كتاب
سيَّارة وفتاة وقارورة ماء..!!
تاريخ النشر: 28 يوليو 2024 23:30 KSA
بسمِ اللهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنَا محمَّدٍ، اللَّهُمَّ اغفرْ لِي، وافتحْ لِي أبوابَ فضلِكَ.
كانَ دعاءُ (الخروج مِن المسجدِ)، هذَا هُو مَا قُلتُهُ بعدَ صلاةِ ظهرِ يومِ السبتِ الماضِي، وكانَ فرقُ درجةِ الحرارةِ بينَ المسجدِ وخارجِهِ مثلَ الكثيبِ المَهِيلِ، ففِي داخلِهِ كانتْ ٢٠ درجةً، وفِي خارجِهِ كانتْ ٤٢ درجةً، أي بزيادةِ ٢٢ درجةً بالتَّمامِ والكمالِ، ويَا لهُ مِن صيفٍ ساخنٍ جعلَنِي أردِّدُ قولَ الشَّاعرِ:
مَتَى تَنْطَفِئُ جَمْرَةُ الصَّيْفِ
ويَهُبُّ مِنْ صَوْبِ الشَمَالِ البُرادُ
وعندَ بابِ سيَّارتِي توقَّفَتْ سيَّارةٌ فاخرةٌ، وأرْخَى سائقُهَا زجاجَ نافذتِهَا، فإذَا بِهِ فتاةٌ سعوديَّةٌ مُحجَّبةٌ فِي يدِهَا قارورةُ ماءٍ باردةٍ قائلةً: تفضَّلْ عليَّ بقبولِهَا يَا عمِّ كَي تُخفِّفَ عنكَ مِن حرارةِ الجوِّ بعضَ الشَّيءِ.
كانتْ هديةً قبِلْتُهَا بكلِّ سرورٍ، وأعادتنِي لذكرَى سنواتٍ كثيرةٍ قدْ خَلَتْ، حينَ كانتْ تمسُّنِي بعضُ همومِ الدُّنيَا التِي لَا تتركُ إنسانًا إلَّا وتمسُّهُ، أعاذنِي اللهُ منهَا وإيَّاكُم، وكانتْ فترةُ بعدَ الظَّهيرةِ هِي الفترةُ الأنسبُ للتجوُّلِ فِي الشَّوارعِ داخلَ سيَّارتِي وتوزيعِ قواريرِ مياهٍ باردةٍ علَى المُشاةِ، ولَا أُفرِّقُ بينَ شخصٍ تبدُو عليهِ مظاهرُ الثَّراءِ وبينَ شخصٍ تبدُو عليهِ علاماتُ الفقرِ، وكُنتُ أشعرُ بسكينةٍ عجيبةٍ وراحةِ بالٍ سريعةٍ، فسُقيَا الماءِ مِن أعظمِ الصَّدقاتِ التِي حثَّ عليهَا دينُنَا الحنيفُ، وأجرُهَا جزيلٌ فِي الدُّنيَا والآخرةِ، ثمَّ قطعْتُ هذهِ العادةَ الحميدةَ، وليتنَي أعودُ إليهَا فِي مقبلِ الأيَّامِ.
وبالطبعِ لَا أعرفُ الفتاةَ، ولَا أعلمُ سببَ قيامِهَا بتوزيعِ المياهِ مِن سيَّارتِهَا، لكنِّي أُشِيدُ بهَا؛ لأنَّهَا سخَّرت السَّماحَ لهَا بسياقةِ السيَّارةِ للقيامِ بعملٍ صالحٍ، وهذَا هُو ديدنُ الفتاةِ السعوديَّةِ فِي العمومِ، وإنْ كانتْ بعضُ الفتياتِ (غشيماتٍ) فِي السياقةِ، لكنَّ الأيَّامَ كفيلةٌ بتمرُّسهِنَّ وكسبهِنَّ لخبرةِ السياقةِ، كمَا كانتْ جدَّاتهنَّ فِي قديمِ الزَّمانِ يسعَيْنَ علَى النِّياقِ لمصالحهِنَّ، فِي حشمةٍ وعفَّةٍ وشرفٍ تليدٍ.
