كتاب
الملح والمكسرات.. والبدوية الشريفة!!
تاريخ النشر: 13 يوليو 2024 23:44 KSA
أقيسُ ضغطَ دَمِي بينَ الفيْنةِ والأُخْرَى، وسِيرتِي معهُ تخطُو بشكلٍ مقبولٍ -بفضلِ اللهِ- وعساهَا تدومُ طيلةَ مُكْثِي فِي الدُّنيَا التِي قالَ عنهَا أبو العتاهيةِ:
حَلَاوتُهَا مَمْزُوجَةٌ بِمرَارَةٍ
وَرَاحَتُهَا مَخْلُوطَةٌ بِعَنَاءِ!
وكلُّنَا يعرفُ المُكسَّراتِ، وكُلُّنَا يحبُّ أكلَهَا، وَهِي بذاتِهَا لَا ترفعُ ضغطَ الدَّمِ، بلْ تُفيدُ الجسمَ كثيرًا بمَا فِيهَا مِن عناصرَ غذائيَّةٍ وأليافٍ، بلْ وتُخفِّضُ الضغطَ فيمَا لوْ أُكِلَتْ خاليةً تمامًا مِن الصُّوديُومِ الموجودِ فِي المِلْحِ!.
وتُجَّارُ المُكسَّراتِ، وفِي سبيلِ حفظِ بضاعتِهِم، وإضافةِ النَّكهاتِ اللَّذيذةِ عليهَا، يغرفُونَ المِلْحَ عَليهَا غَرْفًا، وأَرَاهُم يتجاوزُونَ النِّسبةَ المقبولةَ صحيًّا مِن التَّمليحِ، وَلوْ أردتُم معرفةَ حجمِ المِلْحِ المُحمَّصِ معَهَا وموادهَا الحافِظَة، فاغسلُوا المُكسَّراتِ فِي وعاءٍ، وانظرُوا إلَى الماءِ كيفَ يُصبحُ مُعكِّرًا، وكأنَّهُ خارجٌ مِن مواسيرِ مصفاةِ زيوتِ سيَّاراتٍ غيرِ مُكرَّرةٍ!.
وقبلَ أيَّامٍ قِسْتُ ضغطِي وكانَ عالَ العَالِ، فاشتهيْتُ أكْلَ بعضٍ مِن الكاجُو والفُستقِ، ولَمْ أجدْ منهمَا إلَّا النوَّعَ ذَا المِلْحِ القليلِ، فأكلْتُ حِفْنةً أو حِفْنتَيْن، أو خُمْشة أو خُمْشتَيْن كمَا يُقالُ بلسانِ أهلِ جدَّة، وشعرْتُ بعدَهَا بألمٍ يُشبهُ ألمَ الشدِّ العضليِّ فِي مؤخِّرةِ الرَّأسِ، وكأنَّنِي مارستُ رياضةً شاقَّةً وعنيفةً، فقِسْتُ ضغطِي ووجدتُهُ قافزًا إلى الأعلَى؛ بعدَ أنْ كانَ مُستقرًّا فِي الحدودِ الطبيعيَّةِ، كمَا يقفزُ رونالدُو فوقَ المدافعِينَ ويُسجِّلُ برأسِهِ هدفًا جميلًا فِي مرمَى الخُصومِ!.
وهذَا بسببِ مُكسَّراتٍ قليلةِ المِلْحِ! فليتَ شعرِي ماذَا كانَ سيحدثُ لوْ كانتْ كثيرةَ المِلْحِ، كمَا هِي معظم المُكسَّراتِ المُباعةِ لدينَا مخافةَ ألَّا تفسدَ وتجيفَ؟.
وهنا تذكَّرْتُ ما دار بين البدوية الشريفة في قديم الزمان، عندما راودها عن نفسها شيخُ قبيلتها، خلال غياب زوجها، وقالت له: يا شيخ حتَّى لا يجيف اللَّحم (أي يتحوَّل إلى جيفة) يرشُّون عليه الملح!، فمن يُصلِحُ اللَّحم إذا المِلْحُ فَسَدَ؟! وقصدت من ذلك توبيخه بأدب؛ لأنَّ شيخ القبيلة مثل المِلْح الحافظ للَّحم الذي هو هنا عِرْض وشرف النساء، فاستحيى الشيخ، وأقلع عن نيَّته الخبيثة!.
