كتاب
«زيدان» لم يُفرِّق بين كتابة القرآن.. وجمعه ونسخه
تاريخ النشر: 03 يوليو 2024 22:58 KSA
في حلقة برنامج السؤال الصعب التي بُثّت في10/6/2024م بقناة سكاي نيوز عربية، جاء الدكتور يوسف زيدان بأمر لم يسبقه فيه مستشرق ممّن اهتموا بالدراسات القرآنية؛ إذ قال عن القرآن عندما ذكّرته المذيعة بمقولته عن حرق المصحف في الغرب: «لن يضر القرآن شيء لو أُحرقت منه مليون نسخة»، سألته: لو حُرِق المصحف أمامك ماذا تفعل؟ فأجابها طبيعي أغضب.. وأغضب لو حرق الإنجيل». ثم استطرد قائلًا: «اسمه قرآن.. قرآن يُقرأ. كتابته جاءت لأسباب سياسية قام بها عثمان بن عفّان بعد اكتمال الدين بسنواتٍ طويلة، وبعد خلافة أبي بكر وعمر بن الخطّاب، كتب عثمان بن عفّان المصحف الجامع حسب ما روي في كتب التاريخ». ويستطرد قائلًا: «أظن أنا من القلائل اللي شافوا هذا المصحف في طشقند، سمح لي رئيس الجمهورية أن أقضي يومًا كاملًا معه، فحصته وطلع عندي أنّه كتب في أواخر القرن الهجري الأول، وليس في عهد عثمان، ليست هذه القضية. القضية أنّ المكتوب المتداول هذا ليس كلام الله! كلام الله يقرأ مسموع!!.
واسأله هنا: كيف يُقرأ الذي لا يُكتب؟، حضرتك تطالب الناس بتحكيم عقولهم في الحكم على الأمور، فهل حكّمت عقلك عند قولك هذا؟.. القراءة عملية عقلية، تعني إدراك القارئ للنص المكتوب وفهمه واستيعاب محتوياته، فهل غاب عن عقلك هذا المعنى؟!.
وممّا يثير الدهشة تجاهل زيدان أنّ كل آية قرآنية كتبت لحظة نزولها من قِبل كُتّاب الوحي في صحف متفرّقة، فكيف يكون قرآنًا يُقرأ، إن لم يُكتب؟!.
فالنبي الكريم أشرف على عملية كتابة القرآن فور نزوله، فقد كان له كُتَّاب للوحي، كلما نزل شيء من القرآن أمرهم بكتابته، وقد كان النبي يتعهد الكُتّاب بالعناية والمتابعة، فيحدد لهم المكان الذي يضعون فيه الآيات الجديدة التي كتبوها في مجلس، ويراجع معهم ما كتبوه.
لقد أثبت القرآن الكريم نفسه؛ حقيقة وجود الترتيب المصحفي، وجاء ببرهان قوي في سورة «القيامة»: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ).. وجمعه يعني تنظيم الآيات والسور، وهذا التنظيم لا يمكن صنعه إلاَّ وفق ترتيب محدود، ألا وهو الترتيب الإلهي، وهنا يبدو واضحًا أنَّ الله سبحانه وتعالى لم ينزل الوحي فقط، ولكنه أنزل معه تنظيمه وجمعه، وأسماء السور وترتيبها.
وقد كان عليه الصلاة والسلام يراجع القرآن مع جبريل عليه السلام في رمضان كل سنة، فلما كانت السنة التي توفي فيها راجعه مرتين كما في الصحيحين عن فاطمة رضي الله عنها «أنّ جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين وأنّه عارضه الآن (السنة التي توفي فيها) مرتين».
وقد شهد العرضة الأخيرة جمع كبير من الصحابة لا يمكن حصرهم، وهذه العرضة هي التي رتب عليها القرآن الكريم عند كتابته وجمعه في عهد أبي بكر ونُسخت نسخ منه في عهد عثمان رضي الله عنهما؛ إذ بُدِء جمعه في عهد أبي بكر سنة 12هـ، وذلك عند استشهاد أكثر من سبعين من قراء الصحابة في موقعة اليمامة، فقد اشتد ذلك على الصحابة، ولاسيما عمر بن الخطاب فاقترح على أبي بكر أن يجمع القرآن خشية ضياعه بموت الحفاظ واستشهاد القراء. وأوكل لزيد بن ثابت مهمة جمع القرآن وبدأ بجمعه اعتمادًا على مصدرين هما: ما كُتب أمامه عليه الصلاة والسلام وبإملاء منه، وكان زيد نفسه من كتاب الوحي.. والذي جمع في مصحف أبي بكر، ما ثبت اعتماده في العرضة الأخيرة، وهو الأساس الذي كان عليه مصحف عثمان رضي الله عنه، وهو المصحف المتداول بين أيدينا الآن.
وبعد الانتهاء من جمعه، سلّمه لأم المؤمنين السيدة حفصة لتحفظه عندها، وعندما رأى حذيفة بن اليمان -كما روى البخاري- اختلاف القراء، فأفزع حذيفة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثمّ نردّها إليك؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف.
وهكذا نجد الدكتور يوسف زيدان تعمد التشكيك في صحة القرآن الكريم بقوله: كُتب لأسباب سياسية في عهد عثمان بن عفان ليبرر لمقولته الخطيرة الباطلة: «المكتوب المتداول هذا (يقصد القرآن الكريم) ليس كلام الله! كلام الله يُقرأ مسموع!.. أي أنكر أن القرآن الكريم (يلاحظ عدم وصفه القرآن بالكريم) ليس بكلام الله؛ بل نجده لم يقل قرآن، وإنما قال عنه: «المكتوب المتداول هذا»؛ لذا نجده حول غضبه على حرق القرآن الكريم إلى غضبه على حرق الإنجيل.
