كتاب

الفنـادق العشوائية

حكى سائح داخلي، أنه: «حين وصلت للشقق الفندقية التي حجزت فيها بإحدى المناطق الجنوبية، لقضاء إجازة عائلية قصيرة والاستمتاع بالأجواء العليلة والمناظر الخلابة، وبينما كنت أقف أمام موظف الاستقبال: حضر عدة اشخاص من مختلف شرائح المجتمع يسألون عن غرف وأجنحة صغيرة، والحقيقة أنني صعقت من تصرفة الجريء، وكأنني أنظر إلى لعبة اليانصيب وليس إلى موظف تحكمه تعليمات وقوانين، حيث إنه كان يتلاعب بتحديد الأسعار: إذا رأى سعودياً مرسماً حاول استغلاله، وإذا رأى امرأة متأنقة عدل جلسته وهذب كلامه وراعها، وإذا رأى أجنبياً مثله أجره بتراب الفلوس وفوقها ابتسامة عريضة»!!

الحقيقة أن لدينا، مدناً سياحية عالمية، تتصدرها منطقة الباحة التي تتميز بالطبيعة الساحرة والشلالات الهادرة والغابات الكثيفة، تليها منطقة أبها البهية التي تطرزها النهضة العمرانية والمنتزهات الحضارية، ثم محافظة الطائف التي تزينها الإطلالات الشاهقة والأجواء العليلة، بجانب قربها من أهم المدن الرئيسية، لكن ما يعيبها جميعاً، تلك (الفنادق العشوائية)، التي تتفنن في تطفيش المصطافين، وتشويه السياحة الداخلية، بفرض الأسعار الخيالية!!


لقد مر على (نظام الفنادق)، الصادر 1395هـ (نصف قرن)، وبات حرياً بالسلطة التشريعية، دراسة تعديله بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، والتي تعتبر قطاع السياحة أهم روافد النهضة الاقتصادية، حتى غدت بفضل تأشيرة الزيارة المفتوحة أكثر ترحيباً بالسياح من شتى أصقاع المعمورة، كما بات حرياً بالسلطة التنظيمية، إعادة النظر بمعايير ترخيص وتصنيف مرافق الضيافة السياحية (الفنادق)، وعدم إطلاق العنان للملاك والمستثمرين، بتحسين متوسط السعر اليومي للموازنة بين تكاليف التشغيل وطلب السوق، بل يجب وضع أسعار ثابتة ومناسبة تعلق بشكل بارز خلف (الريسبشن) وتطبق على العامة دون انتقائية ولا عنصرية.

لكن كيف للسياحة الداخلية، أن تستهوي وتستقطب المزيد من السياح الأجانب، وهناك من يدفعه جشعه لتنفير السياح الداخليين من الاستمتاع بمصايف ربوع بلادهم، لقد هربوا من حرارة أجواء المدن فاصطدموا بحرارة أسعار الفنادق، لذلك فضل الكثيرون منهم إراحة رؤسهم وتجنب كل هذا العناء والغلاء، وذلك بالذهاب إلى البوسنة، أو طرابزون والشمال التركي، أو جورجيا وبولندا وشرق آسيا، والاستمتاع بإجازة صيفية هادئة وطويلة ورخيصة وفيها خيارات إضافية!!


وفي الختام، يكمل السائح الداخلي حكايته: «صعدت لشقتي الفندقية، التي كانت للأمانة شرحة ومجهزة بالأدوات المنزلية، وتطل على أشهر الشوارع الرئيسية، وبفعل إرهاق السفر، غرقنا بسبات عميق، وحين أفقت أردت الذهاب لشراء بعض المقاضي الضرورية، وما أن سحب ابني بطاقة مفتاح الكهرباء ليضعها بالباب ويفتحه، حتى حدث ماس وتصاعدت ألسنة الدخان، فحاولت فتح الباب لكنه موصد، فهرعت للاتصال بموظف الاستقبال الذي جاء بفني وعالج المشكلة، لكنني لم ارتح، فألغيت الحجز فوراً، وتفهموا موقفي، وأعادوا مقدم ما دفعته، لأصل لقناعة راسخة؛ أن الغلاء ما هو إلا غطاء لستر عيوب (الفنادق العشوائية)»!!

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!