كتاب
ليه ما عزمتوني؟!
تاريخ النشر: 11 يونيو 2024 23:56 KSA
كلُّ حكاياتِ الطفيليِّينَ وأخبارهُم التِي تملأُ بطونَ كتبِ التُّراثِ، لا تساوي -فِي نظرِي- شيئًا أمامَ قصصِ خلفائِهم الحاليِّينَ ممَّن يحملُونَ رايةَ التطفُّلِ اليومَ، ويدافعُونَ عَن هذهِ الصنعةِ الثقيلةِ، و(الغثيثةِ).. وكلُّ نوادرِ وطرائفِ طفيل بن دلال؛ وبنان؛ وعثمان بن دراج وغيرِهم مِن محبِّي الموائدِ، التِي حفظتهَا بطونُ كتبِ الأدبِ العربيِّ، تبدُو قاصرةً وعاجزةً أمامَ (شطحاتِ) طفيليِّي هذهِ الأيام، خصوصًا بعدَ أنْ طوَّر (المتطفِّلُونَ الجددُ) من أدواتِهم، وأصبحُوا أكثرَ جرأةً وأقوَى عينًا من أسلافِهِم، فلمْ يعودُوا يكتفُونَ بالتسلُّلِ للموائدِ، والحضورِ الصَّامتِ للمناسباتِ بلا دعوةٍ، كما كانَ أسلافُهم (الطيِّبُون) يفعلُونَ، بلْ زادُوا علَى ذلكَ بالتبجُّحِ مِن خلالِ التهجُّمِ وتوجيهِ اللومِ لأصحابِ المناسباتِ والولائمِ، وتقريعِهم وربَّمَا تعنيفِهم بالسُّؤالِ الوقحِ: «ليه مَا عزمتونِي؟!».
وإذَا كانَ الظُرفُ وخفَّةُ الدَّمِ هِي ميزةُ أشعب و(ربعِهِ) مِن متطفِّلِي العصورِ السَّابقةِ، الذِينَ كانُوا يتجمَّلُونَ بالنوادرِ والكلامِ اللَّطيفِ الظَّريفِ، ليكونُوا (مهضومِينَ)، وأكثرَ قبولًا علَى الموائدِ، فإنَّ جماعةَ (ليه مَا عزمتونِي) وعلَى العكسِ منهُم؛ يتَّصفُونَ بالجمودِ والعبوسِ وقلَّةِ الحياءِ، يقولُ أحدُهم بعدمَا سألتُه: كيفَ يجرؤُ علَى حضورِ مناسبةٍ عندَ أحدِ الوجهاءِ دونَ دعوةٍ؟: «المرَّة الأُولَى مَا يعزمنِي.. الثَّانية مَا يعزمنِي، لكنْ الثالثةَ أكيد بيعرفنِي ويعزمنِي»!.
العجيبُ أنَّ هذهِ الكائناتِ الأنانيَّةَ التِي لا تضعُ للكرامةِ ولَا لماءِ الوجهِ أيَّ اعتبارٍ، لا تخجلُ حالَ علمِهَا بمناسبةٍ مَا؛ مِن الاتِّصالِ بأصحابِ المناسبةِ والطَّلب منهُم صراحةً وبشكلٍ مثيرٍ للشفقةِ إرسالَ دعواتٍ لهُم، هدفهُم مِن هذَا؛ (الترزُّز) والتسلُّقُ والصعودُ، ولو طلبت مِن أحدِهم مرافقتَكَ لزيارةِ مريضٍ؛ أو شخصٍ متواضعِ الحالِ لأوجدَ لكَ ألفَ عذرٍ، وعذرٍ، فالمنافعُ هِي هدفُهُم وهِي مَن تحركهم.. والأكثرُ عجبًا أنَّ أدبياتِهم لا تتورَّعُ عن التفتيشِ فِي أسرارِ النَّاسِ وشؤونِهم الخاصَّةِ فِي كلِّ مناسبةٍ، من خلالِ أسئلةِ التطفُّلِ السخيفةِ، فتجدهُم يسألونكَ: كمْ راتبُكَ؟! وكمْ رصيدُكَ البنكيُّ؟ وبكم اشتريتَ سيارتكَ؟ وماذَا لديكَ من الممتلكاتِ والعقاراتِ؟ وغيرهَا مِن الأسئلةِ التِي لا تزيدهُم إلَّا حسدًا وسُعارًا.
