كتاب

مقالي.. رائحته جميلة!!

عندمَا يدخلُ المتسوِّقُ مِن أيِّ بوَّابةٍ خارجيَّةٍ لمُولٍ سعوديٍّ؛ تقرُّ عيناهُ بشيئَيْنِ اثنَينِ، هُمَا الهواءُ الباردُ الذِي يهبُّ عليهِ جرَّاء التكييفِ المركزيِّ القويِّ، عكسَ مَا هُو خارجَ المُولِ مِن حرٍّ شديدٍ، وشَمسٍ تَجرِي لمُستقرٍّ لهَا فِي كَبدِ السَّماءِ.

أمَّا الشَّيءُ الثَّانِي فهُو رائحةُ العُطورِ الجميلةِ التِي تعبقُ المُولَ، عكس مَا هُو خارجهُ مِن رائحةٍ خانقةٍ لعوادمِ السيَّاراتِ، ومَا قدْ يكونُ فِي الطُّرقاتِ مِن نفاياتٍ.


وتنشطُ فِي مُولاتِنَا تجارةُ العطورِ، وتصطفُّ فِي ضفافِهَا وممرَّاتِهَا محلَّاتُ وأكشاكُ عطورٍ كثيرةٍ، منهَا مَا هُو ماركاتٌ معروفةٌ، ومنهَا مَا غيرُ ذلكَ؛ لكنَّهُ لَا يقلُّ عَن الماركاتِ جودةً ورائحةً جميلةً.

هذَا فِي الظَّاهرِ، أمَّا فِي الباطنِ، فيحكِي لِي الطَّيرُ الأخضرُ أنَّ الشركاتِ المُتاجرِةَ فِي العطورِ، وفيهَا مسؤولًونَ أجانبُ لَا يظهرُونَ للعلنِ ويتحكَّمُونَ فيهَا، قدْ تكونُ فِي حاجةٍ لمراقبةٍ مِن وزارةِ المواردِ البشريَّةِ وشقيقتِهَا وزارةِ التِّجارةِ.


فإنْ توطَّنتْ وظائفُ البيعِ فِي محلَّاتِ وأكشاكِ العطورِ، وخُصِّصتْ للمواطناتِ السُّعوديَّاتِ، فلَا شكَّ أنَّهنَّ يعملنَ برواتبَ منخفضةٍ لَا ترقَى لجهودهِنَّ، إذْ يعملنَ واقفاتٍ تقريبًا طيلةَ ٨ ساعاتٍ، بلْ وماشياتٍ فِي مُحيطِ عملهنَّ يرْشَشْنَ العطورَ فِي الجوِّ جذْبًا للمتسوِّقِينَ، ودعوةً لهُم بإلحاحٍ للتفضُّلِ وتجريبِ العطورِ سعيًا للبيعِ، وهِي جهودٌ مُضنيةٌ لاسيَّما وأنَّهنَّ شابَّاتٌ صغيراتٌ، فمَا رأيُ وزارةِ المواردِ البشريَّةِ؟ ألَا يُعتبرُ ذلكَ نوعًا مِن الشدَّةِ غيرِ الحميدةِ بحقِّ الفتياتِ؟.

وللعطورِ نفسِهَا قصَّةٌ شائكةٌ، فمِنْ قائلٍ يقولُ إنَّها تُستوردُ أو تُجمِّعُ بالجملةِ بأزهدِ الأسعارِ، بلْ إنَّ بعضهَا هُو عيِّناتٌ مجَّانيَّةٌ مِن شركاتِ تصنيعِهَا فِي الخارجِ لوكلائِهِم فِي الدَّاخلِ، ومَا علَى التُجَّارِ سِوَى وضعِهَا فِي قواريرَ فاخرةٍ ثمَّ عرضِهَا مِن قِبل الفتياتِ للبيعِ بنسبِ أرباحٍ فاحشةٍ؛ قدْ تصلُ لعشراتِ أو مئاتِ أضعافِ التكلفةِ، وهذهِ تجارةٌ علَى حسابِ المُستهلكِينَ الغافلِينَ الذِينَ لا يستغنُونَ عَن العطورِ فِي حياتِهِم، فمَا ذنبُهُم؟ إنْ هجرُوا العطورَ بسببِ غلائِهَا سيتجنَّبهُم النَّاسُ مِن حولِهِم، ويُقالُ لهُم أُفٍّ لَكُم، إليكُم عنَّا، لَا تقربُونَا ولا مِسَاسْ!.

أمقالِي حقًّا رائحتهُ جميلةٌ؟ أتمنَّى ذلكَ.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض