الجميلَ فِي ثنايَا الرُّوحِ، هدايَا ربِّ العالمِينَ التِي لَا تنفدُ، وتُحقِّقُ الأمنياتِ الكثيرةَ، فنحنُ -العبادَ الفقراءَ إلى اللهِ- نرفعُ أكفَّنَا فِي فضاءِ رحمتهِ، وقلوبنَا تدعُو، ووعدُهُ هُو الحقُّ المُبينُ.. نعمْ، هنَا فِي مكَّة المكرَّمة، وهُو -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يُخاطبُ بنِي قومِهِ: ماذَا تظنُّونَ أنِّي فاعلٌ بِكُم؟ فأتَاه جوابُهم: أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ، فكانَ الصفحُ المنبعثُ من النَّفسِ التِي ربَّاهَا مولاهَا، وملأهَا حبًّا، وزكَّاهَا أصلًا وفطرةً، فنظرَ إلى وجوهِهم فِي المكانِ الذِي أحبَّ، والأرضِ التِي عشقَ بينَ الحجونِ إلى الصَّفَا، فهتفَ فِي أسماعِهم (اذْهبُوا فأنتُم الطُّلقاءُ).. عليكَ صلَّى اللهُ وملائكتُهُ الكرامُ، يَا مَن أنقذَ اللهُ بهديِكَ النُّفوسَ مِن غيِّهَا وضلالِهَا، فلتمتلئُ النُّفوسُ بإذنِ بارئِهَا حبًّا وتسامحًا، ولتلتقِ النُّفوسُ علَى صفاءٍ وحبٍّ ونقاءٍ.


* رسالة:

(وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، اللهُمَّ اجعلْ لنَا فيهَا أفضلَ الأعمالِ، وأحسنَ الطاعاتِ، واجعلْ لنَا نصيبًا مِن الرحمةِ والمغفرةِ، واستجابةِ الدُّعاءِ.

أخبار ذات صلة

مُد يدك للمصافحة الذهبية
السعودية.. الريادة والدعم لسوريا وشعبها
المتيحيون الجدد!
المديرون.. أنواع وأشكال
;
أين برنامج (وظيفتك وبعثتك) من التطبيق؟!
علي بن خضران.. يد ثقافية سَلفتْ!
من يدير دفة الدبلوماسية العامة الأمريكية؟!
الرياض.. بيت العرب
;
جميل الحجيلان.. قصص ملهمة في أروقة الدبلوماسية
الجزيـــــــرة
إدارة الجماهير.. وإرضاؤهم
المملكة.. ودعم استقرار سوريا
;
ولي العهد.. أبرز القادة العرب المؤثرين
العمل بعمق
(الروبوت).. الخطر القادم/ الحالي
عشوائية مكاتب (الاستقدام)!