وعُدْتُ للبيتِ، وشَرِبْتُ الماءَ الباردَ، وكتبْتُ هذَا المقالَ، وأختمهُ بقولِ الشَّاعرِ:
رَبِّي خَصَّ المَاءَ بِسرِّ الحَياةِ
بِهِ تُسعدُ أنفاسُنَا الجَارِيَةُ
كانَ دعاءُ (الخروج مِن المسجدِ)، هذَا هُو مَا قُلتُهُ بعدَ صلاةِ ظهرِ يومِ السبتِ الماضِي، وكانَ فرقُ درجةِ الحرارةِ بينَ المسجدِ وخارجِهِ مثلَ الكثيبِ المَهِيلِ، ففِي داخلِهِ كانتْ ٢٠ درجةً، وفِي خارجِهِ كانتْ ٤٢ درجةً، أي بزيادةِ ٢٢ درجةً بالتَّمامِ والكمالِ، ويَا لهُ مِن صيفٍ ساخنٍ جعلَنِي أردِّدُ قولَ الشَّاعرِ:
مَتَى تَنْطَفِئُ جَمْرَةُ الصَّيْفِ
ويَهُبُّ مِنْ صَوْبِ الشَمَالِ البُرادُ
وعندَ بابِ سيَّارتِي توقَّفَتْ سيَّارةٌ فاخرةٌ، وأرْخَى سائقُهَا زجاجَ نافذتِهَا، فإذَا بِهِ فتاةٌ سعوديَّةٌ مُحجَّبةٌ فِي يدِهَا قارورةُ ماءٍ باردةٍ قائلةً: تفضَّلْ عليَّ بقبولِهَا يَا عمِّ كَي تُخفِّفَ عنكَ مِن حرارةِ الجوِّ بعضَ الشَّيءِ.
كانتْ هديةً قبِلْتُهَا بكلِّ سرورٍ، وأعادتنِي لذكرَى سنواتٍ كثيرةٍ قدْ خَلَتْ، حينَ كانتْ تمسُّنِي بعضُ همومِ الدُّنيَا التِي لَا تتركُ إنسانًا إلَّا وتمسُّهُ، أعاذنِي اللهُ منهَا وإيَّاكُم، وكانتْ فترةُ بعدَ الظَّهيرةِ هِي الفترةُ الأنسبُ للتجوُّلِ فِي الشَّوارعِ داخلَ سيَّارتِي وتوزيعِ قواريرِ مياهٍ باردةٍ علَى المُشاةِ، ولَا أُفرِّقُ بينَ شخصٍ تبدُو عليهِ مظاهرُ الثَّراءِ وبينَ شخصٍ تبدُو عليهِ علاماتُ الفقرِ، وكُنتُ أشعرُ بسكينةٍ عجيبةٍ وراحةِ بالٍ سريعةٍ، فسُقيَا الماءِ مِن أعظمِ الصَّدقاتِ التِي حثَّ عليهَا دينُنَا الحنيفُ، وأجرُهَا جزيلٌ فِي الدُّنيَا والآخرةِ، ثمَّ قطعْتُ هذهِ العادةَ الحميدةَ، وليتنَي أعودُ إليهَا فِي مقبلِ الأيَّامِ.
وبالطبعِ لَا أعرفُ الفتاةَ، ولَا أعلمُ سببَ قيامِهَا بتوزيعِ المياهِ مِن سيَّارتِهَا، لكنِّي أُشِيدُ بهَا؛ لأنَّهَا سخَّرت السَّماحَ لهَا بسياقةِ السيَّارةِ للقيامِ بعملٍ صالحٍ، وهذَا هُو ديدنُ الفتاةِ السعوديَّةِ فِي العمومِ، وإنْ كانتْ بعضُ الفتياتِ (غشيماتٍ) فِي السياقةِ، لكنَّ الأيَّامَ كفيلةٌ بتمرُّسهِنَّ وكسبهِنَّ لخبرةِ السياقةِ، كمَا كانتْ جدَّاتهنَّ فِي قديمِ الزَّمانِ يسعَيْنَ علَى النِّياقِ لمصالحهِنَّ، فِي حشمةٍ وعفَّةٍ وشرفٍ تليدٍ.
وعُدْتُ للبيتِ، وشَرِبْتُ الماءَ الباردَ، وكتبْتُ هذَا المقالَ، وأختمهُ بقولِ الشَّاعرِ:
رَبِّي خَصَّ المَاءَ بِسرِّ الحَياةِ
بِهِ تُسعدُ أنفاسُنَا الجَارِيَةُ