(ليه مَا عزمتونِي؟).. سؤالٌ مثيرٌ للاشمئزازِ، لا يقصدُ منهُ المعاتبةَ المُحِبَّةَ للمشاركةِ الاجتماعيَّةِ كمَا قد يتبادرُ إلى ذهنِكَ، بلْ هُو دليلٌ إمَّا علَى شخصيَّةٍ ضعيفةٍ، لا تثقُ في نفسِهِا ولَا فِي حضورِهَا الاجتماعيِّ.. أو شخصيَّةٍ (حِشريَّةٍ) من قططِ الموائدِ التِي اعتادتِ العيشَ علَى فتاتِ طعامِ المناسباتِ، وتقتاتُ علَى أخبارِ النَّاسِ وخصوصيَّاتِهم.
يُقالُ إنَّ أحدَ هواميرِ هذهِ الشَّريحةِ دخلَ إلى مطعمٍ وسألَ المحاسبَ: عندكُم عشاءٌ؟ فردَّ المحاسبُ: نعمْ عندنَا عشاءٌ. فقالَ صاحبنَا بسرعةٍ وبحُكمِ التعوَّدِ: طيِّب ليه مَا عزمتونِي؟!.
وإذَا كانَ الظُرفُ وخفَّةُ الدَّمِ هِي ميزةُ أشعب و(ربعِهِ) مِن متطفِّلِي العصورِ السَّابقةِ، الذِينَ كانُوا يتجمَّلُونَ بالنوادرِ والكلامِ اللَّطيفِ الظَّريفِ، ليكونُوا (مهضومِينَ)، وأكثرَ قبولًا علَى الموائدِ، فإنَّ جماعةَ (ليه مَا عزمتونِي) وعلَى العكسِ منهُم؛ يتَّصفُونَ بالجمودِ والعبوسِ وقلَّةِ الحياءِ، يقولُ أحدُهم بعدمَا سألتُه: كيفَ يجرؤُ علَى حضورِ مناسبةٍ عندَ أحدِ الوجهاءِ دونَ دعوةٍ؟: «المرَّة الأُولَى مَا يعزمنِي.. الثَّانية مَا يعزمنِي، لكنْ الثالثةَ أكيد بيعرفنِي ويعزمنِي»!.
العجيبُ أنَّ هذهِ الكائناتِ الأنانيَّةَ التِي لا تضعُ للكرامةِ ولَا لماءِ الوجهِ أيَّ اعتبارٍ، لا تخجلُ حالَ علمِهَا بمناسبةٍ مَا؛ مِن الاتِّصالِ بأصحابِ المناسبةِ والطَّلب منهُم صراحةً وبشكلٍ مثيرٍ للشفقةِ إرسالَ دعواتٍ لهُم، هدفهُم مِن هذَا؛ (الترزُّز) والتسلُّقُ والصعودُ، ولو طلبت مِن أحدِهم مرافقتَكَ لزيارةِ مريضٍ؛ أو شخصٍ متواضعِ الحالِ لأوجدَ لكَ ألفَ عذرٍ، وعذرٍ، فالمنافعُ هِي هدفُهُم وهِي مَن تحركهم.. والأكثرُ عجبًا أنَّ أدبياتِهم لا تتورَّعُ عن التفتيشِ فِي أسرارِ النَّاسِ وشؤونِهم الخاصَّةِ فِي كلِّ مناسبةٍ، من خلالِ أسئلةِ التطفُّلِ السخيفةِ، فتجدهُم يسألونكَ: كمْ راتبُكَ؟! وكمْ رصيدُكَ البنكيُّ؟ وبكم اشتريتَ سيارتكَ؟ وماذَا لديكَ من الممتلكاتِ والعقاراتِ؟ وغيرهَا مِن الأسئلةِ التِي لا تزيدهُم إلَّا حسدًا وسُعارًا.
(ليه مَا عزمتونِي؟).. سؤالٌ مثيرٌ للاشمئزازِ، لا يقصدُ منهُ المعاتبةَ المُحِبَّةَ للمشاركةِ الاجتماعيَّةِ كمَا قد يتبادرُ إلى ذهنِكَ، بلْ هُو دليلٌ إمَّا علَى شخصيَّةٍ ضعيفةٍ، لا تثقُ في نفسِهِا ولَا فِي حضورِهَا الاجتماعيِّ.. أو شخصيَّةٍ (حِشريَّةٍ) من قططِ الموائدِ التِي اعتادتِ العيشَ علَى فتاتِ طعامِ المناسباتِ، وتقتاتُ علَى أخبارِ النَّاسِ وخصوصيَّاتِهم.
يُقالُ إنَّ أحدَ هواميرِ هذهِ الشَّريحةِ دخلَ إلى مطعمٍ وسألَ المحاسبَ: عندكُم عشاءٌ؟ فردَّ المحاسبُ: نعمْ عندنَا عشاءٌ. فقالَ صاحبنَا بسرعةٍ وبحُكمِ التعوَّدِ: طيِّب ليه مَا عزمتونِي؟!.