أمَّا المُكسَّراتُ فمَن يُصلحهَا إذَا المِلْحُ قدْ فَسَدَ وأفسدهَا معهُ؟! وسلامتكُم.
حَلَاوتُهَا مَمْزُوجَةٌ بِمرَارَةٍ
وَرَاحَتُهَا مَخْلُوطَةٌ بِعَنَاءِ!
وكلُّنَا يعرفُ المُكسَّراتِ، وكُلُّنَا يحبُّ أكلَهَا، وَهِي بذاتِهَا لَا ترفعُ ضغطَ الدَّمِ، بلْ تُفيدُ الجسمَ كثيرًا بمَا فِيهَا مِن عناصرَ غذائيَّةٍ وأليافٍ، بلْ وتُخفِّضُ الضغطَ فيمَا لوْ أُكِلَتْ خاليةً تمامًا مِن الصُّوديُومِ الموجودِ فِي المِلْحِ!.
وتُجَّارُ المُكسَّراتِ، وفِي سبيلِ حفظِ بضاعتِهِم، وإضافةِ النَّكهاتِ اللَّذيذةِ عليهَا، يغرفُونَ المِلْحَ عَليهَا غَرْفًا، وأَرَاهُم يتجاوزُونَ النِّسبةَ المقبولةَ صحيًّا مِن التَّمليحِ، وَلوْ أردتُم معرفةَ حجمِ المِلْحِ المُحمَّصِ معَهَا وموادهَا الحافِظَة، فاغسلُوا المُكسَّراتِ فِي وعاءٍ، وانظرُوا إلَى الماءِ كيفَ يُصبحُ مُعكِّرًا، وكأنَّهُ خارجٌ مِن مواسيرِ مصفاةِ زيوتِ سيَّاراتٍ غيرِ مُكرَّرةٍ!.
وقبلَ أيَّامٍ قِسْتُ ضغطِي وكانَ عالَ العَالِ، فاشتهيْتُ أكْلَ بعضٍ مِن الكاجُو والفُستقِ، ولَمْ أجدْ منهمَا إلَّا النوَّعَ ذَا المِلْحِ القليلِ، فأكلْتُ حِفْنةً أو حِفْنتَيْن، أو خُمْشة أو خُمْشتَيْن كمَا يُقالُ بلسانِ أهلِ جدَّة، وشعرْتُ بعدَهَا بألمٍ يُشبهُ ألمَ الشدِّ العضليِّ فِي مؤخِّرةِ الرَّأسِ، وكأنَّنِي مارستُ رياضةً شاقَّةً وعنيفةً، فقِسْتُ ضغطِي ووجدتُهُ قافزًا إلى الأعلَى؛ بعدَ أنْ كانَ مُستقرًّا فِي الحدودِ الطبيعيَّةِ، كمَا يقفزُ رونالدُو فوقَ المدافعِينَ ويُسجِّلُ برأسِهِ هدفًا جميلًا فِي مرمَى الخُصومِ!.
وهذَا بسببِ مُكسَّراتٍ قليلةِ المِلْحِ! فليتَ شعرِي ماذَا كانَ سيحدثُ لوْ كانتْ كثيرةَ المِلْحِ، كمَا هِي معظم المُكسَّراتِ المُباعةِ لدينَا مخافةَ ألَّا تفسدَ وتجيفَ؟.
وهنا تذكَّرْتُ ما دار بين البدوية الشريفة في قديم الزمان، عندما راودها عن نفسها شيخُ قبيلتها، خلال غياب زوجها، وقالت له: يا شيخ حتَّى لا يجيف اللَّحم (أي يتحوَّل إلى جيفة) يرشُّون عليه الملح!، فمن يُصلِحُ اللَّحم إذا المِلْحُ فَسَدَ؟! وقصدت من ذلك توبيخه بأدب؛ لأنَّ شيخ القبيلة مثل المِلْح الحافظ للَّحم الذي هو هنا عِرْض وشرف النساء، فاستحيى الشيخ، وأقلع عن نيَّته الخبيثة!.
أمَّا المُكسَّراتُ فمَن يُصلحهَا إذَا المِلْحُ قدْ فَسَدَ وأفسدهَا معهُ؟! وسلامتكُم.