أمّا عن تشكيكه أنّ مخطوطة مصحف عثمان الموجودة في طشقند ليست مصحف عثمان، وإنّما كُتب في أواخر القرن الهجري الأول، أسأله هنا: هل فحصتَ تأريخ مخطوطة المصحف بالكربون 14، وهو الفحص المخبري الأكثر حسمًا في هذه الحالة لتأريخ عُمْر الورق؟، وهل أنتَ متخصص في هذا النوع من الفحص؟.
وأخيرًا أقول: ماذا بعد إنكار الدكتور زيدان بأنّ القرآن الكريم ليس بكلام الله؟!.
واسأله هنا: كيف يُقرأ الذي لا يُكتب؟، حضرتك تطالب الناس بتحكيم عقولهم في الحكم على الأمور، فهل حكّمت عقلك عند قولك هذا؟.. القراءة عملية عقلية، تعني إدراك القارئ للنص المكتوب وفهمه واستيعاب محتوياته، فهل غاب عن عقلك هذا المعنى؟!.
وممّا يثير الدهشة تجاهل زيدان أنّ كل آية قرآنية كتبت لحظة نزولها من قِبل كُتّاب الوحي في صحف متفرّقة، فكيف يكون قرآنًا يُقرأ، إن لم يُكتب؟!.
فالنبي الكريم أشرف على عملية كتابة القرآن فور نزوله، فقد كان له كُتَّاب للوحي، كلما نزل شيء من القرآن أمرهم بكتابته، وقد كان النبي يتعهد الكُتّاب بالعناية والمتابعة، فيحدد لهم المكان الذي يضعون فيه الآيات الجديدة التي كتبوها في مجلس، ويراجع معهم ما كتبوه.
لقد أثبت القرآن الكريم نفسه؛ حقيقة وجود الترتيب المصحفي، وجاء ببرهان قوي في سورة «القيامة»: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ).. وجمعه يعني تنظيم الآيات والسور، وهذا التنظيم لا يمكن صنعه إلاَّ وفق ترتيب محدود، ألا وهو الترتيب الإلهي، وهنا يبدو واضحًا أنَّ الله سبحانه وتعالى لم ينزل الوحي فقط، ولكنه أنزل معه تنظيمه وجمعه، وأسماء السور وترتيبها.
وقد كان عليه الصلاة والسلام يراجع القرآن مع جبريل عليه السلام في رمضان كل سنة، فلما كانت السنة التي توفي فيها راجعه مرتين كما في الصحيحين عن فاطمة رضي الله عنها «أنّ جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين وأنّه عارضه الآن (السنة التي توفي فيها) مرتين».
وقد شهد العرضة الأخيرة جمع كبير من الصحابة لا يمكن حصرهم، وهذه العرضة هي التي رتب عليها القرآن الكريم عند كتابته وجمعه في عهد أبي بكر ونُسخت نسخ منه في عهد عثمان رضي الله عنهما؛ إذ بُدِء جمعه في عهد أبي بكر سنة 12هـ، وذلك عند استشهاد أكثر من سبعين من قراء الصحابة في موقعة اليمامة، فقد اشتد ذلك على الصحابة، ولاسيما عمر بن الخطاب فاقترح على أبي بكر أن يجمع القرآن خشية ضياعه بموت الحفاظ واستشهاد القراء. وأوكل لزيد بن ثابت مهمة جمع القرآن وبدأ بجمعه اعتمادًا على مصدرين هما: ما كُتب أمامه عليه الصلاة والسلام وبإملاء منه، وكان زيد نفسه من كتاب الوحي.. والذي جمع في مصحف أبي بكر، ما ثبت اعتماده في العرضة الأخيرة، وهو الأساس الذي كان عليه مصحف عثمان رضي الله عنه، وهو المصحف المتداول بين أيدينا الآن.
وبعد الانتهاء من جمعه، سلّمه لأم المؤمنين السيدة حفصة لتحفظه عندها، وعندما رأى حذيفة بن اليمان -كما روى البخاري- اختلاف القراء، فأفزع حذيفة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثمّ نردّها إليك؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف.
وهكذا نجد الدكتور يوسف زيدان تعمد التشكيك في صحة القرآن الكريم بقوله: كُتب لأسباب سياسية في عهد عثمان بن عفان ليبرر لمقولته الخطيرة الباطلة: «المكتوب المتداول هذا (يقصد القرآن الكريم) ليس كلام الله! كلام الله يُقرأ مسموع!.. أي أنكر أن القرآن الكريم (يلاحظ عدم وصفه القرآن بالكريم) ليس بكلام الله؛ بل نجده لم يقل قرآن، وإنما قال عنه: «المكتوب المتداول هذا»؛ لذا نجده حول غضبه على حرق القرآن الكريم إلى غضبه على حرق الإنجيل.
أمّا عن تشكيكه أنّ مخطوطة مصحف عثمان الموجودة في طشقند ليست مصحف عثمان، وإنّما كُتب في أواخر القرن الهجري الأول، أسأله هنا: هل فحصتَ تأريخ مخطوطة المصحف بالكربون 14، وهو الفحص المخبري الأكثر حسمًا في هذه الحالة لتأريخ عُمْر الورق؟، وهل أنتَ متخصص في هذا النوع من الفحص؟.
وأخيرًا أقول: ماذا بعد إنكار الدكتور زيدان بأنّ القرآن الكريم ليس بكلام الله؟!.